تأخر سن الزواج، العنوسة، العزوبة، العزوف عن الزواج، تعددت الأسماء والمعنى واحد، إنه شبح الوحدة الذي صار يطارد العديد من الشباب المغربي في الآونة الأخيرة، ومهما تعددت الأسباب تكون النتيجة حالة نفسية غير متوازنة في الغالب، فالنساء كما يقول الباحثون أكثر تضررا من حالة الوحدة والفراغ النفسي والعاطفي فهن بطبيعتهن أكثر ميلا للاستقرار و تكوين أسرة. الواقع الحالي يكشف عن تأخر واضح في سن الزواج عما كان عليه الأمر منذ عشرين سنة، وذلك ما أكدته المندوبية السامية للتخطيط في تقريرها المتعلق بالمرأة والذي أصدرته بمناسبة اليوم الوطني للمرأة، حيث أن معدل سن الزواج أصبح 2,27 في صفوف النساء، وذلك بعد أن كان في سنة 1987 محتلا معدل 4,23 أي أنه تراجع بأربع سنوات في ظرف عشرين سنة، ويطرح بالتالي أسئلة مقلقة حول مستقبل الأسرة المغربية، وبخصوص الرجال فقد امنتقل في نفس الفترة إلى 8,31 بعد أن كا في حدود 9,27 سنة في سنة ,1987 هذا عدا اختلاف الأرقام ما بين الوسط القروي والوسط الحضري، حيث أن التراجع بالنسبة للنساء وصل إلى 9,27 سنة أي بزايدة سبعة اشهر عن المعدل الوطني، أما في العالم القروي فقد وصل إلى 3,26 سنة وهو الآخر مؤشر يطح أسئلة كثيرة حول التحولات التي تعرفها البنية القروية والعلاقات الاجتماعية داخله وأنماط الحياة بها، أما على مستوى الرجال فقد وصل المعدل في الوسط الحضري إلى 9,32 سنة وهو معدل جد مرتفع بعد أن كان في سنة 1987 في معدل 7,29 أي حصول تدهور معدل الزواج الأول بثلاث سنوات. وهكذا فبعد أن كان الزواج مرحلة لصيقة بالشباب، أصبحت العزوبة الآن أكثر تعبيرا عنهم وأكثر التصاقا بهم، الجميع ممن التقتهم التجديد سواء مواطنين أو باحثين يتفقون على أن الامر تحول إلى شبه ظاهرة ينبغي الوقوف عندها ومناقشتها، بجدية وعمق، خاصة وأن أزيد من 7 ملايين امرأة تعشن في وحدة، منهن مليون و26 ألف لم تتجاوز أعمارهم الثلاثين بعد. الأسباب كما يقول البعض موضوعية وترتبط بالأساس ببطالة الشباب، فبعد سن التخرج يضطر الشباب الجامعي إلى الانتظار سنوات حتى يؤمنوا فرصة عمل ثابتة، إلا أن هناك أسباب أخرى ذاتية تجعل الشباب يرفضون فكرة الزواج من أساسها وحتى إذا توفرت الظروف المادية والاجتماعية المناسبة إلا أنهم لا يقبلون على الزواج. التجديد حاولت تفصيل هذه الأسباب وتحليلها من خلال هذا الملف، وتقديم واقع الشباب المغربي من خلال الأرقام التي قدمتها المديرية السامية للتخطيط، واستقت آراء نساء ورجال يعيشون هذا الوضع، وحاولت رصد آراء متخصصين سواء في الأسرة أو الاجتماع أو الدعوة، كما تقدم نماذج دول نتشارك معها الهوية أو نختلف معها فيها، لكن الرابط الذي يجمعنا معها الوعي بحجم هذه الظاهرة التي لم تعد تخص مجتمعا معينا بل أصبحت ظاهرة عالمية.