عندما رافقت صديقتي البلجيكية إلى قسم المستعجلات في مستشفى سان بيير في بروكسل لإسعاف ابنها المريض، اندهشت للمعاملة الانسانية التي قوبل بها، وتكرر الشعور نفسه عندما زرت أخي في مستشفى بيشا بباريز والذي كان يعمل هناك قبل التحاقه بمستشفى ابن سينا بالرباط، كان أول ما تبادر إلى ذهني هو صور معاناة المرضى في بلادنا مع بعض الأطباء والممرضين الذين لا يتركون فرصة لإهانة المريض إلا واغتنموها، علاوة على إمكانيات وزارة الصحة التي تجعل مستلزمات العلاج شحيحة أحيانا ، ما يجعل المستشفيات في نهاية المطاف مسلكا نسأل الله تعالى أن لانلجه ويمتعنا بالصحة والعافية ما حيينا. لقد ظللت مقتنعة أنه يلزمنا قرن من الزمن لنصل الى ما وصلت إليه أوربا في معاملاتها الإنسانية في مستشفياتها إلى أن قدر لي أن زرت أمي المريضة في قسم المستعجلات بمستشفى المختار السوسي بتارودانت خلال الأيام الأخيرة، فأيقنت أن جزءا من بلادنا ـ على الأقل ـ بخير وأنه مازال هناك من يؤمن إيمانا كبيرا بمهمة الطبيب والممرض التى أقسم عليها قسما مقدسا قبل التعيين. لقد تلقينا ونحن نزورها يوميا من طاقم المستعجلات كل المعاملة الحسنة والوجه البشوش، وأخص بالذكر الدكتور الذي كان صورة للطبيب الرحيم الهادئ المتواضع، وكذلك الممرض اللطيف وغيرهم، حتى عاملات النظافة يحافظن على ودهن ومعاملتهن الحسنة، حيث لم يبخلوا جميعا بالرعاية في مستشفى غاية في النظافة والخضرة والبهجة. إن هذا المنظر الذي قلما نجد الحديث عن أمثاله في صحافتنا المغربية جعلني أنتهز الفرصة للإشادة بهذا الطاقم الطبي وحث باقي الأطر الطبية للاقتداء بهؤلاء المواطنين الذين يشرفون البلد ويقدرون مهنة من أسمى المهن الإنسانية. وهنا أهيب بوزيرة الصحة السيدة ياسمينة بادو للوقوف على هذا المستشفى والتنويه بالعاملين به وإرسال وفد صحي ليرى أن الصحة في جزء من بلادنا ما زالت بخير وتحتاج إلى تعميم نموذجها على مستشفيات كافة أرجاء المملكة.