قنابل أمريكية لإسرائيل ب7 مليارات دولار    لقاء بالبيضاء يتناول كفاح آيت إيدر    أحدهم مبحوث عنه وطنياً.. عناصر "لابيجي" تعتقل مروجين للكوكايين ضواحي الدريوش    مجهولون يختطفون سيدة مسنة ويبحثون عن مبلغ مالي ضخم    إجبارية الخوذة وغرامات مالية.. إدراج "التروتينيت" في مدونة السير    مجلس جهة الرباط يصادق على اتفاقيات للتنمية ب6 مليارات درهم    موريتانيا تمنح للسائقين المغاربة تأشيرة دخول متعددة صالحة لثلاثة أشهر    وفاة شاب بأزمة قلبية مفاجئة أثناء مباراة لكرة القدم في طنجة    قمة عالمية مرتقبة بجنيف حول فرص ومخاطر الذكاء الاصطناعي المستقل    كيف كذب القنصل الإسرائيلي حملة التضليل وترويج شائعات استقبال المغرب لسكان غزة    قرار حجز ببغاوات مصور شفشاون يثير عاصفة من الجدل والتضامن    التوقيع على اتفاقية إعلان الشارقة ضيف شرف الدورة ال30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    مولاي رشيد يترأس حفل عشاء أقامه جلالة الملك بمناسبة جائزة الحسن الثاني للغولف وكأس الأميرة للا مريم    الجنائية الدولية تندد بعقوبات ترامب    قتيل في حادث إطلاق نار ببروكسيل    مجلس النواب يختتم الدورة الثلاثاء    تعادل ثمين لتواركة أمام "الماط"    برلمانات إفريقية تعدد أدوار المبادرة الأطلسية في تحقيق الاندماج القاري    أسعار مواد الغذاء تتراجع في العالم    المغرب يلقّح قرابة 5 ملايين طفل لمحاصرة انتشار وباء "بوحمرون"    طقس السبت.. انخفاض في درجة الحرارة وامطار على الشمال الغربي    مطار الحسيمة يسجل رقم قياسي في عدد المسافرين سنة 2024    طفلة طنجاوية تفوز بجائزة أفضل طفلة مسالمة ومتسامحة في إسبانيا    "فيفا" يجمّد عضوية اتحاد الكونغو.. هل من تأثير على مجموعة المغرب في تصفيات المونديال؟    قمة عربية أو عربية إسلامية عاجلة!    انتفاضة الثقافة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع التوازن    إعادة انتخاب المغرب في اللجنة التنفيذية للجمعية الدولية لهيئات مكافحة الفساد    متى يُسْقِطُ الإطار المسْمار !    «بيرسا كوموتسي» تترجم أعمالا فلسطينية إلى اليونانية    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    وزيرة الثقافة الفرنسية تحل بالعيون المغربية لافتتاح المركز الثقافي الفرنسي    الركراكي يعلن عن اللائحة الرسمية للمنتخب المغربي لمواجهة نيجريا وتنزانيا في هذا التاريخ    كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية تستهدف تكوين 30 ألف متدرج في مجال الصناعة التقليدية (لحسن السعدي)    المغرب يشارك بفريق قاري في عدد من السباقات الدولية بتركيا    لسعد جردة: لم أكن أتوقع العودة بهذه السرعة لتدريب الرجاء البيضاوي    كاني ويست يعلن إصابته بمرض التوحد    الدوزي يشوق جمهوره لجديده الفني "آش هذا"    طنجة تحتضن ندوة علمية حول مشروع قانون المسطرة المدنية: دعوات لتعزيز فعالية العدالة واستقلالية المهن القضائية    إيمان غانمي ل "رسالة 24" : تمرير قانون الإضراب يعكس توجها استبداديا    التامني تسائل وزير التعليم العالي عن مصير طلبة الطب دفعة 2023    وزارة الصحة تؤكد تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين    إطلاق حملة تلقيح ضد الحصبة بالمدارس وتوزيع استمارة الموافقة على آباء التلاميذ    بنك المغرب: 78 في المائة من المقاولات تعتبر مناخ الأعمال "عاديا"    مجسّد شخصية زاكربرغ: رئيس "ميتا" تحول إلى "مهووس بالسلطة"    طنجة.. اختتام منتدى "النكسوس" بالدعوة إلى تدبير مستدام للموارد    تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين (وزارة)    الولايات المتحدة تأمر بوقف عشرات المنح المقدمة لبرنامج الأغذية العالمي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    كأس انجلترا: ليفربول يتأهل للمباراة النهائية بفوز عريض على توتنهام (4-0)    ‪ إلغاء لقاح الحمى الشوكية للمعتمرين    غوغل تطور تقنيات ذكاء اصطناعي مبتكرة لتحدي "DeepSeek"    مسيرة عظيمة.. رونالدو يودّع مارسيلو برسالة مليئة بالمشاعر    "جامعيو الأحرار" يناقشون فرص وإكراهات جلب الاستثمارات إلى جهة الشرق    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضـان.. وانقلاب الحال في الحال
نشر في التجديد يوم 26 - 08 - 2008


يضع كثير من الناس آمالا عراضا في أن يقلب حياته كلها في رمضان دفعة واحدة رأسا على عقب، وهذا في الظن ضرب من الخطأ، فسنة التغيير والإصلاح كما نجدها في القرآن والسنة وتاريخ الإسلام والإنسانية تحتاج إلى نوع من المرحلية. وهذا يعني أن من أراد أن يغير نفسه في رمضان، فعليه أن يكون مدركا للفرصة وألا يضع كل ما في سلته في هذا الوقت وحده، بل يجعله فرصة وبداية، للانطلاق فيما بعد، وتعود على تغيير وتعديل وجلب لأنماط إيمانية جديدة في حياته. مناسبة إيمانية ولهذا، فإن الأمر يحتاج إلى تهيئة للاستفادة من جو رمضان الإيماني. وهذه التهيئة تحتاج إلى عوامل واضحة يمكن تطبيقها، حتى نستفيد من مناسبة الإيمان في رمضان. وأول ما يحتاجه المرء صدق العزم في الاستفادة والتغيير. وهذا يعني ألا تكون أهداف الإنسان مجرد أمانٍ واهمة. بل يجب أن تكون عزما صادقا حتى يؤتي ثمره. وفرق بين الأمنية والعزم، فوقوف الإنسان عند مجرد الأماني لا يدفعه إلى العمل. أما العزم وشحذ الهمة، وأخذ النفس بالعزيمة على إدراك الخير، فيجعل طريق الإنسان مفتوحا إلى الاستفادة وإنجاز العمل. وهذا أمر يتفق فيه كل بني البشر، سواء أقصد الإنسان عملاً دنيويًّا أم عملاً أخرويًّا. فمن صدقت نيته، صح عزمه، ومن صح عزمه سلك الطريق. وكما قال المتنبي: على قدر أهل العزم تأتي العزائم üüüü وتأتي على قدر الكرام المكارم وما أحسن ما قاله أحد العاملين في الإغاثة معبرًا عن عزم الناس في البقاء والحياة:لقد رأيت الكثير، في فترة عملي القصيرة مع الإغاثة الإسلامية؛ وهو ما جعلني أعجب أيما إعجاب بروح التحمل لدى الإنسان. ففي القرى المحروقة في كوسوفا شاهدت الأرامل والأطفال يحتالون على العيش بين أنقاض بيوتهم. وفي مخيمات كشمير على سفوح الجبال تمازحت مع أطفال تشع عيونهم نوراً وهم لم يعرفوا سوى العيش كلاجئين. وفي أنجوشيا، استمعت لأمهات شيشانيات وقد تجعدت وجوههن دون أوان بسبب الحزن، ويذكرن قصصا من الرعب تصعب على الخيال. ومع ذلك لم أر، أينما حللت وفي أي وقت، يأساً أو قنوطاً! بل إن إرادة الحياة، دائماً، هي الغالبة. وقد عبر الإمام ابن قدامة المقدسي عن منهج التغيير والإصلاح باعتماد المثابرة حتى يصل المرء إلى بغيته، فقال: ومن لم يقدر على الاستقامة، فليجتهد على القرب من الاستقامة. فإن النجاة بالعمل الصالح. ولا تصدر الأعمال الصالحة إلا عن الأخلاق الحسنة. فليتفقد كل عبد صفاته وأخلاقه. وليشتغل بعلاج واحد بعد واحد. وليصبر ذو العزم على مضض هذا الأمر؛ فإنه سيحلو كما يحلو الفطام للطفل بعد كراهته له، فلو رد إلى الثدي لكرهه. ومن عرف قصر العمر بالنسبة إلى مدة حياة الآخرة؛ حمل مشقة سفر أيام لتنعم الأبد. فعند الصباح يحمد القوم السُّرَى. وكما قال دبليو سمرست هوم: من الأمور الطريفة في الحياة أنك إذا لم ترض سوى بالأفضل فسوف تحصل عليه. بالورقة والقلم وييسر وضوح الهدف على الإنسان إنجاز ما يريد. فإمساك الإنسان الورقة والقلم وسؤال نفسه: ماذا يريد أن يفعل في رمضان؟ ما هي الأهداف الجزئية التي يريد أن يحققها؟ وكيف يحقق كل واحدة منها؟ فالتفكير بداية النجاح، والإسلام دين الشرع والعقل، وكما قال هنري فورد: إن التفكير أصعب الأعمال، وهذا هو السبب في أن القليلين هم الذين يختارونه كعمل. فمثلا من قصد أن يختم القرآن في رمضان مرة، أو ثلاث مرات؛ عليه أن يحدد الوقت الذي سيقرأ فيه خلال اليوم. وهل سيكون بشكل فردي أم جماعي أم بعضه فردي وبعضه جماعي. وكيف ستكون المتابعة. هل منه شخصيا من خلال تقييد ما يقرأ. أم من خلال شخص آخر. وهل ستقصر علاقته بالقرآن عند التلاوة، أم سيحيي عبادة السماع. وهل سيستمع إلى قارئ بعينه يحب سماع صوته من خلال القرآن مسجلا؟ وما هي الأوقات التي يجعلها للسماع أيضا؟ وهكذا، فيخرج بخطة مفصلة، مرتبطة بهدف واضح، محددا الزمن والوقت الذي سينجز فيه، مع التهيئة في قراءة ثواب التلاوة، وفضل قارئ القرآن ومكانته. وهكذا يفعل مع باقي الأعمال الصالحة التي سيفعلها في رمضان. قياس طاقة الإنجاز وبجوار هذا يجب توافر قياس طاقة الإنسان في الإنجاز. فيختبر ما وضعه من برنامج عملي. هل هو فوق طاقته، فيقلل منه مع المحافظة على العمل؛ أخذا بحديث أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، أم أنه قليل. ويمكن له أن يزيد فيه، فنصنع معادلة بين الخطط الموضوعة وبين الطاقات الممكنة؛ حتى نقرأ أنفسنا، ونختبر خططنا. ونصحح في العمل والتغيير مسارنا. وكما قال لاوتسو تاوتيه كنج: من تعلم كثيرا عن الآخرين قد يكون متعلما، أما من يفهم نفسه فهو أكثر ذكاء، ومن يتحكم في الآخرين فقد يكون قويا، أما من ملك زمام نفسه فهو الأقوى. ومن أهم العوامل المساعدة هو التدريب على بعض الأعمال قبل رمضان؛ حتى لا يستشعر بالغربة والوحشة، ولا يكون العمل حصرا على رمضان وحده. فيبدأ من الآن في قراءة القرآن مثلا، أو المحافظة على ركعتي قيام أو غيرها من الأعمال. فيتولد عنه ثبات في الفعل. مما يجعل المحافظة عليه في رمضان أيسر، كما أن هذا يدفعه إلى المواظبة عليه بعد رمضان أيضا. وقد كان الصحابة يستعدون لرمضان قبله بستة أشهر، ويتزودون منه لستة أشهر، فتكون السنة عندهم كلها رمضان. القدوة الحسنة والقراءة في سير الصالحين واجتهادهم في العبادة والعمل الصالح، فإن مثل هذه القراءة تعد الزاد الروحي في القدوة العملية التي تدفع الإنسان دائما إلى إنجاز العمل، فإن فقد القدوة في بيئته، فليغتنمها في السابقين. وقد كان مالك (رحمه الله) ينهي درسه مع تلامذته أو مجالسته مع زملائه، ويستأذنهم قائلا: أستأذنكم أجلس مع الصحابة ساعة، يعني أنه يجالس كتبهم مدارسة وفهما، غير أن هذا لا يمنع أن يأخذ المرء القدوة من أي أحد لا من شخصه، بل من فعله. فربما قد يكون إنسانا لا يعد في صفوف الصالحين، غير أنه رزق فعلا حميدا من الطاعة أو الخلق، فليغتنمها الإنسان، فإنه كما قيل: الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق بها. وفي عون الآخرين عون للنفس، فحين يأخذ المسلم بيد غيره إلى ما يصبو إليه؛ فإن في دعوة الغير إصلاحا للنفس، وتثبيتا لها على الطاعة، وكما قيل: إن من آثار غسيل المرء للأشياء أن تتنظف يده، وإن لم يقصد نظافتها. وقبل كل ذلك وبعده حسن التوجه إلى الله تعالى، وأن يقصد بعمله وقلبه وكل جارحة من جوارحه إلى الله تعالى. فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتغي به وجهه. ومن استعان بالله أعانه، ومن صدق الله صدقه.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.