أية رسالة حملها اختيار الولاياتالمتحدة ليوم الثلاثاء 30 شتنبر 2008 وهو يوم عيد الفطر عند غالبية بلاد المسلمين من أجل الإعلان عن موافقتها على بيع 25 مقاتلة ذات مهام مشتركة من طراز إف 35 التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن كورب للكيان الصهيوني مع خيار لشراء 50 طائرة اضافية في السنوات المقبلة في صفقة قدرت قيمتها بما يصل الى 2,15 مليار دولار. وبررت وكالة التعاون الامني في مجال الدفاع بوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) والتي تشرف على مبيعات السلاح الكبرى كل ذلك بأن الصفقة حيوية لمصالح الولاياتالمتحدة الامنية القومية لمساعدة اسرائيل في تطوير والحفاظ على قدرة قوية ذات جاهزية للدفاع عن النفس، مضيفة أن اسرائيل تحتاج الى تلك الطائرات لتعزيز دفاعها جو-جو وجو-أرض، ولم تكتف الوكالة بذلك بل أضافت أن اسرائيل ترغب في شراء صفقة أولية قوامها 25 طائرة اف 35 من الطراز ذي امكانية الاقلاع والهبوط التقليدي مع خيار لشراء 50 مقاتلة أخرى اف 35 ذات امكانية الاقلاع على مدارج قصيرة والهبوط العمودي. ما حصل هو أكبر هدية مباشرة تقدمها إدارة بوش في أيامها الأخيرة للكيان الصهيوني وقبل أن تاتي الانتخابات الرئاسية بما قد يشوش على ذلك، لكن من فكر في الإعلان عنها لم ينتبه إلى توقيت الإعلان هذا إذا افترضنا حسن النية أم في حالة العكس وهذا هو الراجح وبشدة فإنه قد اختار أن يوجه رسالتين: الأولى لإسرائيل والثانية للعالم الإسلامي، وقوامها أن صداقة أمريكا لإسرائيل هي الأساس. أما صورتها ومصالحها في العالم الإسلامي فليست بالأمر المهم، وارتفاع العداء لها ليس في جدول الأعمال الفعلي لسياستها الخارجية. للعلم أولا، فهذه أول صفقة خارجية لهذا النوع من الطائرات، وتأتي بعد ثلاث صفقات تمنت الموافقة عليها لإسرائيل بقيمة 350 مليون دولار في شهر شتنبر الماضي لوحده. وللعلم ثانيا، فالصفقة تأتي في سياق توجه متصاعد نحو ضرب إيران واستهدافها عسكريا على خلفية برنامجها النووي السلمي بما يجعلها خطوة في التحضير لهذه الحرب. وللعلم ثالثا، فالصفقة تأتي أشهرا بعد خطاب صهيوني متطرف للرئيس الأمريكي بوش رفع فيه الالتزام الأمريكي بإسرائيل إلى مرتبة الإلتزام الديني المقدس. لكن المثير في كل ذلك هو التباكي الأمريكي على تدهور مصداقية أمريكا في المنطقة، والامتعاض المستمر في إدارتها من تفاقم حالة الرفض لسياستها في المنطقة، وإنكارها الشديد على من يتهمها بازدواجية المعايير واعتمادها لسياسة الكيل بمكيالين. وفي الوقت الذي لا تعبر فيه عن أدنى احترام لمشاعر المسلمين في يوم العيد وتقدم على كشف أضخم صفقة عسكرية حديثة، تعمق من تورطها المباشر في الضربات العسكرية في غزة والضفة. ورغم ذلك لن تعدم أمريكا حججا لتبرير ذلك لتسكت أنظمة المنطقة عن الاعتراض على ذلك، لكن من سيقنع المواطن البسيط أن أمريكا لا تستعد للحرب وأنها ليست مسؤولة عن إدامة العدوان الإسرائيلي وأن وجودها في العراق ليس دائما وأن ضربها لإيران غير وارد، فكل ذلك بهذه الصفقة يصبح أكاذيب فاقعة.