أتساءل أحيانا هل يوجد من يمثل الإسلام بشكله الصحيح في وقتنا اليوم؟ السؤال ينم عن قدر كبير من الإحباط النفسي الذي وجد من أثر النظر إلى واقع المسلمين اليوم، وهو واقع متخلف جداً بالنظر إلى قيم الإسلام ومشروعه الكبير ومنهجه الكلي. وينبغي أن يكون النظر لهذا الواقع نظراً مضبوطاً بالشرع أيضاً فإن شريعة الإسلام نزلت لتكون حاكمة على أوضاع الناس وهي في الوقت ذاته تقدر وجود الخلل في طبيعة البشر. فلذلك وجد الأمر الشرعي ووجدت التوبة بل لذلك وجدت الجنة على درجات متفاوتة ولذلك كان شأن المسلم هو المجاهدة والترقي في درجات الإسلام التي ضبطها حديث جبريل في ثلاث دوائر كلية وهي الإسلام والإيمان والإحسان أما وجود الخطأ فمقبول شرعاً وفي الوقت ذاته هو مقتضى الطبيعة البشرية الناقصة ولا ينبغي أن ينعكس النظر في أخطاء المسلمين إلى الحكم على الإسلام نفسه فإنه شريعة كاملة يأخذ منها الناس بقدر جهدهم وطاقتهم وبذلهم ولهذا يتفاوتون في الدرجات والثواب. أما من يمثل الإسلام فإن هذا السؤال يحتاج إلى إعادة صياغة فإننا نظر إلى الناس من منظار الإسلام ولا ننظر إلى الإسلام من منظار الناس. وكما قال علي رضي الله تعالى عنه يعرف الرجال بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال؛ فقد يقترب بعض الناس وبعض الجماعات من الإسلام مع وجود الخطأ، وقد يبتعد آخرون مع وجود الصواب، فيأخذ الصواب لدى هؤلاء ولدى أولئك ويترك الخطأ لدى هؤلاء ولدى أولئك، فمعنى هذا أنه لا يوجد ممثل وحيد وكامل للإسلام في حياة الناس، وإنما ينبغي أن يجتهد الإنسان في تحري ما يوافق شرع الله عز وجل ، ويعذر ويصوب أن يصحح أو يجتنب ما عدا ذلك من الخلل.