تسود الجزائر حالة من الغليان بسبب تدهور الاوضاع المعيشية واستفحال البطالة رغم توقف المظاهرات يوم الخميس في غرب البلاد، وقال سكان ان شرطة مكافحة الشغب أطلقت الغاز المسيل للدموع يوم الاربعاء على متظاهرين رجموهم بالحجارة في اليوم الثالث على التوالي في وهران ثاني أكبر مدينة جزائرية والواقعة على مسافة 450 كلم غرب العاصمة. ونهب عشرات الشبان المتاجر وأشعلوا النار في القمامة في الشوارع الرئيسية فيما قال سكان انها أسوأ اضطرابات عامة في سنوات في المدينة الهادئة عادة والمطلة على البحر المتوسط التي يبلغ تعداد سكانها مليون نسمة. وكان السبب الفوري هو الغضب الشعبي من هبوط فريق كرة القدم مولودية وهران الى دوري الدرجة الثانية في الجزائر. لكن بعض معلقي الصحف قالوا ان السبب الحقيقي هو الاستياء المتزايد بشأن البطالة ونقص فرص الاسكان وما يصفه بعض النقاد بأنه نخبة سياسية تفتقر للحساسية تجاه مشاكل الشعب. وأكثر من 70 في المائة من الجزائريين الذين تقل اعمارهم عن 30 عاما يعانون من البطالة. ويؤكد مراقبون للشأن المحلي أن سبب اندلاع المواجهات لا يمكن اختزاله في سقوط نادي مولودية وهران رسميا مساء الاثنين إلى الدوري الأسفل، ويجمع هؤلاء على أن تراكمات الوضع الاجتماعي البئيس ومعاناة الآلاف من الشباب العاطل من آفتي البطالة والفقر، هو السبب الذي حرك الشارع في وهران، مثل بريان وقبلهما الشلف وعين الدفلى، وهكذا فإن خيبة مولودية وهران لم تكن سوى القطرة التي أفاضت الكأس. ولم تكن الاشتباكات المتفرقة التي وقعت يوم الاربعاء مكثفة مثل اشتباكات يومي الاثنين والثلاثاء عندما حطم مئات من مثيري الشغب فروع بنوك ومتاجر وخاضوا معارك مع الشرطة اصيب فيها أكثر من100 شخص. لكنهم شاركوا في ملامح سادت الاحتجاجات التي اندلعت في عشرات البلدات الاخرى في الاشهر الاخيرة بشأن تدهور الاحوال الاقتصادية والاجتماعية والمشاركة المتحمسة والعنيفة في الغالب من جانب الشبان العاطلين عن العمل. واشتباكات الشوارع قضية حساسة في ثاني أكبر بلد في افريقيا. والجزائر عضو في اوبك ومصدر للنفط والغاز. وللبلد الذي كان مستعمرا في السابق من جانب فرنسا تاريخ في التمرد السياسي وشغب الشباب في عام 1988 الذي اجبر السلطات على التخلي عن حكم الحزب الواحد. ولا يزال البلد الذي يبلغ عدد سكانه 33 مليون نسمة يبحث عن الاستقرار بعد حرب اهلية غير معلنة في التسعينات راح ضحيتها أكثر من 200 الف قتيل. واندلعت اعمال العنف بعد الغاء الانتخابات العامة في عام 1992 التي كان الاسلاميون يتجهون للفوز بها. وتأتي الاضطرابات الاخيرة في اعقاب سلسلة اضرابات بشأن الاجور من جانب اعضاء نقابات عمال مستقلة اغلقت بعض الاجزاء في القطاع العام بصفة مؤقتة. وبخصوص رد الحكومة على الاضطرابات لمح وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني، إلى ضلوع جهات أجنبية في الأحداث العرقية وقعت قبل أسبوعين بجنوبالجزائر. وأعلن عن توجيه تهمة التحريض على التطهير العرقي، لأربعة أشخاص تم اعتقال اثنين منهم. وقال زرهوني لصحافيين بمدينة الشلف، إن قوات الأمن اعتقلت شخصين متهمين بإشعال فتيل نعرات عرقية في منطقة بريان (600 كلم جنوب العاصمة)، وإن اثنين آخرين يجري البحث عنهما بسبب نفس التهمة. وأوضح أن مصالح الأمن حجزت 6 أجهزة كومبيوتر تحتوي على منشورات تحرض على العنف الطائفي والتطهير العرقي. ونشبت بالمنطقة في 16 مايو الجاري معارك طاحنة في الشوارع بين فريق من السكان يتحدر من عشيرة الشعابنة الناطقة بالعربية، وقطاع آخر يتحدر من عشيرة الإباضيين يتواصل أفرادها في ما بينهم باللهجة الامازيغية. وخلفت الأحداث التي أخذت شكل ثأر، قتيلين وعشرات الجرحى وخرابا في المرافق العمومية.