تساءلتم في رسالتكم التي وجهتموها إلى السيد سيرج بريديغو رئيس الطائفة اليهودية في المغرب عن خلفية تأخر صدور موقف هذه الطائفة من العدوان الإسرائيلي على غزة، كيف تقرؤون دلالة هذا التأخر؟ هذا في الحقيقة لا يمكن أن يقرأ إلا على أساس أنه تواطؤ، إذ لا يعقل أن يدمر العدو الصهيوني غزة ويقصفها بالكامل ويقتل المدنيين لمدة أسبوعين في ظل صمت رهيب من قيادة هذه الطائفة، ثم يصدر بعد ذلك موقف بتلك الرعونة يساوي بين الضحية والجلاد. كان المفترض، ما دام السيد سيرج بريديغو عهد إليه مهمة سفير المغرب المتجول أن يكون أول مبادر لإدانة العدوان الإسرائيلي على غزة بحكم أنه أعطيت له صفة الحديث باسم الملك وباسم المؤسسات وباسم الشعب ، لكن يبدو أن الموقف الذي أصدره كان مهزلة بجميع الاعتبارات، ولذلك، فأنا لا يشرفني كمغربي وكجزء من هذا الشعب أن يمثلني هذا السفير، ولعل من الحكمة أن يقال من هذه المهمة أو يعفى منها تماما. لكن هذا الموقف لم يكن موقف جميع اليهود في المغرب؟ أنا لا أتحدث عن جميع اليهود، إنما أتحدث عن التوجه الذي صاغ هذا الموقف وإلا فهناك استثناءات مشرفة عبر عنها مجموعة من المثقفين اليهود مثل أسيدون وإدمون المالح وشيمون ليفي، وهي مواقف تتماشى مع المواقف القومية التي عبرت عنها الشعوب العربية في إدانة الاحتلال والعدوان الصهيوني على غزة. في الحقيقة، ما يثير في موقف رئيس الطائفة اليهودية شيئان الأول يتعلق بالمصطلحات التي استعملها إذ لم يتحدث بيان الطائفة عن الطائفة اليهودية، وإنما تحدث عن الجالية الإسرائيلية في المغرب، وهذا شيء خطير لا يمكن أن نقبل به، فليس عندنا في المغرب جالية إسرائيلية، وإنما عندنا طائفة يهودية، فإسرائيل لا تعني المغاربة في شيء، أما الأمر الثاني، فيتعلق بالتسوية بين الضحية والجلاد، إذ لا يمكن أن يقبل عاقل أن نسوي بين شعب محتل يدافع عن نفسه وعن وأرضه ويتشيث بخيار المقاومة الذي يعتبر حقا من حقوق الإنسان، وبين المحتل الذي يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا يمكن حتى بالمقياس العسكري أن نسوي بين من يضرب بطائرة 61ئ، وبين من يدافع عن نفسه بصارو القسام، ولذلك، فهذا الموقف الذي عبر عنه سيرج بيرديغو لا يعنيني ولا يمثلني وأنا أطالب يإقالة هذا السفير، وأن تنزع عنه صفة تمثيل الشعب. صحيح أن هذا الموقف قد جلب علي سخطا كبيرا، لكن هذا في الحقيقة يشرفني، وهو وسام شرف أضعهلا على صدري. بماذا تفسر حالة الفرز الموجودة في الطائفة اليهودية في العالم بخصوص العداون الصهيوني على غزة؟ لا يمكن اليوم أن نتحدث عن موقف واحد ينتظم الطائفة اليهودية في العالم، وقد مثلت لذلك باليهود في إيران واليهود في أمريكا اللتينية، وحتى في أوربا وقع انشقاق في الموقف، فهناك الآن مثقفون يهود يثورون على قيادات الطائفة اليهودية، ويرفضون أن تتحدث هذه الجمعيات باسمهم كما في بلجيكا وهولندا والدانمارك وفرنسا، ويمكن أن نسوق في هذا الإطار الرسالة القوية التي نشرها جون دانييل، والتي تستنكر بقوة الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين، بل إننا سمعنا بالأمس خبرا مفاده أن جامعات فرنسية تدعو إلى إعادة النظر في التعامل مع الجامعات الإسرائيلية، وهو في الحقيقة ما يعبر عن مفارقة كبيرة بالنظر إلى ما يعرفه المغرب من مسارعة نحو التطبيع مع الجامعات والمؤسسات الإسرائيلية المعنية بالبحث العلمي.