يروج التطبيعيون مع العدو الصهيوني بين فترة وأخرى حججاً بليدة لتبرير تورطهم في علاقات تعاون وتنسيق - سري أو علني - تعتمد في مجملها على مقولة ساذجة، مستنسخة من دعوى أكثر سذاجة أطلقها الرئيس المصري الراحل أنور السادات لتحطيم ما أسماه بالحاجز النفسي الذي يفصل العرب عن الصهاينة، زاعماً أنه بتحطيم هذا الحاجز سيتحقق حلم السلام المستحيل، بصرف النظر عن استعادة الحقوق العربية المغتصبة أو تحرير كل الأراضي المحتلة . مقولة تحطيم الحاجز النفسي كمبرر للتطبيع فضلاً عن اختزالها الصراع العربي الصهيوني، وهو اختزال مخل وخاطئ، تجعل العمل السياسي والثقافي والإعلامي منوطاً بأطباء وخبراء التحليل النفسي، وتنقل الصراع من ساحاته الواقعية إلى خلف جدران المصحات النفسية ومراكز العلاج والتأهيل العصبي والنفسي، وهو ما فعله فعلاً أحد الأطباء النفسيين المقربين جداً من السادات والذي ربطته به فيما بعد علاقة مصاهرة لم تدم. وبعد نحو 30 عاماً من إطلاق السادات لأول معاهدة صلح عربية مع إسرائيل، وما تضمنته من بروتوكولات تعاون وتطبيع ثقافي وعلمي وإعلامي، وبعد تعثر كل تلك البروتوكولات رسمياً وشعبياً بفضل المقاومة الشعبية للتطبيع مع إسرائيل، يتجدد الحديث عن التطبيع كوسيلة لدفع عملية التسوية مع الشعب الفلسطيني ومع الحكومة الإسرائيلية التي حددت هدفها في تجريد الفلسطينيين من أدنى مكسب حصلوا عليه عبر اتفاقيتي أوسلو 1 - 2 وواي بلانتيشن، وفرض واقع جديد يصادر على حلم الدولة، ويطمس معالم القدس العربية ويعمق تهويدها للأبد. أصحاب حجج التطبيع مع إسرائيل يخادعون أنفسهم، أو واهمون منساقون خلف وهم زائف لتبرير خرق واضح على الأقل لما يعتبر إجماعاً عربياً على غلق مسار التطبيع إلى ما بعد تحقق السلام الشامل والعادل وتحرير كل الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس والجولان، وفقاً لقرارات القمم العربية بعد فاجعة +الهرولة؛ الشهيرة. ويتهرب أصحاب هذه الحجة البليدة من طرح تساؤل: كيف يسهم تطوير علاقات تعاون مع إسرائيل في كبح جماح جرائم جيشها الذي ينفذ مخططاً صهيونياً شاملاً في عدوانه على الشعب الفلسطيني، لا يقف عند حد الاغتيالات وعمليات تصفية قيادات المقاومة. ويتناسى أصحاب هذه الحجة البليدة، أن الولاياتالمتحدة بوصفها الطرف الدولي الأوحد صاحب التأثير الفعال على إسرائيل، حددت سقفاً لتدخلات أي طرف آخر سواء كان إقليمياً أو دولياً، ينحصر فقط في مساعدة إسرائيل للقضاء على المقاومة الفلسطينية، وضمان أمنها وعدم تعرضها لهجمات فلسطينية انتقامية من جرائم الجيش الإسرائيلي.