خلص شيخ الأزهر الشريف محمد سيد طنطاوي في قراءته لآية الدَين من سورة البقرة انطلاقا من قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ... إلى أن هذه الآية الكريمة تجسد العدل الكامل في المعاملات بين الدائن والمدين، وبين البائع والمشتري وبين الآخذ والمعطي، فالعدل هو سياج الأمم وطريقها الأمثل إلى الرقي والأمان، وإلى الرخاء، وإلى الاطمئنان. وأكد طنطاوي خلال الدرس الحسني الذي ألقاه في حضرة أمير المؤمنين أول أمس الإثنين أنه يتعين على المتعاملين بالدين في الأعمال والشؤون المالية كتابة الدين وتوثيقه حتى يفي المدين بما بذمته لفائدة الدائن، وذلك خلال أجل محدد يناسب انقضاء المدة المتفق بشأنها. وأضاف أن الله سبحانه وتعالى يدعو من خلال هذه الآية الكريمة إلى الحرص على الالتزام باستيفاء الدين، بمعنى أن المدين يبقى ملزما برد ما بذمته إلى دائنه، وفي الوقت المحدد؛ دون زيادة أونقصان، مع كتابة محتوى هذا الدين وتوثيقه عند الكاتب، لأن كتابته من شأنها حفظه ودرء التنازع والتخاصم بين المتعاملين من الناس.واعتبر الشيخ محمد سيد طنطاوي أن الكاتب يبقى ملزما بالتزام الحق مع الدائن والمدين، أي بالاستماع إلى الطرفين وعدم الانفراد بأحدهما، لأن الانفراد بأحد المتعاقدين تهمة يجب أن يدحض الكاتب عن نفسه منها، مشيرا إلى أن الكتابة لا تقوم شرعا إلا بحضور الدائن والمدين. وبعد أن أبرز المحاضر ماهية الإشهاد الذي يعد شرطا أساسيا لتوثيق الديون، حيث شرع الله سبحانه وتعالى الشهادة إحقاقا للحق، أكد على ضرورة طلب المتعاملين عن طريق الديون إحضار شاهدين عدلين من الرجال؛ ليشهدوا على ما يجري بين المتعاملين من معاملات مؤجلة، لأن هذا الإشهاد يعطي الديون والكتابة توثيقا وتثبيتا.وأضاف أنه اذا لم يتيسر رجلان للشهادة فليشهد رجل وامرأتان يقدمان الشهادة على الوجه الصحيح دون التأثر بأي نوع من أنواع المؤثرات.وأبرز أن حكمة الله تعالى اقتضت أن تجعل امرأتين بدل رجل واحد في الشهادة على الديون، خشية أن تنسى إحداهما فتذكر الواحدة الأخرى، معتبرا أن المرأة بطبيعة انشغالها في الأمور التي تتعلق بأحوال بيتها وبتخصصها الذي ميزها به الخالق عز وجل، أشد من اهتمامها بأمور المعاملات المالية الخارجية.