ضاعت فلاحتنا وكل ما استثمرناه لتأمين لقمة العيش، نحن مواطنون من الدرجة الثالثة، أبناؤنا انقطعوا عن الدراسة ... لا ماء ولا كهرباء، ولا مكان حتى لضروريات الحياة، فبالأحرى الكماليات، دوارنا حلت به فاجعة وبات في عزلة شاملة، المستنقعات والبرك الآسنة تهدد صحة أسرنا... بهذه الكلمات التي تختزل حجم الخسائر الجسيمة التي قدرت بمئات الملايين؛ استقبل سكان دوارالهواورة (20 كلم عن المدينة) التابع لجماعة بئر الطالب بعمالة سيدي قاسم موفد التجديد إلى المنطقة المتضررة، ونحن نجتاز الطريق المؤدي إلى جماعة سيدي عبد العزيز تراءت لنا الدواويرالمتضررة من الفيضانات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، مياه الأمطار غمرت الحقول بأشجارها وغرسها وماشيتها وأكواخ الفلاحين بها، التي تحولت إلى علامات تشوير تذكر بأن المكان ليس بحيرة ممتدة الأطراف، كما أن حجم الدمار الذي خلفته الأمطار الطوفانية الأخيرة لازال باديا وجاثما في كل الزوايا، ولا حديث لأبناء الدوار والفلاحين الذين فقدوا مواقع عملهم إلا عن الخسائر الفادحة التي تكبدوها، والتي قدرها أحد المتضررين لوحده فقط في 20 مليون درهم، وحتى قبل استفسار أهل الدوار عن الأسباب الحقيقية في الكارثة التي حلت بهم، بادر محمد ابن المنطقة ذي الأربعينات كون حجم الخسائر مست ماشيتهم وبهائمهم وقضت على الأعلاف المدخرة، ووقفنا على أبقار وهنت من جراء ما تعرضت له من نقص في الكلأ، و من جراء قوة المياه الجارفة، إذ لم تعد قادرة على الوقوف على قوائمها ، بل امتدت المياه إلى محصول السنة الفارطة الذي لازال في الحقول فجرفته وأفسدته، وأضاف المتحدث أن بركا ومستنقعات من الماء الآسن والمتعفن أصبحت مرتعا للماشية والأبقار وحتى الأطفال الصغار، مما ينذر بانتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة، واستطرد المتحدث بكون منطقتهم منطقة منكوبة في حاجة إلى تدخل عاجل من طرف السلطات المحلية لإنقاذ الموسم الفلاحي وإنقاذ حياة المواطنين وسلامتهم بالدرجة الأولى. تعددت الأسباب والكارثة واحدة أما عن الأسباب الحقيقية لانحراف الواد عن مساره الطبيعي فقد صرح عبد السلام بن زروال أحد كبار الفلاحين المتضررين بالمنطقة أن السبب الرئيس للكارثة يعود إلى سنوات الجفاف منذ ,1994 حيث شرع أغلب الفلاحين في استغلال الأودية والشعاب وممرات المياه، مما جعل عملية صرف المياه بطريقة متحكم فيها متعذرة مع هطول الأمطار الأخيرة، لاسيما وأن المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي والسلطات المحلية لم تتفقد هذه الشعاب والممرات المائية، ولم تقم بالصيانة المطلوبة، وأضاف المصدر ذاته لـالتجديد أن الواد حاصرت مسالكه الطين والحجارة، فشق طريقه نحو حقول المواطنين ومنازلهم، ومما ضاعف معاناة المواطنين عدم ربط الدوار بشبكة الماء الصالح للشرب والكهرباء، مما جعل المياه والعتمة يهددان حياتنا، واسترسل بنزروال أن الكارثة البادية للعيان لا تعكس حقيقة الخسائر، إذ إن ما وقع حل في بداية الموسم الفلاحي، والفلاح اقترض السماد والبذور، واكترى الأرض وهو لم يتخلص بعد من قروض وديون السنة الفارطة، وحتى إذا حاول الفلاحون استدراك الموسم الفلاحي الحالي، فلا سبيل للاقتراب من حقولهم المغمورة بالمياه التي جرفت المحصول والأسمدة، ناهيك عن عجز السلطات المحلية وكافة المتدخلين في القطاع الفلاحي، مما يعرض التزاماتهم مع معمل الشمندر السكري لخلل، وهو الذي أمدهم بالسماد والبذور، مما يعني بحسب المصدر الإفلاس التام للمشاريع الفلاحية. جاءت السلطة ولم تأت الحلول أما عائلة العظيم فصرحت لـالتجديد أن السلطات المحلية انتقلت إلى الدوار بعد الشكايات - التي تقدمنا بها لكل من العمالة ورئيس الدائرة وقائد القيادة - ووقفت على معاناتنا لكنها لم تحرك ساكنا، حتى أصبحنا الآن نبيت الليل ونعتصم مع أطفالنا فوق السطوح؛ مخافة مباغتة المياه لنا ونحن راقدون. كما لاحظنا ونحن نستمع إلى المتضررين أن المواطنين اتخذوا قنوات الري ممرات طرقية آمنة لهم؛ بعد تراكم الأوحال وانسداد المسالك الطرقية بالماء الذي انحرف عن مجاريه الأصلية، وقاطعه الحاج رطيبة معبرا عن خيبة أمله في 40 هكتارا مكتراة بـ3300 درهم للهكتار الواحد مزروعة، واستنفذت سمادها وعصفت بها المياه، وأتلفت أكياس الدرة التي هي كل محصوله من السنة الفارطة التي كانت تنتظر التسويق، وتقدر بـ20مليون سنتيم. مدرسة الدوار بدون متعلمين أحد المدرسين الذين يشاطرون الدواوير معاناتهم أكد لــالتجديد أن معاناة التلاميذ كبيرة في ظل مسالك تغمرها الأوحال والمياه العكرة، ورافقناه إلى بعض الفصول الدراسية التي غمرتها المياه بكل ما جرفته من أوحال وبقايا نباتات وأحجار، حيث تحولت الأقسام الدراسية إلى خربة بما للكلمة من معنى، وكأن حربا دمرتها، وقبل أن نغادر مدرسة الدوار، دعا هو وزملاء له المسؤولين عبر الجريدة إلى فك العزلة عن المسالك الطرقية؛ دعما للتمدرس وإيقافا لنزيف الهدر المدرسي الذي يتغنى به من يهمهم الأمر في الرباط، لاسيما وأن فرعية بكاملها أولاد شبل لم يعد بها متمدرسون، وزاد بالقول من هنا يمكن للمسؤولين محاربة الهدر المدرسي الذي بدأ يتفشى. موضحا أن مغادرة التلاميذ لفصول الدراسة يعني التوجه بأعين مغمضة نحو عالم الانحراف والجريمة وغيرها من الأوصاف المشينة. والمسجد لم يسلم أيضا قبل مغادرة الدوار المنكوب عرجنا نحو المسجد، بعد إشعارنا من قبل الأهالي، فالمسجد هو الآخر لم يسلم بدوره من آثار الكارثة، اذ اجتاحت المياه والأوحال العديد من مرافقه ودمرت جزءا من بنايته الطينية، وناشد أهالي دوار الهواورة السلطات المحلية ووزارة الأوقاف عبر التجديد أن تبادر إلى إيجاد حلول عملية وفورية رفعا للحيف؛ حتى يستعيد السكان حياتهم الطبيعية، ويفك الحصار عنهم وعن أبنائهم المتمدرسين .