كشفت وثيقة صدرت حديثا عن مؤسسة الملك عبد العزيز أن 44,41 في المائة من الرسائل الجامعية التي قام بها المغاربة داخل المغرب وخارجه في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية باللغة الفرنسية، وأظهرت هذه الوثيقة التي رصدت 9769 رسالة جامعية، هيمنة الفرنكفونية على مجال البحث العلمي في المغرب، حيث أكدت أن اللغة الفرنسية تطغى بالمطلق في مجموعة من التخصصات، بحيث تمثل 100 في المائة بالنسبة للديمغرافيا والفن وعلم الآثار القديمة والتعمير والفنون والهندسة المعمارية والإثنولوجيا، وتطغى على تخصصات أخرى كالاقتصاد 96,52 في المائة واللسانيات 71,36 في المائة والجغرافيا 66,67في المائة، والعلوم السياسية 65,38 في المائة، وعلم الاجتماع 65,84 في المائة، وعلوم الإعلام 64,34 في المائة، والأنثروبولوجيا 97,37 في المائة، وفي المقابل، كشفت هذه الوثيقة، والتي تعتبر أول حصيلة جامعة للبحوث الجامعية، أن اللغة العربية لم تهيمن إلا على بعض التخصصات كالأدب 70,11 في المائة، والفلسفة 77,33 في المائة، والتاريخ 68,25 في المائة، وعلوم التربية 56,99 في المائة، وعلم النفس 52,27 في المائة. من جهة أخرى كشفت هذه الوثيقة هزالا كبيرا في مردودية البحث العلمي في المغرب، إذ لم يتعد مجموع الرسائل والبحوث خلال نصف قرن، أي من سنة 1955 إلى سنة 2008 عشرة آلاف رسالة جامعية (9679)، وأن معظم هذه الرسائل 85,54 في المائة يتوزع على سبعة تخصصات هي الأدب والقانون والاقتصاد والدراسات الإسلامية واللسانيات والتاريخ والجغرافيا. وفي تفسير له لهذه المعطيات اعتبر، هشام بلاوي، أستاذ جامعي مختصص في قضايا البحث العلمي، هذه الحصيلة نتيجة طبيعية للسياسة التعليمية الخاصة التي تركت هذا القطاع مرتهنا لخدمة قضايا البحث الفرنسي بعيدا عن الاهتمامات الوطنية، ومما يزكي ذلك يضيف بلاوي، قضية التمويل، ذلك أن الباحث يضطر، في غياب الدعم الوطني للبحث العلمي، إلى عقد شراكات مع دول أجنبية، وبخاصة فرنسا، مما يجعل المشاريع البحثية المغربية تصب في المصلحة الوطنية الفرنسية، إضافة إلى ضعف تحكم الأساتذة الباحثين في اللغة العربية، والذي يدفعهم إلى صياغة مشاريعهم البحثية باللغة الفرنسية. وبخصوص محدودية الإنتاج العلمي في المغرب؛ انتقد بلاوي التراجع الكبير الذي بدأ المغرب يسجله بالقياس إلى الدول العربية والإسلامية، بل وحتى الإفريقية، إذ احتل الرتبة السادسة مسبوقا بكل من مصر وتونس والجزائر ونيجيريا وكينيا، وعزا ذلك من جهة إلى ضعف الإمكانيات والموارد البشرية المخصصة لهذا القطاع، ومن جهة ثانية إلى غياب إرادة سياسية تدفع هذا القطاع إلى التقدم، وتجعل من الموازنة المخصصة للبحث العلمي في مستوى التطلعات الوطنية. يذكر أن وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي أصدرت دراسة في مارس 2006 عن رؤية واستراتيجية البحث العلمي في أفق 2025, أشارت في الجزء المخصص لتحليل واقع البحث العلمي في المغرب إلى أن نصف الإنتاج العلمي في المغرب، أي حوالي 300 بحث، ينجزه 5 في المائة من الباحثين الجامعيين، فيما أشار تقرير المجلس الأعلى للتعليم حالة منظومة التربية والتكوين وآفاقها أن البحث العلمي في المغرب يسهم في الإنتاج العلمي العالمي بنسبة لا تتعدى 0,87 في المائة.