نفى مصدر بالمكتب الشريف للفوسفاط أن يكون إيقاف الوحدة الإنتاجية بالجرف الأصفر بسبب مشكل معين، وأكد أن المكتب الشريف للفوسفاط دأب في كل حين على إيقاف وحدات إنتاجية يحددها من أجل الصيانة فقط، وليس لأي سبب آخر. غير أن مصدرا آخر بالمكتب نفسه، طلب عدم ذكر اسمه، اعتبر أن توقف وحدة الجرف الأصفر عن الإنتاج، إنما يدخل في إطار استراتيجية المكتب الشريف للفوسفاط نحو السوق الدولية، مضمونها التحكم في السعر عبر التحكم في الإنتاج. بسبب تقلبات أسعار المواد الأولية من جهة، وتأثيرات الأزمة العالمية من جهة ثانية. هذا، ويتوقع أن تعرف أسعار الفوسفاط الخام انخفاضا في السوق الدولية خلال السنة المقبلة، في حين بدأت أسعار الحامض الفوسفوري تتجه نحو الانخفاض بدورها، ويرى المراقبون أن الأزمة العالمية الحالية، إضافة إلى المنافسة الحادة على مستوى السوق الدولية للفوسفاط، وتراجع أسعار المواد الأولية، تطرح عدة تساؤلات حول مدى قدرة المكتب الشريف للفوسفاط على إدارة الأزمة بنجاح، وتنفيذ ما أعلن عنه بخصوص البرنامج الاستثماري 20122008 الذي تصل كلفته نحو 37 مليار درهم.وعرفت صادرات الفوسفاط ارتفاعا خلال السنة الجارية حتى غشت ,2008 بنسبة 212% بينما ارتفع الحامض الفوسفوري بـ 189%، فإن الأزمة العالمية الحالية لابد وأن تؤثر على ما تحقق خلال السنة الماضية، وتراجع أسعار النفط في السوق الدولية، ثم انخفاض المواد الأولية، من شأنه يطرح أكثر من مشكلة. بين الارتفاع في أسعار الفوسفاط ومشتقاته خلال بداية السنة الجارية، والانخفاض الذي تتجه إليه مع نهاية السنة نفسها، كانت هناك توقعات، يقول مصدر مختص في الطاقة، تؤكد أن هذه المادة الحيوية في السوق الدولية تتجه نحو دورة تنموية يرجح أن تمتد لأمد 5 سنوات على الأقل، غير أن ما يقع حاليا، يقول المصدر ذاته، يؤكد أن تلك التوقعات التي تم بناء عليها وضع برنامج استثماري بتكلفة 37 مليار درهم، ليس دقيقة. ويرى المصدر نفسه أن الفوسفاط يعرف خلال كل 20 إلى 25 سنة دورة تنموية، فخلال سنة ,1973 ومع أزمة البترول في العالم نتيجة حرب أكتوبر بين العرب والكيان الصهيوني، شهدت أسعار الفوسفاط ومستقاته ارتفاعا بسبب ارتفاع الطلب عليه، وهو ما مكن المغرب من عائدات مهمة ساهمت في توازن ميزانه التجاري، وإطلاق مشاريع كبرى حينها. لكن بعد ذلك عرفت هذه المادة الحيوية نفسها أزمة خاصة في التسعينيات، على حدّ قوله. ثم أضاف أنه مع بداية سنة ,2008 التي كان يتوقع أن تكون بداية دورة تنموية إيجابية جديدة، وبسبب الأزمة العالمية التي أدت إلى انخفاض في الأسعار، يؤكد أن هذه الدورة لن تسير إلي نهايتها. أما ما يزيد الوضع تعقيدا أمام المغرب خلال السنوات المقبلة، يقول المصدر، هو أنه بالإضافة إلى تقلبات الأسعار، هنالك منافسة شديدة بدأت ومن المتوقع أن تستد في المستقبل القريب والمتوسط، خاصة من لدن السعودية وسوريا والولايات المتحدة والبرازيل، الأمر يطرح السؤال حول الاستراتيجية التي يلجأ اليها المغرب؟. لكن مما يجب الانتباه إليه، يقول المصدر دائما، هو أن الأزمة العالمية لن تؤثر على المغرب لوحده، ففي البرازيل مثلا، هناك توقف في أشغال مشروعها لإنتاج الفوسفاط وتصديره، وهو ما يمكت توقعه بالنسبة للسعودية التي تواصل بناء مشروعها الضخم جلاميد. وهو ما يعني أنه لن تكون هنالك ثقة خلال السنوات المقبلة. أما التحول الإيجابي بالنسبة للمغرب، فيتمثل في الطلب المتزايد على الغذاء في السوق الدولية، لأن ارتفاع الطلب على الغذاء يعني بشكل مباشر ارتفاع الطلب على الأسمدة أيضا، وإن كان الطلب على الفوسفاط سيبقى في حدود معقولة ولن يقف عند حدّ معين. وبالرغم من ذلك، فإن الاهتزازات المتوالية في السوق الدولية، والمنافسة الشديدة المتوقعة في السنوات المقبلة، يطرح على المغرب، باعتباره المصدر الاساسي للفوسفاط في العالم، ويمتلك ثلثي الاحتياط العالمي، يشدد المصدر ذاته، يحتم عليه الاختيار بين سياسة التحكم في السعر عن طريق التحكم في الإنتاج، أو الزيادة في الإنتاج لتخفيض الأسعار؟بين الخيار الأول والثاني، تبقى هنالك علاقته بزبنائه، يقول المصدر، ذلك أن التحكم في السعر عبر التحكم في الإنتاج، كما تفعل منظمة أوبك بالنسبة لأسعار البترول، من شأنه أن يلحق ضررا بزبناء المغرب الفوسفاطيين، الأمر الذي عليه تحديا كبيرا ونوعيا في المدى القريب والمتوسط.