انطلقت يوم الأربعاء 13 ماي 2009 في مدينة غرناطة الإسبانية فعاليات مؤتمر حول الموريسكيين تحت شعار الموريسكيون: تاريخ أقلية، وذلك بمناسبة مرور 400 عام على هذا الحدث التاريخي، ويقام المؤتمر العام الحالي، لبحث موجات النفي والطرد المتعاقبة التي تعرض لها الآلاف من المسلمين لاجتثاثهم من الأراضي الإسبانية على أيدي الملوك الكاثوليك: فرناندو وإيزابيل. هذا الحدث الذي حظي باهتمام واسع من لدن وسائل الإعلام الإسبانية ومراكز البحث والجامعات والباحثين من مختلف دول العالم، يسلط الضوء على قضية تجاهلها إسبانيا الرسمية لقرون، ولم تلق سوى الصمت من جانب الحكومات الإسبانية المتعاقبة بالرغم من أن إسبانيا ما بعد فرانكوا قطعت مراحل مهمة في تصالحها مع ماضيها وذاكرتها التاريخية، وبالرغم من أنها اعترفت بخطأها التاريخي إزاء عمليات الطرد التي تعرض لها اليهود إبان نفس الفترة الزمنية، وقدم الملك خوان كارلوس اعتذاره لإسرائيل مرتين، لكنها ما تزال تتهرب من الإقدام على ذات الخطوة في تعاطيها مع ملف المسلمين الذي طردوا بطريقة مهينة من وطنهم وجردوا من ممتلكاتهم ليعيشوا التشرد في مختلف قارات العالم وفي المغرب على الخصوص حيث استقر أغلبية المرحلين، واندمجوا مع المغاربة في شمال المغرب. العلامة الدكتور أحمد الريسوني أوضح في اتصال مع التجديد على أن قضية مسلمي الأندلس لا تجد من يدافع عنها ويروج لها في المحافل الدولية والأكاديمية والإعلامية، كما هو الشأن بالنسبة لليهود الذين اعتذرت لهم إسبانيا الذين يدافعون بقوة وشراسة عن قضاياهم الحقيقية والوهمية، فاليهود كما يقول يأخذون ما يريدون وما لا يستحقون والمسلمون يهضم كل ما يستحقون، مشيرا إلى الأصوات القليلة لبعض المؤرخين والنشطاء الحقوقيين المدافعين عن ملف الموريسكيين، لكنها كما يقول أصوات ضعيفة ومبحوحة لايمكن أن تفرض على الدولة الإسبانية ولا على حكومة الأندلس ولا على البابا الاعتذار والاعتراف بهذا الخطأ التاريخي، بحكم ضلوع البابا في ذلك الوقت في الجرائم والفظاعات التي ارتكبت في حق مسلمي الأندلس. ونبه الريسوني إلى ضرورة تحرك الحكومة المغربية والبرلمان المغربي والمغاربي لإصدار توصيات ونداءات من أجل تحقيق شيء من الإنصاف ولو الإنصاف العلمي والتاريخي، لكن الريسوني تأسف على تجاهل المغرب الرسمي لهذه المأساة، قائلا هم مهتمون فقط بأن يعتذروا ويتملصوا من أبنائهم ومهاجريهم، وتابع: ليس عندنا مسؤولون سياسيون في مستوى مناقشة هذه الأمور وفرض احترام تاريخ المغرب والمغاربة على إسبانيا، ووصف هؤلاء السياسيين بأنهم لا يطلبون أي شيء سوى المغفرة والصفح من الآخرين. وأشار الريسوني إلى الشعور بالمظلومية الذي يعم الأندلسيين على الخصوص الذين أرغم أجدادهم المسلمون على اعتناق المسيحية كرها وتحت التهديد بالقتل والتصفية، واصفا هذا الشعور بكونه نوع من اليقظة والإحساس الحضاري والإنساني لدى الأندلسيين، وهو الأمر الذي دفعهم إلى القيام بعدد من التحركات لإيقاظ الضمير الإسباني وتحسيسه بهذه المأساة. يذكر أن المؤتمر الذي ينعقد في غرناطة ستنتهي أشغاله غدا السبت، ويشرف على تنظيمه مؤسسة تراث الأندلس والجمعية الحكومية للتكريمات الثقافية، وجامعة غرناطة، ويشارك فيه باحثون من المغرب والجزائر وتونس وفرنسا والبرتغال والولايات المتحدة، وهولندا وبريطانيا وإيرلندا، ومالي وايطاليا بالإضافة إلى إسبانيا.