دعت ليبيا إلى قمة مغاربية تشاورية تنطلق يوم الثلاثاء 11 يونيو 2008 وذلك للتباحث في موضوع الاتحاد المتوسطي، المغرب من جهته سيحضر القمة في شخص الوزير الأول، بما يعني عدم حماسه الكبير للقمة، وهذا ما يقتضي فتح نقاش عميق. لقد عرف موضوع الاتحاد من أجل المتوسط تطورا كبيرا في مساره، حيث أدت المعارضة الإسبانية بحكم تشبتهال بتجربة مسار برشلونة ثم الألمانية الخائفة من حصول انقلاب على التوجه الأوربي نحو الشرق، إلى إنتاج صيغة معدلة من مسار برشلونة القديم، وهنا رأى البعض أن ذلك قد يخفف من وطأة موضوع العضوية الإسرائيلية بالنسبة للدول العربية باعتبار أن ذلك لن يكون سوى استمرارا للوضع السابق. وإذا كانت دول المغرب العربي - باستثناء ليبيا - قد انخرطت في هذا المسار، وتعايشت مع الكيان الصهيوني تحت تبرير أن وجوده ضمن هذا المسار لا يطرح أي مشكلة، فإن المشكل اليوم يتجدد طرحه خاصة وأن العديد من المراقبين يسجلون تقدما للوجود الإسرائيلي قياسا إلى الصيغة القديمة، وهو ما بات يطرح أكثر من سؤال حول الضمانات التي حصلت عليها الدول المغاربية بشأن عدم تضخم الدور الإسرائيلي في هذه الصيغة الجديدة، وقبل ذلك التفكير في صيغ للحد من هذا الوجود وعدم تحويل مشروع الاتحاد من أجل المتوسط إلى مدخل للتطبيع، مادامت دول المنطقة قد أوقفت علاقتها منذ أكتوبر 2000 معه باستثناء موريتانيا.التساؤل هنا هل سيتمكن المغرب بمعية الدول العربية من إقرار ضمانات لذلك، هذا هو السؤال المطروح والذي يحتاج لجواب بعد القمة. انخرط المغرب في مسار برشلونة باعتباره فضاءا لبحث المشكلات الثنائية وحتى الجهوية ذات العلاقة بما هو اقتصادي واجتماعي وتنموي، خاصة في ظل تداخل المصالح بينه وبين عدد من دول شمال المتوسط كفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، ولهذا يجد نفسه في وضعية حرجة تجعل من موضوع الانسحاب من هذا المسار أمرا غير وارد، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الضاغطة، وهو الموقف نفسه الذي سارت فيه أغلب دول المنطقة المغاربية باستثناء ليبيا بالطبع، مادامت وضعيتها في مسار برشلونة أصلا هي وضعية مراقب، لكن هل يبرر ذلك تعزيز موقع إسرائيل؟، لا نعتقد ذلك بل على الأقل ينبغي الحد منه، والخطر الذي يتحد عنه البعض حول هذا الأمر قائم ولهذا هناك فرصة إلى غاية موعد التأسيس الرسمي للاتحاد من أجل المتوسط لمراجعة ما يجب مراجعته وإقرار الشروط الواجب إقرارها للحد من تغول إسرائيل إن لم نقل أن الواجب هو تضييقه إلى أبعد حد ممكن في ظل الحصار الغاشم على الشعب الفلسطيني.