هل العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب وأروربا بالتحديد تجاوزت أزمة 11 شتنبر؟ هناك نقطتان: العلاقة بين الغرب والعالم العربي هي مع الأسف علاقة دول، أي هناك تطبيع في العلاقات أحدث تحالفا ضد الإرهاب، و بعد 11 شتنبر أصبح هناك تلاميذ جيدون انخرطوا في ذلك مثل السعودية وتونس وحتى ليبيا... لكن على مستوى العقليات والتمثلات داخل المجتمعات الغربية هناك توترا وخلطا في المفاهيم بين إسلام، وإسلاموية وإرهاب. بمعنى أن أحداث 11شتنبر مازالت مؤثرة على الأذهان والعقول، ولم تتجاوز بعد.وهذا حتى بالنسبة للقادة الغربيين، فرغم تطبيع العلاقات مع الدول العربية، إلا أنهم يطلبون من القادة العرب أن يقمعوا شعوبهم ...لكن نلاحظ أن النخبة وبعض الإعلاميين هم الذين يرددون خطابا استيهاميا عن الإسلام. صحيح أن المواطنين العاديين لهم أكليشيهات على الإسلام والمسلمين أو على اليهود واليهود عن المسلمين... لكن هذا يظل في إطار محصور داخل البيوت والمقاهي، في حين أنه عندما يأخذ هذا الإطار شرعية ثقافية وسياسية وإعلامية فحتما تكون له انعكاسات خطيرة على المجتمع وعلى سلوكات المواطنين من خوف وانعدام الثقة في الآخر المسلم. من هنا تتضح المسؤولية المعنوية للنخبة التي تنتج مع الأسف خطابا لاأخلاقيا ولامسؤولا. أما بخصوص الإعلام فهنا يجب الحذر، فأنا لا أجعل كل الجهات الإعلامية في سلة واحدة. هناك من الصحفيين من يقدمون عملا جيدا وموضوعيا، سواء كان بحثا ميدانيا أو روبورطاجا لإزالة التهم عن المسلمين. لكن الإشكال يقع دائما في الإخراج أو الصورة الملتقطة مثلا لمسلم بلحية طويلة وهو يصرخ جاحظ العينين، مثل هذه الصور لها انعكاسات سلبية أمام موضوعية العمل. وعموما فالخطاب الإعلامي يسقط في خطئ إنتاج صورة كاريكاتورية للعالم الإسلامي. ألا تعتقد أن الاسلاموفوبية ليست وليدة اليوم، بل ترجع إلى العصر الوسيط من خلال الأدب؟ صحيح أن التخويف من الإسلام هو خطاب قديم جدا ودائم، كما هو موجود في مجموعة من النصوص الأدبية. لكن لكل مرحلة خطابها وفق الحاجيات والرغبات. في ذلك الوقت كانت الحاجة لإبراز تفوق المسيحية على الإسلام. بعد الثورة الفرنسية أصبح العداء للإسلام باسم العالمية، بعدها وجب استعمار الشعوب الإسلامية قصد تحضرها وإخراجها من الظلامية. الآن هناك خطاب يرتكز على انعدام القدرة، أي عندما لا نجد حلولا للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تسقط النخبة السياسية مشاكلها على عدو معين وهو الإسلام. مثلا الفشل الدراسي مرده إلى مشكل الحجاب، مشاكل المستشفيات مردها إلى أن هناك نساء مسلمات يفرضن طبيبات للكشف عنهن. وهكذا... فالإسلام أو المسلمون يستخدمون ككبش فداء لصرف نظر المواطنين عن مشاكلهم الحقيقية... اليوم يقدم الإسلام على أنه ضد الكونية، ولذلك حتى عندما نتحدث عن مسلم معتدل نقول إنه بين الإسلام والكونية، علما أن المسلم الملتزم يمكن أن يكون عالميا ويعترف بالآخر. المشكل أن العالمية لا تعطي الحق للمسلم الذي يؤمن بعقيدته أن تكون له رسالة عالمية. أي أننا بالرغم من انفتاحنا على الإسلام فلا نقر أنه دين عالمي، ولكن نقول دين مختلف ولا يقر بالمساواة وبالتحرر وبالحقوق الكونية. ما رأيناه مؤخرا من تضامن مع غزة، هل يعني تحولا في أوروبا اتجاه العالم الإسلامي؟ هذا الجانب اشتغلت عليه كثيرا، والحقيقة أن المسألة مختلفة تماما. فالتضامن مع فلسطين ناتج عن تنامي النقد الموجه لإسرائيل في أوربا، الناس تعبوا من السياسة الإسرائيلية اتجاه الفلسطينيين. لكن في الوقت نفسه نجد أن الناس الذين خرجوا في مظاهرات تضامنية مع غزةوفلسطين، نجدهم يرددون خطابا سلبيا ضد الحجاب مثلا... يعني بجانب التعاطف مع فلسطين نجد الإسلاموفوبيا، وقد شاهدت هذا التناقض. وبالتالي بالنسبة لي وبصدق هذه المظاهرات لا تعني تراجع ظاهرة الإسلاموفوبيا بأروبا بقدر ما هو تعب مما تفعله إسرائيل.