انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي و"طرد البوليساريو".. مسارات وتعقيدات    بايتاس يُشيد بالتحكم في المديونية    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    هل تغيّر سياسة الاغتيالات الإسرائيلية من معادلة الصراع في الشرق الأوسط؟    هاريس وترامب يراهنان على المترددين    مشفى القرب بدمنات يواجه أزمة حادة    طرائف وحوادث الإحصاء    "النملة الانتحارية".. آلية الدفاع الكيميائية في مواجهة خطر الأعداء    بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان    بذل عمل جديدة لعناصر الجمارك "توضح تراتبية القيادة" شبه العسكرية    الشرطة توقف مروج كوكايين في طنجة    فاتح شهر ربيع الآخر 1446 ه يوم السبت 5 أكتوبر 2024    غارات إسرائيلية عنيفة على ضاحية بيروت وتقارير إعلامية تتحدث عن استهداف هاشم صفي الدين    المياه المعدنية "عين أطلس" لا تحترم معايير الجودة المعمول بها    رسميا: فيفا يعلن عن موعد انطلاق مونديال كرة القدم سيدات تحت 17 في المغرب    الحسيمة.. عائلة من افراد الجالية تتعرض لحادثة سير خطيرة على طريق شقران    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    إسبانيا على وشك خسارة استضافة مونديال 2030 بعد تحذيرات الفيفا    المنظمة العالمية للملاكمة تقرر إيقاف الملاكمة الجزائرية إيمان خليف مدى الحياة    الملك يهنئ رئيس الحكومة اليابانية الجديدة    أسعار النفط العالمية ترتفع ب 5 في المائة    "مجموعة العمل من أجل فلسطين": الحكومة لم تحترم الدستور بهروبها من عريضة "إسقاط التطبيع" ومسيرة الأحد تؤكد الموقف الشعبي    مومن: قائمة المنتخب المغربي منطقية        بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان    مشروع هام لإعادة تهيئة مركز جماعة "قابوياوا"    "درونات" مزودة بتقنية الذكاء الاصطناعي لمراقبة جودة البناء    الركراكي: الانتظام في الأداء أهم المعايير للتواجد في لائحة المنتخب المغربي    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    الركراكي يساند النصيري ويكشف هوية قائد المنتخب        أخبار الساحة    أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    مهرجان سيدي عثمان السينمائي يكرم الممثل الشعبي إبراهيم خاي    قراصنة على اليابسة    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية    عبد اللطيف حموشي يستقبل المستشار العسكري الرئيسي البريطاني للشرق الأوسط وشمال إفريقيا    استدعاء وزراء المالية والداخلية والتجهيز للبرلمان لمناقشة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات    "جريمة سياسية" .. مطالب بمحاسبة ميراوي بعد ضياع سنة دراسية بكليات الطب    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    جائزة نوبل للسلام.. بين الأونروا وغوتيريس واحتمال الإلغاء    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    مؤتمر علمي في طنجة يقارب دور المدن الذكية في تطوير المجتمعات الحضرية    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    القطب الرقمي للفلاحة.. نحو بروز منظومة فلاحية رقمية فعالة        وقفة أمام البرلمان في الرباط للتضامن مع لبنان وغزة ضد عدوان إسرائيل    مندوبية طنجة تعلن عن منع صيد سمك بوسيف بمياه البحر الأبيض المتوسط    المغرب يشرع في فرض ضريبة "الكاربون" اعتبارا من 2025    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    دراسة: التلوث الضوئي الليلي يزيد من مخاطر الإصابة بالزهايمر    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تغيير في استراتيجية
نشر في التجديد يوم 23 - 04 - 2008


لا يبدو أن هناك تغيرا استراتيجيا في علاقة النظام السياسي المصري بالإخوان، فلا زال سياسة التحجيم هي الموقف الذي يؤطر السياسة العامة لعلاقة النظام السياسي بالإخوان، إذ لم يختر نظام مبارك أن يعتمد سياسة الترك التي باشرها السادات رحمه الله مع الإخوان وغيرهم من الحركات السياسية الأخرى، كما أنه لم يتبن سياسة الاستئصال التي انتهجها جمال عبد الناصر، وكان وسطا بين السياستين حين اختار سياسة التحجيم التي تختلف درجتها من ظرف لآخر، فتصل إلى قمتها وقسوتها كلما اقتربت محطة انتخابية أو استحقاق سياسي معين، وتخف بعد ذلك. الإضراب والإخوان للأسف هناك فريق من المعارضة يجيد فن الإساءة إلى بقية قوى المعارضة. الإخوان لم يغيبوا عن إضراب 6 أبريل، فقد أصدرنا بيانا ساندنا فيه الإضراب، لكننا من الناحية العملية لن نحشد له، وتركنا الحرية للإخوان أن يشاركوا فيه، وبعض الإخوان شاركوا وكنت منهم، وبعضهم لم يشارك، وقد كان العنوان الذي أطر الإضراب في الأصل هو خليك بالبيت لكن الناس تداعوا إلى الشارع وعبروا عن غضبهم من السياسات التفقيرية التي يمارسها النظام ضد الشعب نجاح الإخوان نجاح الإخوان ليس في أن يصبحوا تنظيما عالميا، ولكن نجاحهم هو في أن يصبحوا مدرسة تمثل الإسلام الوسطي الحداثي التقدمي الذي يستعمل وسائل التغيير السلمي لتحقيق أهدافه ويحافظ على استقلال البلاد وتعمل في إطار الدستور وتحترم قوانين البلد التي تعمل فيه، فهذه هي مدرسة الإخوان، وقد نجحت في أن تنتشر في العالم كله بغض النظر عن الأسماء والمسميات وانتقلت الحالة الإسلامية من حالة كانت محاصرة في المساجد إلى حالة تفرض نفسها على أجندات السياسيين والمثقفين والعلماء وأصبح لها وجود شعبي وامتداد جماهيري، وهذه الصحوة الإسلامية العامة هي أحد نجاحات الحركة الإسلامية، ولذلك فتقييم بشكل عام أن الإخوان قد تقدموا على الرغم من وجود بعض أوجه القصور. القيادي الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح لـ>التجديد<: لا تغير استراتيجي في علاقة النــظام المصـري بالإخــوان وسياســة التحـجيم مستمـرة في هذا الحوار الشامل يقدم عبد المنعم أبو الفتوح للقارئ صورة لما يعتمل في الواقع المصري من حراك، موضحا بأن الموقف الاستراتيجي للنظام من الإخوان لم يتغير وأن التضييق الذي كبر حجمه في الفترة الأخيرة مرتبط بشكل أساسي بالاستحقاق السياسي والاحتقان الاجتماعي الذي عرفته مصر في أحداث 6 أبريل، ويشرح القيادي الإخواني واقع المعارضة السياسية في مصر وعناوينها الكبرى، ويؤكد بأن التيار العقائدي في المعارضة ممثلا في الإخوان وجزء من التيار الماركسي هو الذي استطاع أن يصمد ويتأقلم مع البطش البوليسي، كما يسلط الضوء في هذا الحوار على جملة من القضايا كالحوار مع الغرب والانتقادات التي توجه إلى تنظيم الإخوان المسلمين، فضلا عن الموقف من مشاركة حماس في السلطة وتقييم الإخوان لحصيلة هذه المشاركة وأثرها على شعبية حماس وعلى مشروع المقاومة. يلاحظ اليوم أن حملة النظام السياسي المصري على الإخوان المسلمين قد دخلت طورا جديدا، فبعد الحملات التقليدية على قيادات الإخوان تم استهداف بعض الرموز الاقتصادية والمالية للإخوان، في نظرك هل هذا يؤشر على تطور استراتيجي في موقف الدولة من الإخوان؟ بداية، لا يبدو أن هناك تغيرا استراتيجيا في علاقة النظام السياسي المصري بالإخوان، فلا زال سياسة التحجيم هي الموقف الذي يؤطر السياسة العامة لعلاقة النظام السياسي بالإخوان، إذ لم يختر نظام مبارك أن يعتمد سياسة الترك التي باشرها السادات رحمه الله مع الإخوان وغيرهم من الحركات السياسية الأخرى، كما أنه لم يتبن سياسة الاستئصال التي انتهجها جمال عبد الناصر، وكان وسطا بين السياستين حين اختار سياسة التحجيم التي تختلف درجتها من ظرف لآخر، فتصل إلى قمتها وقسوتها كلما اقتربت محطة انتخابية أو استحقاق سياسي معين، وتخف بعد ذلك. ويمكن للمتابع للشأن الإخواني في مصر أن يلاحظ أن السجون المصرية لم تخل في وقت من الأوقات من معتقلي الإخوان، بحيث يكون الحد الأدنى من معتقليهم 200 معتقل، ويصل في بعض المحطات إلى ستة آلاف معتقل كما كان عليه الأمر في انتخابات .2000 وكما أن درجة التحجيم تختلف بين وقت وآخر، فكذلك أساليب التحجيم تتعدد من استخدام الأشكال البوليسية القمعية، إلى التضييق الإداري على مستويات مختلفة، وحرمان بعض الإخوان من وظائفهم، وغير ذلك من الوسائل غير القانونية التي تتنافى مع الدستور وحقوق الإنسان وحقوق المواطنة، وتجدر الإشارة إلى أن النظام السياسي لم يستعمل هذه الوسائل غير القانونية مع الإخوان وحدهم، وإنما استعملها مع كافة قوى المعارضة كحزب العمل وجزء من التيار القومي واليساري، لكن الإخوان كانوا الأكثر تضررا من هذه السياسة. وواضح أن النظام المصري يلجأ لهذه السياسة لأنه لا يمتلك حزبا سياسيا أو تجمعا شعبيا يلتف حوله ويسند قراراته واختياراته، وما يعرف في مصر بالحزب الوطني ليس حزبا بالمفهوم السياسي، وإنما هو تجمع مجموعة من الأشخاص حول النظام والسلطة للاستفادة من مجموعة من المصالح والامتيازات التي يقدمها لهم النظام السياسي، ولذلك لم يكن أمامه بد من مواجهة قوى المعارضة بتلك الوسائل الاستثنائية كالاعتقالات والمحاكمات العسكرية وتزوير الإرادة الشعبية أثناء الانتخابات وما إلى ذلك. ويمكن أن نلاحظ أنه كلما ازداد النظام السياسي المصري ضعفا وتدهورا وكلما زادت مشاكل الوطن الاقتصادية والاجتماعية كلما توسع النظام في استعمال الوسائل غير الشرعية في مواجهة المعارضة السياسية وفي قلبها الإخوان المسلمين. كيف تقرؤون استهداف بعض الرموز المالية والاقتصادية للإخوان؟ استهداف المسائل المالية ليس أمرا جديدا، صحيح أنها ظهرت بصورة حادة في الفترة الأخيرة، لكنها كانت جزءا من سياسة للتحجيم التي يمارسها النظام ضد الإخوان، فقد كان دأب النظام من زمان أن يغلق المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية التابعة للإخوان أو يؤممها لصالح الدولة. فعلى هذا المستوى، ليس هناك جديد في سياسة النظام، الجديد الذي سجل في الفترة الأخيرة هو استهداف المال الخاص، فالشركات التي استهدفها النظام السياسي في الفترة الأخيرة ليست تابعة للإخوان وإنما هي ملك خاص لأصحابها. تعيش مصر في هذه الفترة احتقانا سياسيا واجتماعيا حادا يظهر ذلك من خلال الانتخابات المحلية إضافة إلى ما حصل في مدينة المحلة الكبرى من انتفاضة للخبز، كيف تفسرون غياب فاعل رئيس في حجم الإخوان يلعب دور التأطير الجماهيري في مثل هذه الاحتجاجات الاجتماعية؟ لم يغب الإخوان في هذه الاحتجاجات، للأسف هناك فريق من المعارضة يجيد فن الإساءة إلى بقية قوى المعارضة. الإخوان لم يغيبوا عن إضراب 6 أبريل، فقد أصدرنا بيانا ساندنا فيه الإضراب، لكننا من الناحية العملية لن نحشد له، وتركنا الحرية للإخوان أن يشاركوا فيه، وبعض الإخوان شاركوا وكنت منهم، وبعضهم لم يشارك، وقد كان العنوان الذي أطر الإضراب في الأصل هو خليك بالبيت لكن الناس تداعوا إلى الشارع وعبروا عن غضبهم من السياسات التفقيرية التي يمارسها النظام ضد الشعب، ولأن الإخوان لم يحشدوا لهذا الإضراب ولم يعبئوا له، فالبعض من قوى المعارضة صوروا هذا الموقف وكأن الإخوان له موقف رافض للإضراب وهذا غير صحيح وغير دقيق، وللأسف فإن بعض العلمانيين المتطرفين وفريق من قوى المعارضة يلوكون مثل هذه المعلومات غير الصحيحة للإساءة إلى الإخوان وممارسة الاختلاف معهم بطريقة أحيانا تكون غير أخلاقية. لكن الإخوان دائما في مثل هذه المعارك يضطرون إلى تحديد سقف؟ (مقاطعا) لا بد من سقف سياسي يتوافق مع ظروفهم وإمكاناتهم، لكن المهم هو ألا نختلف حول المبدأ، فالإخوان مثلا حينما قاموا بمظاهرة القضاة في منتصف ,2006 ونظموا أكثر من إحدى عشر مظاهرة على امتداد الجمهورية شارك فيها ما بين 60 إلى 80 ألف متظاهر، وقتها لم يشارك معنا أحد، لكننا لم نلم أحدا على هذا، لأننا حين نقرر أن نقوم بفعل أو مبادرة وندعو الآخرين للمشاركة، نؤمن بأن لهم الحرية في أن يشاركوا كما أن لهم الحق في عدم المشاركة، فقد نتوافق على المشاركة في بعض المحطات، وقد لا نتوافق، وأن يختار طرف ما ألا يشارك، أو أن يشارك بشكل يتوافق مع وضعه وإمكاناته فهذا شيء يخصه ولا ينبغي أن يلام عليه. المشكلة أن البعض دأب على الإساءة إليك سواء شاركت أم لم تشارك دون مبرر منطقي. يلاحظ أن خطاب جميع أطياف المعارضة يلقي بالشماعة على النظام السياسي بينما لا يسلط نقاط الضوء على الاختلالات الذاتية التي تعتري مكونات المعارضة ومشروعها وسلوكها السياسي؟ النظام المصري نجح بقوته البوليسية والقمعية أن يفجر المعارضة من داخلها، وأن يكبلها بخلافاتها الداخلية إلى درجة أنها أصبحت غير قادرة على المبادرة على الرغم من أنها أحزاب مرخص لها ولها أوضاع رسمية. التيارات الكبرى التي تشكل اليوم المعارضة الحقيقية هي التيار القومي والتيار اليساري والتيار الإسلامي ممثلا في الإخوان المسلمين. ونتيجة للممارسات البوليسية صارت المعارضة الأقوى هي معارضة الإخوان. البعض يتصور أننا سعداء بهذا، والواقع عكس ذلك، فنحن لا يسعدنا في شيء أن نكون المعارضة القوية، فنحن نتمنى أن تقوى بقية قوى المعارضة لتكون في حجم قوة معارضة الإخوان، فهذا هو الطريق الذي يجعل مجتمعنا المدني قويا ويمنع تغول السلطة وهيمنتها على مجمل الحياة السياسية وعلى المجتمع أيضا. المؤسف أن الحالة التي وصلنا إليها اليوم في ظل البطش البوليس أنه لم يعد هناك أحد يتحمل قمع النظام إلا الناس العقائديين ممثلين في التيار الإسلامي وجزء من التيار الماركسي، أما بقية القوى الأخرى فقد أثر فيها هذا البطش القمعي البوليسي، حتى إن المواطن المصري اليوم في المحطات الانتخابية لا يجد أمامه إلا تكتل الإخوان المسلمين والحزب الفاسد (يقصد الحزب الوطني) وهذا ما يجعل الإخوان يحصلون في الانتخابات على نتائج وازنة، لكن ذلك لا يعكس حقيقة المجتمع المصري وما يتمخض داخله من قوى للمعارضة، لكن الذي يتحصل من خلال نتائج الانتخابات إنما يفرضه واقع البطش البوليسي وعدم قدرة بقية قوى المعارضة على الصمود في مواجهة هذا البطش، ولو دارت عجلة الديمقراطية في مصر دورة حقيقية فإن الإخوان في أحسن أحوالهم لن يحصلوا على أكثر من خمسة وعشرين في المائة من أصوات المنتخبين لأن القوى الأخرى للمجتمع المصري ستظهر في جو الأمان وستتحرك وتأخذ نصيبها من الأصوات، لكن في غياب الشعور بالأمان فإن كثيرا من القوى الليبرالية وكذا اليسارية تختفي ولا يبقى مع البطش البوليسي سوى الإخوان والسلطة. ولذلك، أنا أرى أن جزءا من مهمتنا كإخوان أن نجمع قوى المعارضة، وقد جمعناهم تحت عنوان الجبهة الوطنية للإصلاح والتغيير، ولا زالت هذه الجبهة تشتغل، ونتفق على بعض الفعاليات ونختلف على البعض الآخر، لكن، الواقع أن المؤثر في هذه الفعاليات والموجع للنظام السياسي المصري هو الفعاليات التي يدعو إليها الإخوان ومن يلتف حولهم من الناس، وهو الواقع الذي نتمنى أن تقوى قوى المعارضة الأخرى لتكون في مستوى الصمود الإخواني حتى يصبح هذا الصمود حالة عامة داخل جميع قوى المعارضة في مصر. الجديد الحاصل على مستوى المجتمع المصري، أن الغضب اليوم صار غير حزبي وغير سياسي إن جاز التعبير، فهناك حالة من الغضب الشعبي العارم، وقد ظهر هذا بشكل واضح في إضراب 6 أبريل، فلم نكن نتوقع نحن الإخوان ولا غيرنا أن يعبر الناس على غضبهم بذلك القدر وذلك المستوى، ولم يكن لهذا التداعي الجماهيري فضل فيه لا للإخوان ولا لغيرهم وإنما كان حالة غضب عارمة اجتاحت الشعب المصري فتجاوب بشكل تلقائي من غير تأطير من الإخوان ولا كفاية ولا أي حركة أخرى، ونتمنى أن تقوى مثل هذه الإضرابات وهذه الأشكال الاحتجاجية، لأنها رسالة للنظام السياسي المصري أنه إذا لم يتدارك هذه الأوضاع فإنه من الممكن أن يحدث انفجار في مصر، وهذا ما لا نريده وما لا نحب أن يحدث. وهل تتصور أن قوى المعارضة بما في ذلك الإخوان قادرون على الاستجابة لعفوية الجماهير المنتفضة ضد تدهور الأوضاع الاجتماعية؟ عندنا ثقة، كإخوان، في أن يكون هذا التحرك الشعبي بالدرجة التي تؤدي ليس إلى إسقاط النظام، لأننا رغم مؤاخذاتنا على سياسة هذا النظام فإننا لا ندعو إلى إسقاطه، فذلك بلا شك سيؤدي إلى حالة من الفوضى. نحن لا نريد أن يسقط النظام المصري، ولكننا نريده أن يتجاوب مع حالة الضغط الشعبي فيحدث تغييرا في سياسته واختياراته. ما هو تصوركم للمخرج من هذه الأزمة السياسية التي تعيشها مصر؟ نحن نتصور أن الضغط الشعبي سيأتي بنتيجة، لأن النظام في كل سياساته كان يراهن على سلبية الناس، ولذلك كان يرى فقط لقوى المعارضة سواء الإخوان أو غيرهم، ويرى أنه يستطيع أن يتعامل مع هذه القوى بحملات بوليسية ضخمة وبإنزال ما يملكه من نصف مليون عسكري لمواجهة أي نشاط أو فعالية، لكن هذه المراهنة على سلبية الناس بدأ يظهر أنها لم تعد في محلها بعد حركية الشعب، ونأمل أن يتقوى الضغط الشعبي ويؤدي إلى حالة من التجاوب من أجل الإصلاح ومواجهة الفساد والفاسدين، فهذا ما نعول عليه بالدرجة الأولى. بعد مرور ثمانين سنة على نشأة الإخوان، هل تقدم الإخوان المسلمون؟ ليس هناك شك في أن الإخوان تقدموا مع تسجيل بعض السلبيات وأوجه القصور الموجودة، وهو شيء طبيعي أن يحصل، لكن البعض لا يدرك هذا التغير الذي أحدثه الإخوان والحركة الإسلامية السلمية الوسطية، وإن كان من تقدم أحدثه الإخوان أنهم أصبحوا مدرسة، وفي اعتقادي أن نجاح الإخوان ليس في أن يصبحوا تنظيما عالميا، ولكن نجاحهم هو في أن يصبحوا مدرسة تمثل الإسلام الوسطي الحداثي التقدمي الذي يستعمل وسائل التغيير السلمي لتحقيق أهدافه ويحافظ على استقلال البلاد وتعمل في إطار الدستور وتحترم قوانين البلد التي تعمل فيه، فهذه هي مدرسة الإخوان، وقد نجحت في أن تنتشر في العالم كله بغض النظر عن الأسماء والمسميات وانتقلت الحالة الإسلامية من حالة كانت محاصرة في المساجد إلى حالة تفرض نفسها على أجندات السياسيين والمثقفين والعلماء وأصبح لها وجود شعبي وامتداد جماهيري، وهذه الصحوة الإسلامية العامة هي أحد نجاحات الحركة الإسلامية، ولذلك فتقييم بشكل عام أن الإخوان قد تقدموا على الرغم من وجود بعض أوجه القصور. هناك انتقادات كثيرة تشير إلى أن قيادات الإخوان قد شاخت وأن الجسم التنظيمي للإخوان لا يتجدد ولا يتشبب، وأن التطور على المستوى الفكري والسياسي داخل الإخوان يجري في بطء شديد، كيف تنظرون لمثل هذه الانتقادات؟ هذا النقد في جزء منه صحيح، لكن ليس بهذه الصورة الطلقة. البطء موجود، لكن من يدرس الحالة المصرية يدرك إن الجزء الأكبر من هذا النقد يعود إلى عوامل خارج جماعة الإخوان المسلمين والجزء الأصغر من هذا النقد يعود إلى الاعتبار الذاتي للإخوان، وكما تعلم فإن تنظيم الإخوان أصبح كبيرا جدا في مصر، وطبيعة التجمعات الكبيرة أن تكون أكثر حذرا في حركتها وأكثر بطئا في تطور فكرها، فالجسم الذي يواجه الحصار ويحافظ على تماسكه ضد البطش الأمني طبيعي جدا أن يكون له محاذير، لكن أنا أتصور أن الإخوان على المستوى الفكري والسياسي يتقدمون، فقد اجتهدوا على مواقف للإمام حسن البنا سواء بقبولهم للتعددية الحزبية سنة ,1994 أو ما يتعلق بمشاركة المرأة ومواجهة تهميشها من المجتمع فهذا اجتهاد حصل على فكر الإمام حسن البنا، فمن يقرأ أفكار البنا يجد أن الرجل كان متحفظا في هذه المسألة، وربما حب الإخوان للإمام البنا وتقديرهم له يجعلهم يوضحون موقفهم من قضية المرأة دون أن يصوروا الأمر باعتباره اجتهادا على فكره، وأشير هنا إلى أنه ينبغي علينا أن نقبل ما يوجه إلينا من نقد بصدر رحب، وأن نتجاوب معه ونصحح ما نستطيع أن نصحح من أوجه الاختلال.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.