في ظل الزيارة التي قام بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى موسكو، رشحت أنباء عن استياء روسي رسمي من أداء عباس وسياسته، وبخاصة إزاء ما تعتبره أوساط مسؤولة تجاهلاً من جانب رئيس السلطة لروسيا بما يصل إلى عدم التعبير عن الاحترام للدور الروسي. فتحت عنوان موسكو لا تفهم الكثير من تصرفات عباس ، نشرت صحيفة كوميرسانت تقريراً أعدّه ألكسندر ريئوتوف، يقرر في عنوانه الفرعي الاستنتاج التالي يريدون إبعاد روسيا عن شؤون الشرق الأوسط بواسطة عباس وغيره . ويمنح التقرير الانطباع بأنّ الموقف الروسي ينظر إلى عباس باعتباره مرتبطاً بالأمريكيين وتحركاتهم في الشرق الأوسط، إلى درجة أنه يتولى المشاركة في إضعاف الدور الروسي في المنطقة. وبهذا يستنتج التقرير أنّه في مباحثات عباس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبدو أنّ الحديث لن يكون سهلاًَ، فقد تولد في موسكو انطباع بأنها تُزاح بنشاط عن عملية التسوية في الشرق الأوسط . إذ يجري الإعداد للقاء دولي بدون مشاركة روسيا، أما فكرة مؤتمر موسكو للتسوية في الشرق الأوسط، فلا تحظى بالدعم الضروري، وتُوجّه بعض الاعتراضات (الروسية) إلى الزعيم الفلسطيني شخصياً. وترى موسكو أنه كان في وسع محمود عباس أن يساعد على إشراك روسيا بمزيد من الفعالية في حل قضايا المنطقة ، بينما هذه هي رابع زيارة يقوم بها عباس للعاصمة الروسية بمثابة رئيس للسلطة. وبينما يشير التقرير إلى أنّ الجانب الروسي يطلب من قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية، مقابل المساعدة (المالية والعسكرية الروسية للسلطة)، أن تضمن له مشاركة فعالة في عملية السلام في الشرق الأوسط ؛ فإنّ التقرير يؤكد امتعاض موسكو من أداء عباس ومواقفه. إذ يوضح التقرير أنه يتشكل لدى موسكو إلى الآن انطباع بأنها تُزاح جانباً، عن وعي وإدراك. وتتابع روسيا المشاركة في الاجتماعات الروتينية لممثلي رباعية الشرق الأوسط، ولكنها لا تضطلع بدورها في عملية المفاوضات . ووفق التقرير المنشور في التاسع عشر من نيسان (أبريل) الجاري، فإنّ الجانب الروسي يضع جريرة هذا الأمر على الولاياتالمتحدة التي تعتبر الشرق الأوسط مجالاً لمصالحها الحيوية ولا تنوي إدخال منافسين في المنطقة . ويكشف التقرير أنّ ثمة لموسكو اعتراضات على الضيف الفلسطيني (محمود عباس) شخصياً. حينما استؤنفت منذ عدة أشهر الاتصالات المباشرة بين رئيس وزراء إسرائيل أولمرت ومحمود عباس، كانت روسيا تعوِّل على إعلامها بمضمون مثل هذه اللقاءات وبالمسيرة العامة للمفاوضات. بيد أنّ هذه التوقعات لم تتحقق. وتجهل موسكو عملياً الحالة الراهنة للمفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، لأنها لا تتلقى المعلومات الضرورية عنها من المشاركين المباشرين. هذا في حين ترد إلى واشنطن توضيحات في هذا الخصوص بعد كل جولة من المفاوضات. والولاياتالمتحدة، وهذا مفهوم، لا تشاطر روسيا هذه المعلومات . ويقرر التقرير أنّ موسكو قريبة الآن من اعتبار هذا التجاهل الواضح لمصالحها من جانب الزعيم الفلسطيني (عباس) مظهراً لعدم الاحترام. ولا ينوي الكرملين أن يطلب من محمود عباس أن يحدد موقفه ويعلن على أي جانب من المتاريس تقف قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية. ولكن من الواضح أنه سيتعين على الزعيم الفلسطيني أن يشرح موقفه بجلاء للجانب الروسي. وعلى نحو أعمّ؛ يسود الشعور الروسي بالإقصاء من شؤون الشرق الأوسط بتدبير أمريكي تنفذه أطراف عربية. إذ تعزو موسكو التصرف الأخير للرئيس المصري حسني مبارك الذي أثار الامتعاض في القيادة الروسية، إلى ضغط واشنطن بالذات . ويشرح التقرير هذا الأمر كما يلي تقدم السيد مبارك بمبادرة لعقد قمة في المنتجع المصري شرم الشيخ مكرسة للتسوية الفلسطينية- الإسرائيلية. ودعي إلى اللقاء زعماء الولاياتالمتحدة والأردن وفلسطين و إسرائيل . ولم تُدرَج روسيا في قائمة المدعوين. وتفسِّر القاهرة ضرورة الندوة في شرم الشيخ بالسعي إلى إعطاء دفعة جديدة لعملية المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي بدأت في أنابوليس الأمريكية في أواخر السنة المنصرمة. ولفت انتباه روسيا كون اللقاء في سيناء ينظم بصورة موازية لمؤتمر الشرق الأوسط في موسكو، مما يبدو محاولة لإفشال ندوة الشرق الأوسط التي كان فلاديمير بوتين صاحب المبادرة إليها ، كما جاء في التقرير.