يواجه الجنرال ريتشارد دانات قائد القوات البرية البريطانية حملة داخل مراكز القيادات العسكرية تستهدف منعه من الفوز بمنصب رئيس أركان القوات المسلحة البريطانية، وذلك على خلفية موقفه السلبي من الحرب ضد العراق وانتقاداته الجرئية لبعض الأوضاع التي يعانيها الجنود البريطانيون في العراق وافغانستان. وذكرت صحيفة صنداي تلغراف البريطانية إن كبار مسؤولي وزارة الدفاع البريطانية بدأوا سلسلة من الإيجازات تشير الى أن ترفيع الجنرال دانات قد تعطل بسبب موقف حكومة غوردن براون في اعقاب مطالبته بتحسين رواتب الجنود وتزويدهم بالمعدات العسكرية المناسبة في جبهات القتال. ووصفت احدى تلك الإيجازات قائد الجيش بأنه صار مثل مدفع معطل ولم يعد رئيس الوزراء يثق بأحكامه. وكان المؤشر الأبرز لتعطيل الترفيع انكشف عندما عمد الماريشال الجوي جوك ستيراب الى تمديد عمله سنة أخرى كرئيس لأركان القوات المسلحة البريطانية الأمر الذي اعتبر بمثابة حركة تكتيكية يراد من ورائها منع ترفيع الجنرال دانات لمنصب رئيس الأركان. وعلى الرغم من اعتباره قائدا رفيع الإمكانيات ويتمتع بثقافة عسكرية متميزة، إلا ان الجنرال دانات لا يحظى بحب نظرائه الأمريكيين، خاصة بعد أن وصف الإستراتيجية العسكرية الأمريكية في العراق بأنها تعبير عن إفلاس معرفي تام. واشارت صنداي تلغراف إلى أن ضباطاً بارزين في الجيش البريطاني عبروا عن غضبهم من تعمد تجاهل ترشيح الجنرال دانات لمنصب رئيس الأركان، وحملوا كبار ضباط سلاحي الجو والبحرية الملكيين مسؤولية الحملة المعادية بسبب خشيتهم من أن يؤدي تعيين ضابط من الجيش في منصب رئيس الأركان إلى قطع مخصصاتهم في المستقبل. واوضحت الصحيفة أن عددا متزايدا من ضباط القوات المسلحة البريطانية يؤيدون تخفيض حجم سلاحي الجو والبحرية الملكيين وضخ الأموال التي سيتم توفيرها لصالح الجيش، مشيرة إلى أن متحدثا بإسم وزارة الدفاع أكد بأن الوزارة لم تتخذ أي قرار حتى الآن بشأن من سيخلف المشير ستيراب في رئاسة الأركان. وكان الجنرال دانات قد اشتكى مؤخراً من أن الجنود البريطانيين الذين يقاتلون في أفغانستان يتقاضون رواتب تقل عن مراقبي وقوف السيارات وتعيش عائلاتهم في بريطانيا في ظروف سيئة وطالب حكومة بلاده ضخ المزيد من الأموال للقوات المسلحة البريطانية، رغم المحاولات المتكررة التي بذلتها الحكومة لمنعه من الإدلاء بمثل هذه التصريحات. واتخذ دانات موقفا متشككا حيال الحرب ضد العراق منذ البداية، وكان من بين كبار ضباط المؤسسة العسكرية البريطانية الذين طالبوا بالحصول على تأكيدات من جانب مكتب المدعي العام بان هناك أسسا شرعية لشن الحرب، قائلين انهم لا يريدون لضباطهم وجنودهم ان يجدوا انفسهم في وضع غير قانوني يتعرضون بسببه الى الملاحقات. وحصل الجيش البريطاني على هذه التأكيدات التي ألقت الأعباء القانونية للحرب على عاتق حكومة رئيس الوزراء السابق توني بلير. وعين الجنرال دانات قائداً للجيش البريطاني في أغسطس 2006 لمدة ثلاث سنوات تنتهي في أغسطس .2009 وكان من المقرر أن يتقاعد المشير ستيراب من منصبه بنهاية إبريل المقبل قبل تمديد عمله عاماً آخر. وبرز دانات كشخصية شجاعة في اكتوبر عام 2006 عندما طالب على الملأ بانسحاب القوات البريطانية من العراق قائلا انها ساهمت في تفاقم المشاكل الأمنية وانه يجب عليها الانسحاب في وقت قريب. وأضاف دانات ان التخطيط في مرحلة ما بعد الهجوم العسكري الأولي كان سيئا، وربما كان مبنيا على التفاؤل أكثر من التخطيط السليم. وكان هذا التصريح مصدرا لإحراج شديد بالنسبة لحكومة بلير الذي وجد نفسه مضطرا الى الظهور بمظهر المؤيد لتقديرات قائد الجيش. وقال بلير حينها ان السير ريتشارد يقول ما نقول جميعا. ولكنه أضاف انه حين قال ان وجود القوات البريطانية يفاقم الأوضاع الأمنية فانه لم يعن ان هذا ينطبق على جميع أنحاء البلاد بل على مناطق بعينها.. وإنه قصد التحدث عن مصلحة الجيش لأن هذا عمله.