تراهن الحكومة المغربية إزاء الوضعية الاقتصادية الصعبة، على الاستهلاك الداخلي والاستثمارات العمومية، ولكن هذا الاستهلاك يعرف العديد من التحديات، تتعلق أولا بارتفاع الأسعار واستمرار هذه الوتيرة دون تدخل الجهات المكلفة بالرقابة، ومن ثم يقلص المواطن المغربي من استهلاكه، ويقتصر على الحد الأدنى منه، حتى إن بنك المغرب يتوقع انخفاض وتيرة الاستهلاك خلال السنة الجارية. وتزداد الصورة قتامة إذا علمنا أن متوسط نفقة الفرد سنة 2007 بلغ 31 درهما، مقارنة مع 23 درهما سنة 2001 حسب المندوبية السامية للتخطيط، فكيف يمكن للمغربي أن ينفق هذا المبلغ الذي لا يكاد يغطي وجبة من الوجبات الغذائية اليومية، إلا أن أرقام المندوبية تخفي وراءها العديد من المعطيات: المعطى الأول مرتبط بالمغاربة الذي لا يكادون ينفقون هذا المبلغ، حيث تشير أرقام المندوبية إلى أن عدد الفقراء بالمغرب يصل إلى مليونين و800 ألف فقير، بالإضافة إلى 5 ملايين فرد قاب قوسين أو أدنى من الدخول إلى هذه الخانة، وبالتالي فإن ثلث المواطنين المغاربة لا يملكون الحد الأدنى للعيش الكريم، ثم نطالبهم بالمساهمة في الاستهلاك؟ ولذلك لا يمكن للمواطن أن يتفاجأ أمام ارتفاع معدلات الجريمة والتهميش والهجرة السرية والدعارة والطلاق وأطفال الشوارع ودور الصفيح وكل أنواع الاختلالات الاجتماعية، أمام هذا الكم الهائل من المواطنين الذين يعيشون في الهامش. المعطى الثاني مرتبط بالإنفاق الكبير لشريحة من المجتمع، وهي نسبة قليلة، إلا أن البعض من هذه الشريحة لا ينتبه إلى أن طريقة حصوله على هذه الثروات موضع تساؤل، ومن ثم فإن إعادة النظر في توزيع الثروة والحد من اقتصاد الريع وطريقة الاستهلاك بات ضروريا حتى يمكن الحد من الفوارق الاجتماعية التي تزدادا اتساعا، دون إغفال سياسة من أين لك هذا، ومحاسبة المتورطين في اختلاس أموال الشعب. وفي ظل هذه الظرفية الصعبة فإن نفقات المواطن في خطر؛ على اعتبار أن نسبة النفقة الغذائية تشكل 40,6 في المائة سنة 2007 من مجموع النفقات، مقابل 41,3 في المائة سنة 2001 وأنه بقدر ما يرتفع مستوى العيش، ينخفض حجم المواد الغذائية في مالية الأسر، حسب تحليل أحد أطر المندوبية السامية للتخطيط. ومن المتوقع أن تتأثر النفقة الغذائية للفرد التي بلغت سنة 2007 12درهما فضلا على المخاطر التي تحدق النفقة اليومية للأسرة التي تبلغ 160 درهما.