وضع الخطاب الملكي أربع تحديات كبرى بقي بعضها مجمدا أو متعثرا دون أن تصدر مبادرات واضحة لمعالجتها، وهي أربع تحديات تجمع بينها المعضلة الاجتماعية الحادة، وتكشف وجود عطب في التدبير الحكومي للشأن العام مما اقتضى طرح مبادرات واضحة ومباشرة. فمن جهة هناك تحدي تعميم التعليم وإلزاميته، في بلد رفع شعار تقليص الأمية للنصف مع حلول 2015 دون أن يظهر في الأفق إمكانية تحقيق ذلك، بل ودون إيقاف النزيف السنوي الناجم عن عدم الإلتحاق بالمدرسة أو بسبب الهدر المدرسي، مما أدى إلى وجود ما نسبته 29 في المائة من الأميين في الفئة العمرية 2415 سنة، أما قبلها أي فئة 1410 سنة فقد كشف الإحصاء العام ل2004 عن نسبة أمية تبلغ 13,33 في المائة وفي العالم القروي تصل على 23 في المائة، وهي معطيات تكشف أن نسبة 93 في المائة التي تقدم كنسبة التحاق بالمدرسة في السنة الأولى تفقد معناها مع الزمن، وتجعل من قانون إجبارية التمدرس قانونا عاجزا عن إحداث التحول المطلوب رغم مرور أزيد من ثمان سنوات على صدوره. نفس الأمر يمكن قوله مع قضية مكافحة الرشوة والتي شهدت تعثرا حكوميا طيلة حوالي العقد من الزمن، أي منذ عهد حكومة عبد الرحمن اليوسفي، وأدت بعض الإجراءات إلى تحسين وضع المغرب ليتقهقر بعد إلى المرتبة 79 في سلم منظمة ترانسبرانسي، في الوقت الذي ظهر فيه هذا المرض كمحدد لمستقبل مشاريع إصلاح القضاء والخدمات الصحية ودعم الاستثمار، ورغم ذلك لم يقع العمل بفعالية في هذا المجال، وكان من الممكن أن تشكل الهيأة الوطنية للوقاية من الرشوة سلطة مرجعية لا تقل أهميتها عن دور الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري فمع الفارق بين الهيئتين، إلا أن الهاكا أخذت تتحول إلى سلطة مرجعية موضوعية في مجالها، رغم كل الإكراهات السياسية والثقافية القائمة. أما كل من تحديي تضريب القطاع الفلاحي وإقامة مجلس المنافسة؛ فرغم الطابع الاقتصادي لهما، إلا أن آاؤرهما الاجتماعية واضحة، حيث لم يعد مقبولا بعد تأجير أراضي وصديا وسوجيطا وتوسع الاستغلاليات الفلاحية الكبيرة الإبقاء على وضعية الإعفاء الضريبي، لما لذلك من آثار على تعميق الفوارق الاجتماعية، ونفس الملاحظة على مجلس المنافسة والذي ظهر من مشكلة زيوت صافولا قبل حوالي سنتين حاجة المغرب إلى سلطة مرجعية لضبط المنافسة الاقتصادية وحماية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي تمثل العمود الفقري لأي تنمية اجتماعية فعلية. هذه عناصر مفصلية حملها خطاب العرش وتطرح تحدي التنزيل والتطبيق، حتى لا نفاجأ بإفراغها من محتواها النوعي.