بدأت موجة الأزمة المالية العالمية تعصف بقطاعات حيوية في المغرب، ومع تراجع قيمة صادرات الفوسفاط وتحويلات المهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج، ومداخيل الأسفار، فإن القلب النابض للمملكة بات مهددا، وهو ما يعني أن عاصفة الأزمة ستعمق من التنمية السوسيواقتصادية مؤشرات كثيرة هي المؤشرات التي تدل على أن عاصفة الأزمة المالية بدأت تحصد الأخضر واليابس في المغرب، قيمة صادرات المغرب في الفوسفاط عرفت تراجعا بـ48 في المائة خلال دجنبر من السنة الماضية؛ مقارنة مع نفس الفترة من سنة ,2007 منتقلة من 2 مليار و347 مليون درهم إلى مليار و221 مليون درهم. وتأتي هذه التراجعات بعدما حافظت قيمة الصادرات على ارتفاعها خلال الأشهر الأولى من سنة 2008 إلى غاية نهاية يونيو حيث سجلت 6 مليارات و536 مليون درهم، لتبدأ في الانخفاض منذ يوليوز إلى غاية نهاية السنة، باستثناء شهر شتنبر. ووفق إحصاءات مكتب الصرف فإن الأمر لم يقتصر على عائدات الفوسفاط، بل امتد ليشمل كل من مداخيل الأسفار وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج والموجودات الخارجية، حيث تراجعت ب3,5 و2,4 و5,5 في المائة على التوالي. مداخيل الأسفار تراجعت بـ2 مليار و75 مليون درهم، وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بمليار و343 مليون درهم، والموجودات الخارجية ب11 مليار و399 مليون درهم. وفي تعليق له على هذه المعطيات أكد محمد ياوحي أستاذ الاقتصاد بالجامعة أن تراجع قيمة الفوسفاط مرتبطة بالوضعية الاقتصادية على الصعيد الدولي، وهو مرتبط بانخفاض الطلب الخارجي على المواد الأولية التي تدخل في الصناعة، فضلا على التراجع الطلب على صادرات المغرب. وبخصوص تراجع قيمة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، أوضح أن أغلبية هذه الشريحة تعمل في قطاعات غير مضمونة، مثل قطاع العقار والسياحة، وبالتالي فإن نسبة العائدات تراجعت؛ على اعتبار ارتفاع البطالة في صفوفهم، وفي ظل ارتفاع تكلفة المعيشة في الدول الأجنبية فإن التحويلات ستعرف تقلصا. إشكالات أوضح نجيب بوليف، الخبير الاقتصادي أن الإشكال هيكلي في العمق، مشيرا إلى أن أسعار المواد الأولية، بما فيها الفوسفاط ارتفعت خلال أواخر 2007 والنصف الأول من ,2008 وخلال هذه الفترة المغرب لم يرفع حصته من ناحية الحجم، ورفع من فارق الأسعار، وعندما انخفضت الأسعار خلال الفصل الثاني من السنة الماضية، حقق المغرب رقما أقل من المتوقع بحوالي 18 مليار درهم نتيجة تراجع الأسعار، إذ توقع المكتب أن يصل إلى 64 مليار درهم. وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة الماضية تقلصت مشتريات الفوسفاط، لأن الزبائن يتوفرون على مخزون، حسب المصدر ذاته، الذي قال إن مسؤولي المكتب حاولوا التحكم في سوق الفوسفاط، إلا أنهم لم ينجحوا في هذه الاستراتيجة؛ على اعتبار أنها بنيت على معطيات، وتبين أن هناك مشكلا حقيقيا، والأسعار عرفت تراجعا. وأكد على أن المغرب سيعرف صعوبات خلال هذه السنة بخصوص بيع المنتوجات وتحديد قيمة الأسعار، لأن ذلك له تأثير على نسبة الاستثمارات المستقبلية للمكتب. من جهته أكد مصدر من المكتب الشريف للفوسفاط أن المكتب انخرط في مخطط جديد للرفع من مردوديته، سواء على مستوى المواد البشرية والهيكلية للمكتب أو على مستوى الاستثماري، مشيرا إلى أن الأزمة المالية العالمية كان لها الوقع على العرض والطلب بخصوص الفوسفاط المغربي. استراتيجية تراجع قيمة صادرات المفرب في الفوسفاط بأزيد من النصف تطرح أكثر من سؤال، فهل هي مرتبطة بالظرفية الاقتصادية العالمية، أو أن الأمر مرتبط بالسياسة المعتمدة في القطاع؟ أبرز ياوحي أن تراجع قيمة صادرات الفوسفاط في المغرب هو نتيجة للأزمة المالية العالمية أكثر منه ارتباطا بالسياسة المعتمدة في القطاع، مشيرا إلى أن المجال بدأ يعرف تنافسا كبيرا، مما سيجعل بعض زبناء المغرب يتحولون إلى وجهات أخرى، مضيفا أن تراجع السياحة أيضا مرتبط بالوضعية الاقتصادية العالمية. وبخصوص تراجع مداخيل الأسفار، أكد على أن هذا القطاع مرتبط بالسياحة والحركية التجارية، وتراجعهما سينعكس سلبا على مداخيل الأسفار. وأثار ياوحي بعض الفرص الممكن استغلالها في ظل الأزمة، مثل انخفاض أسعار المحروقات، والاستثمارات التي يمكن أن تنتقل من أوربا إلى المغرب، لأن التكاليف أقل في مجال الخدمات والأنشطة الصناعية، وبذلك يمكن استثمار العديد من الفرص. من جهته، قال المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط مصطفى التراب خلال يونيو الماضي إن المكتب يعتزم القيام باستثمارات مكثفة بغرض العمل على خفض أثمنة الفوسفاط التي عرفت ارتفاعا منذ يناير الماضي. وأضاف التراب، في حديث نشرته أسبوعية جون أفريك: أننا سنستثمر، وأن هذا سيعمل على خفض الأثمنة، معتبرا أنه على المدى البعيد فإن طنا من الفوسفاط الذي يبلغ ثمنه 300 دولارا، سينزل إلى حوالي 100 دولار. وقال التراب نحن نتعامل مع أغلب زبنائنا منذ 30 أو 40 سنة، والمغرب يتوفر على من 50 إلى 70 في المائة من الاحتياطيات العالمية من الفوسفاط، أي أزيد من ألف سنة من الإنتاج، مبرزا أن الرؤى القصيرة الأمد أو التي تستهدف المضاربة، قد تقضي على السوق.