حمل منتدى الكرامة لحقوق الإنسان السلطات المغربية تمام المسؤولية فيما حدث من خروقات مست من دون شك بمصداقية هذه الانتخابات، كما دعا في بيان له توصلت التجديد بنسخة منه القضاء المغربي لتحمل مسؤوليته الكاملة من أجل تصحيح الاختلالات التي شابت العملية الانتخابية. وسجل المنتدى العديد من الخروقات تمثلت في استعمال العنف من قبل ما أسماه بـمليشيات تابعة لبعض المرشحين ضد ناخبين، ومرشحين آخرين وصل إلى حد منع المواطنين في بعض المناطق من التوجه إلى مكاتب التصويت، واستمرار استعمال المال الحرام في شراء الأصوات، واستمالة الناخبين في العديد من المناطق، وتوظيف العنصر النسوي في ذلك بالاتصال بالمواطنين في الأحياء الهامشية والفقيرة، وتوزيع المال لفائدة المرشحين. وفي السياق ذاته، رصد المنتدى بعض التعسفات غير القانونية الصادرة من عدد كبير من رؤساء مكاتب التصويت، وتتمثل في رفض استعمال المداد الذي لا يمحى بسرعة، وطرد المحتجين من ممثلي الأحزاب السياسية، والإتيان في بداية الاقتراع بمحاضر موقعة على بياض، بالإضافة إلى اللجوء إلى الإنزالات المكثفة من قبل بعض المرشحين في كثير من المناطق، وذلك بنقل الناخبين إلى أماكن التصويت، وتعبئتهم وحثهم على التصويت لفائدة مرشح معينين، والتأثير على إرادتهم، ناهيك عن الحياد السلبي للسلطة المحلية والجهات الوصية على الانتخابات اتجاه كثير من حالات الخرق، حيث امتنع كثير من رجال السلطة عن تلقي شكايات المتضررين من خروقات انتخابية، وأغلق بعضهم هواتفهم النقالة وغادروا مكاتبهم. من جانبه أكد أحمد حرزني، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، على وقوع خروقات قبل وأثناء الانتخابات الجماعية، وذكر حرزني خلال لقاء صحفي لتقديم تقرير أولي حول ملاحظته للانتخابات الجماعية التي جرت في 12 يونيو الجاري، أمس الإثنين بمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أن الحالات التي رصدها المجلس قليلة، مشيرا إلى وجود بعض التوترات بين الأحزاب السياسية خلال عملية التصويت، بالإضافة إلى محاولة أحد ممثلي حزب سياسي تهريب صندوق الاقتراع، في حين حاول شخص آخر تكسير الصندوق، وأغلقت إحدى المكاتب أبوابها في وجه المواطنين فترة الغذاء. وذكر حرزني، حالات عدم تمكن بعض الناخبات والناخبين من الحصول على بطائقهم، وعدم تعرفهم على مكتب التصويت التي قد تكون موجودة به، وهو ما يطرح مستقبلا سؤال جدوى العملية لبطاقة الناخب في استحقاقات مقبلة، حسب المتحدث ذاته، خاصة إذا تم استكمال عملية تعميم البطاقة الوطنية البيومترية، وكذا الدفتر العائلي. وشدد حرزني على انعدام الولوجيات بعدد من مكاتب التصويت التي تمت ملاحظتها، معتبرا أن التنصيص القانوني على ضمان مكاتب التصويت لهذه الولوجيات قد يعتبر مدخلا ضروريا لضمان تمكن فعلي لهذه الفئة من ممارسة حقها في التصويت بشكل سهل. وأوضح حرزني أنه من خلال تحليل تقاريرالملاحظين أن محدودية الطعون الموجهة ضد قرارات لجنة الفصل قد ترجع في جزء منها على الأقل إلى الصعوبات المتعلقة بالولوج إلى القضاء (بعد أماكن التقاضي)، أوضعف نشر المعلومات المتعلقة بالمسطرة الواجب اتباعها للطعن في قرارات لجنة الفصل، وفي بعض الحالات المحدودة تعود إلى عدم علم الناخبين والناخبات بصدور قرارات التشطيب عليهم من اللوائح الانتخابية أومسطرة نقل القيد من جماعة إلى أخرى، مما فوت عليهم إمكانية الطعن، ولذا سيكون-حسب المتحدث ذاته- من الضروري التفكير مستقبلا في آليات لإعلام الناخبات والناخبين بالإمكانيات القانونية المخولة لهم، وتقريب أماكن التقاضي منهم، للمزيد من توسيع الاستفادة من الحقوق الانتخابية (خاصة التصويت والترشيح). وشدد حرزني على أن اعتماد الإقامة كمعيار أساسي للتسجيل أسهم في عدم تصويت مواطني بعض الجماعات ذات الأنشطة الاقتصادية التي تعرف حراكا للعاملين فيها (الصيد البحري، العمال الموسميون في أوراش التجهيز الكبرى، الرحل)، أوعرفت صعوبة في الوصول إليها (بفعل وضعية البنية التحتية أو الظروف المناخية)، مقترحا أن توفر الجهات المسؤولة مستقبلا مكاتب متنقلة. وانتقد حرزني ما أسماها بـ جوانب رمادية من الاقتصاد الانتخابي التي تتطلب التفكير في تنظيمها، خاصة تحديد الوضع القانوني لمساعدي الحملة الانتخابية غير المنتمين إلى الأحزاب السياسية التي يقومون بالحملة الانتخابية لصالحها، ومنع استخدام الأطفال مساعدين للحملة الانتخابية، كما أنه سيكون من المنطقي استكمال هيكلة النظام القانوني المتعلق بالتدبير المالي للحملة الانتخابية -والممكن اقتباسها من تجارب مقارنة- (الوكيل المالي، الحساب البنكي المرصود لمصاريف الحملة الانتخابية). ومن جهته شدد عبد المالك زعزاع، رئيس لجنة مراقبة الانتخابات لحزب العدالة والتنمية، على أن الشكايات المتضمنة لخروقات يوم الاقتراع التي تلقتها اللجنة توزعت بين استعمال العنف وتهديد المواطنين بالسلاح الأبيض، وتوزيع المال غير المشروع، إضافة إلى الخروقات المتعلقة بنقل الناخبين لمكاتب التصويت والضغط عليهم، والعثور على محاضر موقعة على بياض في بعض المكاتب. واستنكر زعزاع في تصريح لـالتجديد، إقفال بعض رجال السلطة لهواتفهم النقالة، ومغادرة مكاتبهم يوم الاقتراع، منددا بتدخل بعضهم للدعاية لمرشحين كما وقع بإقليم الحاجب، على اعتبار أن ذلك من شأنه التأثير على الناخبين مما يفسد العملية الانتخابية، وقيام بعض رؤساء الجماعات بتزفيت الطرقات يوم الاقتراع كما حصل مع رئيس جماعة الهرهورة.