ثمة قناعة متنامية بأن الحياة الوطنية تعرف حيوية وحراكا افتقدتهما منذ سنوات، ليس من حيث الإنجاز والتقدم في حل المشكلات والمعضلات الاجتماعية والاقتصادية، بل بسبب عودة خطاب جديد يقوم على الاعتراف بالفشل في تحقيق مخططات وبرامج معالجة تلك المشكلات، كما أن الأمر لم يتوقف عند حدود مؤسسات رسمية بل تعداها لمؤسسات خاصة لكن لها وزنها في الحياة العامة بالبلاد، إلا أن المثير في كل ذلك هو المفارقة القائمة بين عدم التردد في الاعتراف بالفشل لكن مع حالة مغالية في التردد في تطبيق مقتضيات ذلك الفشل. الباعث على الملاحظة السابقة، هو ما شهدته الأسبوع الماضي من إعلان عن حالة من الفشل مع تفاوت في مضمون وطريقة هذا الإعلان، حتى أنه يمكن تسميته بـأسبوع الفشل، وهو ما شهدناه في برنامج وزارة الصحة للسنوات الخمس القادمة، وتتبعناه في خطاب وزير العدل بمجلسي البرلمان حول سياسة السجون على إثر فضيحة الفرار الكبير، وبلوغ سياسة الدعم للأسعار مأزقا لا يبدو أن هناك مخرج منه في الظرف الراهن، وتوازى ذلك مع حدث إقالة مدير أونا بعد تسجيل خسائر كبيرة والاعتراف بفشل مخططه الاستراتيجي، أما ختام الأسبوع الماضي فقد كان مع تقرير المجلس الأعلى للتعليم حول الحصيلة الفعلية للميثاق الوطني للتربية والتكوين والذي كان هو الآخر تعبيرا عن عنوان لفشل جديد يضاف للقائمة. من المفيد تسجيل إيجابية الإقدام على الاعتراف بالفشل خاصة بالزخم الذي تم في الفترة الأخيرة، وتحويل ذلك لمنطق وخلق عام، لاسيما عندما يطال قضايا حساسة وحيوية كبيرة في الراهن المغربي، وربما سيكون ذلك مدعاة لتحريك النقاش الوطني من جديد، وبشكل يتجاوز النقاش الذي أعقب إصدار تقرير الخمسينية، فهذا الأخير يهم مرحلة طويلة وممتدة تعدد فيها المسؤوليات، أما التطورات الأخيرة فتهم السنوات الماضية والمسؤوليات فيها واضحة بدرجة معتبرة، وهو ما يعطي قيمة كبيرة لحالات الاعتراف بالفشل. لكن في المقابل، هناك حالة إحجام غريبة عن طرح موضوع المسؤولية، ذلك أن منطق الاعتراف بالفشل يفقد قيمته عند غياب المحاسبة أو عند اللجوء لتعويمها على قاعدة تفرق دمه بين القبائل، وهي قاعدة قديمة عند العرب، لكن ما زلنا نشهد استمرارية لها في حياتنا المعاصرة. إن التساؤل المؤرق يقضي بضرورة الانتباه إلى أن مستقبل الإصلاح رهين بحسم سؤال المسؤولية في حال الفشل أو النجاح، والتجربة الحكومية السابقة بحسب التقارير الصادرة فشلت في ملفات استراتيجية ومصيرية لكن رغم ذلك نتجه إلى المراهنة على امتدادها لمعالجة نتائج فشلها، في هذه الحالة فإن الصورة المستقبلية هي صورة انتظار فشل جديد.