سنة إلهية جارية، من أحسن تدبرها والاعتبار بها، حُفظ من التشاؤم واليأس والقنوط من الإصلاح مهما كانت قوة قبضة المفسدين.. هذه السنة هي سنة التداول بين الناس التي قال فيها الحق سبحانه وتعالى: ((وتلك الأيام نداولها بين الناس)).. وقد عبر عن هذه السنة الكونية الإلهية الشاعر المسلم الأندلسي ـ أبو البقاء الرُّنْدي ـ بقوله: لـكل شيء ـ إذا ما تم ـ نقصان فــلا يُغر بطيب الـعيش إنـسان هي الأمور ـ كما شاهدتَها ـ دول من سره زمن ســاءته أزمـــان وهـذه الدار لا تُبقي على أحـد ولا يدوم ـ على حال ـ لـها شان ونحن نريد أن نتعظ ونعتبر من هذه السنة لصالح مجالنا السياسي الناهض، وبشكل مباشر لصالح استحقاقاتنا الانتخابية التي انطلقت قبيل أيام قلائل.. ونؤكد من خلالها أن قوة الفساد والمفسدين لها نهاية كما كانت لها بداية، ولها بدائل كما كانت هي بديلا لمن قبلها.. ونهايتها بضعفها الطبيعي أو إضعافها بفعل قوة أخرى قد تكون صالحة أو فاسدة، مثلها في درجة الفساد أو أكثر منها أو أقل.. ومما يؤسف له هو أن البدائل التي تعاقبت على مجالنا السياسي واستحوذت على استحقاقاتنا الانتخابية الجماعية والبرلمانية هي التي غلب عليها الفساد، إلا من رحم ربك وهم قلة قليلة، مغمورة، مطمورة.. والسبب في تداول أهل الفساد علينا هو أن الشعب المسكين كان وعيه ضعيفا جدا بسنة الله التدافعية/التداولية، فاستسلم منذ البداية لمكر المفسدين الذين كانوا على علم بسنة التداول الكونية.. وتورط الوطن في سجن المقولة الإحباطية الدارجة ((ما تْبدل صاحبك غير بما كْرَفْ منو)). وأخذ اليأس يتغلغل في نفوس المواطنين.. والوعي بهذه السنة الإلهية يصيح فينا بقوة: لا للتشاؤم.. لا لليأس.. لا للقنوط.. نعم للأمل العريض.. نعم للطموح البعيد.. نعم للحياة الكريمة العزيزة.. حياة الكفاح والنضال بإخلاص وصدق وصبر، حتى يأتي الله باليوم الموعود. لنجعل هذه السنة الإلهية أقوى أسلحتنا في وجه قوى الفساد، لا بمعنى أن ننتظرها كي تفعل فعلها ـ نيابة عنا ـ في القضاء على قوى الفساد المسيطرة، لأنا إن انتظرناها متفرجين عليها، قد تأتي بغير ما كنا نرجو.. لكن علينا أن نحسن مسايرتها وتوظيفها لصالحنا بتسريع أثرها التدميري لقوى الفساد، وجعل برامج الأمة برجالاتها الصالحين خيارها الوحيد، أو خيارها الراجح عندها.. ((بل نقذف بالحق على الباطل فإذا هو زاهق)).