هناك اليوم حاجة ملحة إلى إعادة طرح موضوع العفة للنقاش العلمي وصياغة أسئلة جديدة حول مفهوم العفة، وطبيعته، ودواعي طرحه، والسياق المجتمعي الذي يطرح فيه، وهل هو طرح مرتهن بالضرورة إلى المجتمعات التي لم تخضع لعملية تحديث ثقافي كامل؟ أم أن الأمر يتعدى قضية التحولات المجتمعية ويتعلق بصحوة الفطرة الإنسانية أمام واقع الانهيار في منظومة القيم ووضعية الأسرة؟ أسئلة يفرضها واقع السجال بين أطروحتين مجتمعيتين تقدر الأولى أن المجتمع يتأسس على منظومة قيمية تحتل ثقافة العفة موقعها الطبيعي ضمنها، ومن هذا المنطلق تقوم بعض الحركات بمحاولة رد الاعتبار لهذه الثقافة وتنبيه المفكرين والمثقفين والعلماء وأصحاب الرأي إلى خطورة الظواهر التي تتهدد الأسرة والمجتمع، وترى الثانية أن العفة هي نتاج منظومة أخلاقية تقليدية ستنقض عراها تدريجيا مع التحولات العميقة التي تعرفها منظومة القيم المجتمعية، ومن ثمة، تنظر إلى الحركات المدافعة عن العفة، على أساس أنها حركات لا تاريخية تسير ضد تقدم المجتمع!! وبعيدا عن هذا السجال الذي يأخذ في أغلب الأحيان بعدا إيديولوجيا، نحاول في هذا المقال أن نختبر صحة المقولتين بناء على اختيار منهجي يدفعنا إلى رصد الحركية المجتمعية المدافعة عن العفة في الغرب، وذلك لاختبار مقولة ثقافة العفة مرتهنة بنقص في مستويات التحديث الثقافي، على اعتبار أن الغرب قطع أشواطا جد متقدمة في التحديث الثقافي، وأنه لا وجود لعوائق تمنع تحقق هذا المسار كما هو الشأن في حالة بلدان العالم العربي والإسلامي. للإطلاع على الملف اضغط هنا