اختلطت الأوراق وزادت حدة الازمة السياسية في موريتانيا، ففي تطور غير متوقع قدم رئيس الوزراء الموريتاني يحيى ولد احمد الواقف الخميس استقالة حكومته بعدما تقدم نواب من الغالبية الاثنين بمذكرة حجب ثقة عنها كما افادت الوكالة الموريتانية للانباء. وقالت الوكالة نقلا عن عدد من الوزراء في الحكومة ان رئيس الوزراء يحيى ولد احمد الواقف حسم امره وقدم استقالته للرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله. الذي قبل استقالة الحكومة التي شكلت في مايو. وجاءت الاستقالة بعد حوالي 24 ساعة من تهديد الرئيس الموريتاني بحل البرلمان ردا على مذكرة حجب الثقة، مما اثار استياء النواب الذين رأوا في رد فعل الرئيس تدخلا في الهيئة التشريعية. وقال الرئيس الموريتاني في خطاب بثه التلفزيون مساء الاربعاء ادعو النواب الى التراجع عن قرارهم والا يجعلوني في وضع اشعر فيه بان ثقتي بهم ليست في محلها وان علي ان اتحمل مسؤولياتي الدستورية كاملة بما فيها امكانية حل البرلمان. واضاف ارجو الا اضطر لذلك لوعيي بما يكلفنا هذا الخيار من وقت وجهد وامكانيات اتمنى ان نصرفها في تنمية بلادنا وفي توفير الغذاء والتعليم والدواء وكل اسباب الرفاه لشعبنا. الا ان الرئيس الموريتاني اكد لن اتردد في اتخاذ هذا القرار اذا تبين ان ذلك ضروري لتقويم المسار وصيانة الديموقراطية، محذرا من ان يكون الشطط في استغلال هوامش الحرية الفسيحة وسيلة لتعطيل العمل الحكومي وتشويه صورة المؤسسة التشريعية. وقال ولد شيخ عبد الله الذي حضر قمة الاتحاد الافريقي في شرم الشيخ بمصر ان سعي النواب لحجب الثقة عن الحكومة مستغرب لان معظم المنتسبين لمبادرة حجب الثقة هم اعضاء في حزب يشغل موقع القيادة في الحكومة. كما رأى ان الحكومة لم تقدم بعد برنامجها السياسي حتى يقبل أو يرفض عن بينة ولم تمنح الحد الادنى من الوقت للحكم على ادائها بشكل موضوعي. واكد الرئيس الموريتاني في الوقت نفسه تمسكه بالنهج الديموقراطي والحرص على صيانته، موضحا انه ايا كان القرار الذي سيتعين علي اتخاذه فانني سأظل متمسكا بسنة التشاور التي أسسنا عليها عملنا منذ البداية. ورد سيدي محمد ولد ماحام المتحدث بإسم النواب الذين اعدوا المذكرة ومعظمهم اعضاء في الميثاق الوطني للديموقراطية والتنمية الحاكم بعنف على خطاب الرئيس، مدينا تدخلا فاضحا في عمل البرلمان ومساسا باستقلالية السلطة التشريعية. وقال ان الرئيس لم يتمكن للاسف من لعب دور حكم غير منحاز في هذه الازمة، مؤكدا في الوقت نفسه عزم مجموعة النواب على مواصلة المعركة. كما أدان رئيس كتلة الاغلبية الرئاسية في مجلس الشيوخ 24 من اصل 44 عضوا يحيى ولد عبد القهار تهديد الرئيس. وقال للصحافيين انه انتحار سياسي لنا جميعا وله شخصيا. واضاف ان المذكرة بحجب الثقة التي قدمها النواب دليل على حيوية وحسن سير ديموقراطيتنا. وهي اول مذكرة لحجب الثقة تقدم الى البرلمان منذ استقلال البلاد في,1960 وتهدف الى اقالة الحكومة التي عينت في مايو والمتهمة بالفشل في مهمتها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويعترض النواب ايضا على عودة شخصيات من نظام الرئيس السابق معاوية ولد طايع (2005 1984-) الى مناصب اساسية وفتح الفريق الحكومي لحزبين معارضين هما الاسلاميون بزعامة جميل ولد منصور واليساريون الوسط بقيادة محمد ولد مولود. وكانت الازمة قد بدأت في الاسبوع الماضي داخل الميثاق الوطني للديموقراطية والتنمية باستقالة حوالى ثلاثين من أطر الحزب الذي اتهموه بالانحراف عن المسار الطبيعي للاحزاب السياسية. وقال مراقبون انه اذا انضم نواب التجمع الى النواب ال39 الذي وقعوا المذكرة، فان عدد مؤيديها سيتجاوز ال48 وهو الحد المطلوب، مما سيؤدي الى سقوط حكومة يحيى ولد احمد وقف التي شكلت في11 مايو الماضي. وكان التيار الرئاسي يتمتع باغلبية واسعة تتمثل ب71 من اصل95 نائبا، قبل ان تبدأ ازمة في الميثاق الوطني للديموقراطية والتنمية.