على الرغم من الجولات المارطونية للحوار الاجتماعي، واستمرار حالة الشد والجذب بين الحكومة والمركزيات النقابيات، انتهت العملية برفض هذه الأخيرة للعرض الحكومي، الذي بقي يراوح مكانه، من ثم بدأت تلوح النقابات بورقتها الأخيرة المتمثلة في الإضراب سواء العام أو في العديد من القطاعات. ولم تبسط الحكومة يدها كل البسط من أجل امتصاص الاحتقان الشعبي الذي بدأ يتجسد هنا وهناك تحت يافطة الظرفية الاقتصادية الصعبة والإكراهات الدولية، وأبدت الباطرونا تحفظها إزاء المطالب النقابية، فالحكومة تشد الحبل من جهة والنقابات المركزية تمسك به من جهة أخرى، ويبقى الرأي العام في انتظار جولات أخرى لعلها تسهم في التخفيف من الأزمة الإجتماعية التي يعيش على وقعها. جولة رابعة بدون نتائج دخل الحوار الاجتماعي جولته الرابعة دون التوصل إلى نتائج واقعية، حيث أكدت المركزيات النقابية رفضها للعرض الحكومي الذي بقي يراوح مكانه، مع التلويح بالدخول في إضرابات قطاعية، وذلك في خضم الارتفاع الكبير الذي تعرفه المواد الأساسية وتدني القدرة الشرائية للمواطن في هذا الصدد اعتبر ميلودي مخاريق الكاتب العام للاتحاد المغربي للشغل رفض النقابة للاقتراح الحكومي الأخير، الذي لم يقدم معطيات جديدة، معتبرا أن العرض الحكومي لا يرقى إلى ما تطمح إليه الشغيلة، وأضاف أن الحوار الاجتماعي لم يفرز نتائج تذكر، على اعتبار أن قيمة الحوار الاجتماعي تتمثل في قيمة نتائجه، من جهته قال عبد الاله الحلوطي نائب الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل أن العرض الحكومي افتقد إلى إضافات حقيقية، معتبرا أن التغييرات زهيدة ولا ترقى إلى تطلعات المواطن. السلم الاجتماعي بات السلم الاجتماعي بالمغرب مهددا في ظل تنامي ظاهرة الاحتقان الشعبي، وارتفاع وتيرة الاحتجاجات وبقاء نسبة الفقر في أعلى مستوياتها حيث يصل الإنفاق اليومي لأزيد من 25 في المائة إلى أقل من 12 درهما، و4 ملايين فقير يعيشون بأقل من 8 دراهم في اليوم، والخطر الذي يتهدد الطبقة المتوسطة في المغرب بسبب ارتفاع درجة دخولها إلى دائرة الفقر، بالإضافة إلى وجود 3,17 في المائة من الساكنة تحت عتبة الهشاشة. كثيرة هي المعطيات التي توضح الوضعية الخطرة التي باتت تهدد النسيج الاجتماعي، من ثم كانت النقابات تعقد أملا كبيرا على الحوار الاجتماعي إلا أنها رجعت بخفي حنين من حكومة تأ خذ بعين الاعتبار الظرفية العالمية صعبة، والإشكالية على المستوى الدولي، والباطرونا التي تضع نصب أعينها مصالح أرباب العمل. وأشار عبد القادر أزريع المختص النقابي والاجتماعي إلى أن الحكومة السابقة لم تستطع أن تصل إلى اتفاق مقنع من أجل توازن اجتماعي يؤدي إلى سلم اجتماعي، واتسم تدخلها بالمناسباتي، وهو نفس الأمر بالنسبة للحكومة الحالية كما اعتبر أن السلم الاجتماعي مهدد لأن التدخل ظرفي، وإذا استمر الحال كما هو عليه، فإن ذلك سيؤدي إلى مأزق ومشكل اجتماعي. بون شاسع يوجد بون شاسع بين مطالب المركزيات النقابية والعرض الحكومي، ففي الوقت الذي تطالب النقابات بضرورة الرفع من الحد الأدنى للأجور إلى حدود 3000 درهم، ارتأت الحكومة الزيادة بنسبة 10 في المائة على مرحلتين، خلال يوليوز من هذه السنة والسنة القادمة، وبعدما أكدت المركزيات الزيادة في الأجور بنسبة 30 في المائة، قالت الحكومة إنها بصدد إصلاح منظومة الأجور. وتدعو المركزيات إلى ضرورة الرفع من التعويضات العائلية إلى 300 درهم، وتتشبث الحكومة ب200 درهم. ومن بين مقترحات العرض الحكومي الأخير التخفيض من الضريبة على الدخل بنسبة 2 في المائة، خلال القانون المالي المقبل، والمرحلة الثانية خلال ,2010 وفيما يتعلق بالوظيفة العمومية قدمت الحكومة مقترحها بزيادة 300 درهما بالنسبة للسلالم من 1 إلى 7 وعن 320 درهم بالنسبة للسلم ,8 و360 درهما للسلم ,9 و430 درهم للسلم ,10 على مرحلتين. والرفع من الترقية الداخلية من 22 في المائة إلى 24 في المائة، على أساس معاودة التطرق لهذه النقطة خلال الجولات القادمة، حيث تطالب النقابات بالوصول إلى 33 في المائة. وتهم هذه الترقية 20 ألف فرد وستكلف مليار درهم حسب الحكومة. ورقة أخيرة اعتبرت الفدرالية الديمقراطية للشغل أن العرض الحكومي لم يعرف أي تقدم ملموس خاصة في شقه المتعلق بتحسين القدرة الشرائية لعموم المأجورين في مختلف القطاعات والمؤسسات الإنتاجية، بما يتناسب مع الزيادات المتتالية في الأسعار، من ثم قررت خوض إضراب وطني احتجاجــي لمـدة 24 ساعـــة يوم الثلاثاء 13 ماي الجاري، وذلك بقطاعات الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، ويأتي هذه التطورات احتجاجا على التجاهل الحكومي للمقترحات النقابية وانفرادها بالإعلان عن إجراءات لا تستجيب لطموحات الشغيلة المغربية. وقال نوبير الأموي الكاتب العام للكنفدرالية الديمقراطية للشغل إن قرار الإضراب العام ما زال قائما، على اعتبار أنه استثنائي حسب الظروف. وأشار الحلوطي إلى أن كل الاحتمالات واردة فيما يتعلق بما بعد الحوار الاجتماعي. الباطرونا دخلت الباطرونا الحوار الإجتماعي وفي جعبتها الكثير من الأهداف كتقنين الإضراب والعمل على وضع سقف معين للمطالب الكثيرة التي ترفعها المركزيات، وكذا التركيز على ما جاء في الكتاب الأبيض الذي يتضمن العديد من النقط التي تروم تغيير بعض مواد مدونة الشغل، وعبر العديد من ممثلي النقابات عن استيائهم لما أعرب عنه الاتحاد العام لمقاولات المغرب. وقال أزريع إن الحكومة المغربية منحازة لفائدة الطبقة الميسورة على اعتبار الخفض من الضريبة على الشركات، موضحا أنه كان حري بالحكومة أن تعمل على إيجاد حلول لمجمل ما يعيشه المجمع المغربي بدل الإدعاء بوجود إكراهات خارجية. من جهته قال عبد الإله الحلوطي إن الحكومة مدعوة إلى إيجاد مخرج لتدني القدرة الشرائية للمواطن بدل أن تقول إن هناك ظرفية عالمية صعبة. فشل هل يمكن الحديث عن فشل الحوار الاجتماعي؟ لم يؤكد أو ينف مخاريق فشل الحوار، الذي أضاف أن هناك احتمال دعوة الحكومة إلى جولة خامسة. من جهته أشار عبد القادر أزريع أن المقترحات الحكومية لم تصل إلى الحد الأدنى المطلوب لمواجهة ارتفاع أسعار مجمل المواد الأساسية، وقال إن الحكومة كانت مدعوة إلى إطلاق ورش إصلاح اجتماعي أكبر وأشمل وذلك بغية صياغة التوازنات الاجتماعية والاقتصادية. وأكد عبد القادر الزاير، من الكنفدرالية الدمقراطية للشغل، فشل الحوار الاجتماعي نظرا لغياب اقتراحات جديدة وأمام انسداد الأمل، ولوح بالدخول في إضراب عام إذا لم يتم الوصول إلى اتفاق، وذلك للدفاع عن المواطنين.