انتخاب عدد أكبر من النساء، نسبة اقتراع أعلى، مقاعد أقل للحزب الإسلامي ـ قد تتصدر هذه العناوين وسائل الإعلام عقب الانتخابات المحلية في المغرب في 12 يونيو غير أن هذه النتائج لن تعني أن المغاربة حققوا مساواة أكبر بين الرجل والمرأة أو متلهفين للتصويت أو علمانيين، بل سوف تكون النتيجة المباشرة للإصلاحات الانتخابية في دجنبر .2008 كانت التغييرات إيجابية في شكل عام، لكنها ركّزت على مسائل سوف تحسّن صورة المغرب بدلاً من التركيز على نقاط العجز المستمرة منذ وقت طويل في شفافية الانتخابات. انطبعت انتخابات الغرفة الدنيا في البرلمان عام 2007 بنسبة اقتراع متدنّية بلغت 37 في المائة من الناخبين المسجَّلين. ونظراً إلى أن عدداً كبيراً من المؤهّلين للاقتراع لا يتسجّلون، قُدِّرت نسبة الاقتراع الفعلية ب25 في المائة فقط من الناخبين. حتى لو استمر فتور الناخبين في الانتخابات المحلية، سوف يولّد التغيير التقني انطباعاً بأن عدداً أكبر من الناخبين توجّه إلى مراكز الاقتراع. فقد أدّت التغييرات الأخيرة في تنظيمات التسجيل إلى شطب ثلاثة ملايين ناخب عن اللوائح لأسباب عدّة، بما في ذلك عدم الرد على استفسارات الإدارة أو تدوين الشخص اسمه مرتين. ومع تسجيل 1,6 مليون ناخب جديد هذه السنة، يظل عدد الناخبين أقل ب1,4 مليون عما كان عليه عام .2007 يناهز العدد الإجمالي للناخبين المسجّلين الآن 14 مليوناً من أصل 20 مليون ناخب مؤهّل بحسب التقديرات. نظراً إلى أن نسبة الإقبال تقاس وفقاً لعدد الناخبين المسجّلين، سوف تكون النسبة المئوية أعلى إذا توجّه العدد نفسه من الأشخاص إلى صناديق الاقتراع كما في عام .2007 تتوقّع وزارة الداخلية زيادة إحصائية تلقائية في نسبة الاقتراع تبلغ ثمانية في المائة. أطلقت الإصلاحات الانتخابية الأخيرة أيضاً آليات سوف تحفّز انتخاب نساء في المجالس المحلية، ولا سيما من خلال اللوائح التي تحفظ مقاعد للمرشحات. من شأن ذلك أن يؤدي إلى زيادة النسبة المئوية للنساء في المجالس المحلية إلى أكثر من 11 في المائة، بعدما كانت أقل من واحد في المائة في الانتخابات المحلية عام .2003 سوف يكون تغييراً إيجابياً، لكن يجب ألا تُفهَم زيادة عدد النساء في المجالس المحلية بأنها نتيجة تغيير مجتمعي أكبر بل إنها محاولة هرمية من الأعلى إلى الأسفل لتحقيق هذا التغيير.سوف تكون الانتخابات المحلية الإختبار الأول لحزب الأصالة والمعاصرة الجديد الذي أسّسه الوزير المنتذب في الداخلية السابق فؤاد عالي الهمة. يعتبر الحزب أن تحسين الأداء في السياسة وتحقيق نتائج جيدة في الانتخابات المحلية سوف يكونان عاملَين حاسمين لاكتساب الزخم، استعداداً للانتخابات المباشرة المقبلة سنة .2012 وسوف يسعى حزب العدالة والتنمية الإسلامي أيضاً إلى تحقيق نتائج جيدة، بعدما كانت نتائجه في الانتخابات النيابية عام 2007 (10,9 في المائة) دون توقّعات العديد من المحللين. يستعمل القانون الانتخابي نظامين انتخابيين مختلفين: نظام نسبي مستند إلى اللوائح في البلديات الكبيرة، والدوائر الانتخابية الفردية القائمة على نظام الفائز الأول في البلديات الصغيرة في الأرياف. يعطي النظام الأخير (المستخدم في 1411 بلدية في مختلف أنحاء البلاد في مقابل 92 بلدية كبيرة)، الأفضلية للأحزاب الأقوى في المناطق الريفية، مثل حزب الاستقلال المحافظ والحركة الشعبية. أما الأحزاب التي تحظى بدعم أكبر في المدن مثل حزب العدالة والتنمية، فسوف يكون من الصعب عليها الفوز بمقاعد في الأرياف.بموجب التعديل الجديد للقانون، رُفِع عدد السكان الذي يحدّد البلديات الصغيرة التي تعتمد نظام الفائز الأول ويميّزها عن البلديات الأكبر ذات النظام النسبي، من 25 ألفاً إلى 35 ألفاً. تقول الحكومة إن هذا التغيير يسمح للبلديات بأن تستعمل النظام الانتخابي نفسه الذي اعتمدته قبل خمس سنوات، حتى لو ازداد عدد سكانها في هذه الأثناء. أما في ما يتعلق بتوزيع المقاعد في مختلف أنحاء البلاد، فهذا التعديل في مصلحة الأحزاب المحافظة التقليدية. صحيح أن التغييرات الأخيرة في القانون الانتخابي إيجابية، لكنها تتجنّب بوضوح كل الخطوات التي تجري المطالبة بها منذ وقت طويل والتي من شأنها أن تجعل الانتخابات أكثر شفافية في الإجمال. لا يزال من الصعب على أي كان أن يتابع فرز نتائج صناديق الاقتراع ونشرها، فهذا الأمر حكر على الإدارة التي تمتنع عن نشر البيانات. ولا يزال هناك غياب لأي إطار قانوني لمراقبة الانتخابات من جانب أطراف غير حزبية، مما أسفر عن احتكاكات بين المراقبين المحليين والإدارة في انتخابات ,2007 وحال دون تمكّن المجموعات المحلية من إطلاق مجهود واسع النطاق لمراقبة الانتخابات في يونيو .2009 يسجّل المراقبون شوائب في العملية الانتخابية، وعند نشر نتائج مفصّلة من دون إبطاء، قد يتبين أنها ليست منطقية دائماً. ليست هذه القصة التي تأمل السلطات المغربية أن تخبرها وسائل الإعلام عن الانتخابات، فهي تريدها أن تتحدّث عن نسبة اقتراع أعلى، وانتخاب مزيد من النساء، وعدم تسجيل زيادة كبيرة في الدعم لحزب العدالة والتنمية. جيفري ويشسلباوم ومايكل ماير-ريسندي مساعدان في مجموعة Democracy Reporting International التي تروّج المشاركة السياسية وتتخذ من برلين مقراً لها. تم إعادة طبع هذا المقال بموافقة نشرة الإصلاح العربي http://www.carnegieendowment.org/arb