يقع الكثير من الأطفال ضحايا نزوات الكبار، وكأن هؤلاء الكبار لم يكونوا يوما ما صغارا ولم يستفيدوا من التجارب التي مورست عليهم وكانوا هم ضحيتها. أن يكون الطفل ضحية أشخاص عديمي التربية الإنسانية والروحية ولقطاع الطرق فهذا أمر يمكن فهمه، لكن ما لا يمكن فهمه أو حتى تقبله هو أن يكون هذا الطفل ضحية لأقرب الناس إليه، ضحية من كان يفترض بهم أن يوفروا له الأمن والطمأنينة. قصة خالد المغربي، ما هي إلا اعترافات شاب من بين آلاف الشباب المغاربة الذين طالهم الاستغلال بشتى أنواعه، لكن حتما تختلف درجات الاستغلال ويختلف معها تأثيرها على نفسية الطفل، بل وعلى تحديد مستقبله بشكل عام. ولعل أشد الصدمات التي يتعرض لها الطفل هي صدمة الاغتصاب، التي تصدر في الغالب الأعم من الأقرباء مع كامل الأسف. أن يكون خالد ضحية اغتصاب جده فهذا ما لا يمكن قبوله على الإطلاق؛ لأنه يزعزع الثقة التي من المفترض أن تبنيها العائلة في الطفل حتى تتكون شخصيته بشكل سوي، وما يصعب فهمه هو كيف يسمح هؤلاء الأصول أن يخضعوا أحفادهم إلى تجاربهم الحيوانية، مع العلم أنه يفترض فيهم القيام بدور الحماية وتوفير الأمن النفسي والاجتماعي قبل كل شيء. إن هذه التناقضات التي تعرفها بعض الأسر المغربية مع كامل الأسف تتفرع في مجملها من منبع واحد، ألا وهو ضعف القيم الدينية والأخلاقية؛ انعدامها وأحيانا لذا هؤلاء الأشخاص. من المفترض أن الإسلام دين الأخلاق ودين العفاف، وأنه يضمن لكل الأشخاص العيش الكريم، ويحمل كل مسؤول مسؤوليته اتجاه الآخرين مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. أن يصف الجد أو هذا الأب نفسه بصفة الإسلام ويتخلى عن أهم المبادئ التي يوصي بها الدين الحنيف، ويتنكر لكل مسؤولياته الأخلاقية والتربوية، ويتجاوز حدود الله، بإخضاع طفل بريء لم يع من الدنيا شيئا إلى نزواته إن هو إلا يمثل شيطانا داخل الأمة الإسلامية، ولا يعمل إلا على تخريب كيانها وشبابها ويفقده استقامته. إن ما يمر به الشواذ داخل المغرب أو خارجه لا يمكن إلا اعتباره ثورة الضحية ضد الجاني، وما يسعون إليه من إيجاد الاعتراف بهم إن هو إلا تمرد ضد الطبيعة الإنسانية التي تم خدشها فيهم منذ الصغر. يحاولون التناقض ضد ذواتهم، وإثبات أنهم لم يجبروا على تلك الطريق وإنما اختاروها محبين لها، وهم في قرارة أنفسهم يسخطون على الأوضاع وعلى الأشخاص الذين أوصلوهم إلى ذلك الحال. بالرغم مما يحاولون الإعلان به عن أنه حقهم كجنس بشري يجب الاعتراف به؛ إلا أنهم يتمنون العودة إلى طبيعتهم الإنسانية التي خلقوا عليها، ويلقون باللوم دوما على الجاني، وعقدة الاغتصاب لا تفارقهم. إن ظاهرة اغتصاب الأطفال في مجتمعاتنا الإسلامية ينبغي ألا تبقى طي الكتمان، وإنه ينبغي كذلك من أجل إنقاذ شباب الأمة أن تطبق عقوبات جزرية أشد ردعا على الجناة، وكما أنه من الواجب تشديد العقوبة كلما كان الجاني مقربا من الطفل، لأن اغتصاب الطفل من منحرف أو قاطع طريق يمكن تفهمه، لكن ما لا يمكن تفهمه أو السماح به هو أن يحطم هذا الصغير على يد أقرب الناس إليه. وإن كان خالد تمتع بالجرأة والشجاعة، وحاول أن لا يدع مستقبله لعبة في أيدي الآخرين بسبب نزوة جد متهور، فهل يا ترى يستطيع باقي شواذ المغرب الذين أوصلتهم ظروفهم إلى هذا الواقع التمتع بنفس الجرأة وإعلان التوبة بدل الاستمرار في فساد لا يزيد إلا خرابا للمجتمع؟