أكد محللون وخبراء اقتصاديون في مصر، عن أن الأزمة المالية التي تعصف حالياً بالولاياتالمتحدة، ستلقي بضلالها سريعا على الاقتصاديات العربية، مشيرين إلى حجم ارتباط تلك الاقتصاديات بالسياسات المالية الأمريكية. وتوقع المحللون، في تصريحات لـ قدس برس ، أن تتأثر عمليات المصارف والبورصات العربية، بما يؤدي إلى حدوث ركود اقتصادي، يشمل حتى بعض الدول الإسلامية والنامية. وأكد الدكتور حمدي عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، على أن الأزمة المالية العنيفة التي تمر بها الولاياتالمتحدة انتقلت عدواها لدول العالم المختلفة ، مرجعاً ذلك إلى التوسع في الرهن العقاري دون وجود ضمانات كافية، وعجز المدينين عن سداد القروض . وأوضح أنه، في صيف عام 2007 انفجرت الأزمة العقارية في الولاياتالمتحدة، حيث هبطت قيمة العقارات ولم يعد الأفراد قادرين على سداد ديونهم حتى بعد بيع عقاراتهم المرهونة، وفقد أكثر من مليوني أمريكي ملكيتهم العقارية وأصبحوا مكبلين بالالتزامات المالية طيلة حياتهم، ونتيجة لتضرر المصارف الدائنة نتيجة عدم سداد المقترضين لقروضهم هبطت قيم أسهمها في البورصة وأعلنت شركات عقارية عديدة عن إفلاسها. وتابع عبد العظيم يقول عجزت المصارف أيضا عن بيع العقارات المضمونة نتيجة تعثرها، وهذه المشكلة امتدت لمصارف آسيا وأفريقيا مشيرا إلى الفساد الذي لحق بالشركات المالية وعدم الاهتمام بالضمانات الكافية . ونوه عبد العظيم إلى أن عدوى الأزمة الأميركية انتقلت إلى لدول العالم، فهبط المؤشر العام للبورصة حتى في دول لا توجد فيها استثمارات أمريكية في البورصة كالسعودية بنسبة تفوق هبوط المؤشر العام في بلدان أخرى. وبين الأكاديمي المصري، أن الأثر المباشر لتداعيات الأزمة المالية العالمية على العالمين العربي والإسلامي سينعكس على البورصة، إضافة إلى الفساد والركود الاقتصادي بسبب ارتهان اقتصاديات الدول النامية بواشنطن . وأوضح قائلاً سيكون هناك تأثير مباشر على المصارف التي تتعامل مع نظيراتها العقارية الأمريكية، وستتأثر أيضا حركة الصادرات العربية لأسواق أمريكا وأوربا سلبا . يشار إلى أن الولاياتالمتحدة أكبر مستورد في العالم حيث بلغت وارداتها السلعية 1919 مليار دولار أي 15.5 في المائة من الواردات العالمية، بحسب تقرير صادر عن منظمة التجارة العالمية عام 2006. وكان رئيس البنك الدولي روبرت زوليك قد أعرب عن مخاوفه من الضرر الاقتصادي الذي قد يلحق الدول النامية جراء الأزمة المالية التي تعصف بالعالم. وفي كلمة أمام منتدى للأعمال على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي عقدت الخميس الماضي قال زوليك، إن كثيراً من الدول النامية تواجه بالفعل ضغطا على ميزانيات المدفوعات نظرا لأن الأسعار المرتفعة تؤدي إلى تضخم فواتير الواردات. ومن جهته قال فرج عبد الفتاح أستاذ الاقتصاد ونائب مدير مركز البحوث للدراسات الأفريقية إن الولاياتالمتحدة تعاني من مشاكل اقتصادية أخرى في مقدمتها التضخم الذي تجاوز 4 في المائة والبطالة التي تشكل 5 في المائة وعجز الميزانية، واختلال الميزان التجاري، وتفاقم المديونية الخاصة والعامة . وأشار عبد الفتاح إلى أن الاقتصاد الأمريكي يمر بحالات غير مسبوقة من التعثر المالي في كبرى شركاته، والسلطات الأمريكية متمثلة في بنك الاحتياط الفيدرالي والإدارة المالية تسعى لإنقاذ هذه الشركات وإن كان عن طريق التدخل و الاستحواذ . ولفت عبد الفتاح الانتباه إلى أن الإدارة الأمريكية تركت بعض الشركات لتواجه مصير الإفلاس لأن النظام الرأسمالي يعتبر الإفلاس أحد آليات تصحيح مساره . وأكد عبد الفتاح على أن تدخل الإدارة الأمريكية بالاستحواذ هدأ قليلا من آثار الأزمة الاقتصادية ومن تداعياتها على اقتصاديات العرب والمسلمين، لكن مرحلة الانتعاش لازالت بعيدة .