انتقدت مصادر طبية عراقية صمت الحكومة الموالية للاحتلال وتجاهلها لانتشار مرض الكوليرا بالعديد من المدن وخاصة بمحافظة ميسان التي ظهر بها حالتان وضعهما متأخر، بالإضافة لـ14 آخرين مازالوا تحت العلاج. وقال معاون مدير مستشفى الصدر العام بالعمارة الدكتور سعدون فلحي العلاق يوم الأحد 31 غشت 2008: إن صمت الجهات الحكومية والمنظمات الصحية وتجاهلها لحالة انتشار مرض الكوليرا في عدد من مناطق المحافظة، الذي ربما يتفاقم إلى درجة لا يمكن السيطرة عليه أو إيقاف زحفه لكونه من الأمراض المعدية والخطرة والمميتة، يشكل ناقوس خطر لا بد من تدارك أخطاره. وأضاف أن عدة نداءات وجهت للعديد من المنظمات كي تتخذ من الإجراءات ما يخفف من خطورة انتشار المرض بين المواطنين، خاصة بعد ثبوت إصابة حالتين بين الأطفال أولهما أدت إلى وفاة الطفل سجاد فرحان زكي بعمر ثلاث سنوات من منطقة قرية البيضة التابعة لناحية العزير والحالة الثانية إصابة الطفل جعفر عباس خلف بعمر سنتين ونصف، وهو من قرية أبو خصاف التابعة لقضاء الكحلاء، وكذلك وفاة خمس حالات بالإسهال الشديد من أبناء مناطق قلعة صالح والكحلاء. وأوضح العلاق أن دائرة صحة ميسان بإمكانياتها المتوفرة عالجت المصابين بحالات الإسهال بشكل ميداني، ونقلت الحالات التي يشتبه بها إلى المستشفيات القريبة، كما نشرت فرق الزائر الصحي في المناطق التي حصلت فيها إصابات بالكوليرا والإسهال الشديد بغية الحد من انتشار مرض الكوليرا، واتخذت إجراءات وقائية من خلال توزيع الماء الصافي بواسطة الحوضيات وحبوب التعقيم (الكلور) وإقامة الندوات التثقيفية عن المرض وطرق الوقاية منه وتوزيع أكثر من ثلاثة آلاف عبوة ماء. وحذر تقرير لبرنامج إعادة إعمار العراق من انتشار أوبئة مثل الكوليرا بسبب خطر التلوث الذي يهدد مصادر وشبكة مياه الشرب في العراق. وقال التقرير: إن ثلثي كمية مياه الصرف الصحي في العاصمة بغداد تصل غير معالجة إلى مصادر وقنوات مياه الشرب، مضيفًا أن نهر الفرات أصبح ملوثًا بمياه الصرف الصحي إلى درجة أنها أصبحت تتسرب حتى إلى قنوات مياه الشرب. ويخشى خبراء وبيئيون من أن يؤدي هذا الوضع إلى انتشار وباء الكوليرا، خصوصًا أن منظمة الصحة العالمية أكدت السنة الماضية إصابة 3300 عراقي بهذا الوباء، توفي 14 منهم في بغداد. وأكد مسئولون عراقيون وأمريكيون أن أغلب قنوات مياه الشرب في بغداد لا تستجيب للمعايير الصحية لأن مياهها تأتي من مصادر ملوثة، حتى إن الجيش الأمريكي أصدر تحذيرًا لجنوده مفاده أن مياه الصنابير غير صالحة للشرب وأنها للاستحمام فقط. وحسب بعض السكان فإن مياه نهر الفرات لم تعد صالحة حتى للسباحة، كما أن الكثير من سكان محافظات شمال بغداد يجدون أنفسهم مجبرين على سقي مزروعاتهم بمياه الصرف الصحي. وتؤشر الإصابات الجديدة بمرض الكوليرا التي كشفت عنها دوائر الصحة في مدينتي البصرة والعمارة حقيقة الأوضاع الصحية المتردية في جنوب العراق، ولعل قضية الماء الصالح للشرب واحدة من أخطر الأسباب التي تقف وراء انتشار الأمراض والأوبئة بين طبقات المجتمع الفقيرة خاصة. ولم تشفع مطالبات دائرة صحة البصرة المتكررة للحكومة المحلية بدعم مديريتي الماء والبيئة من أجل فرض سيطرتها على مشاريع الماء المتجاوز عليها، ومراقبة السيارات الحوضية ورفع التجاوزات على شبكات الإسالة من أجل الحد من مشكلة تلوث المياه على خلفية ظهور متأخر لأمراض الصيف، والإصابات الجديدة بالكوليرا في محافظة ميسان، والتي أودت بحياة عدد من الأطفال، حيث ما زالت الدائرة الصحية هناك تتكتم على حجم الإصابات الحقيقية والتي تجاوزت الـ 20 إصابة بحسب مصادر غير رسمية.