نشرت العديد من المنابر الإعلامية تغطية للوقفة التي نظمها ستة أئمة من خريجي المدارس العتيقة أمام البرلمان في الآونة الأخيرة احتجاجا على تردي أوضاعهم وعلى تعرضهم للتضييق والتهميش، بل والطرد من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهي الوقفة الثانية بعد الوقفة الأولى لاثنين منهم طردا من منصبيهما منذ سنة .2005 احتجاج ستة أئمة على سوء الأوضاع والتهميش والتوقيف غير المبرر ما هو إلا تلك الشجرة التي تخفي الغابة، إذ يشاركهم إحساسهم بالتهميش والحيف سائر الأئمة والقيمين الدينيين بالمملكة، ذلك أن وزارة الأوقاف فرضت على الإمام الكثير من الواجبات المدونة فيما يسمى بـ دليل الإمام و الخطيب، و رصدت له مراقبين وظفتهم بالتعاقد رتبتهم في السلم العاشر من الوظيفة العمومية يحصون عليه أنفاسه وحركاته وسكناته ابتداء من حضوره اليومي إلى التسليمة الواحدة وقراءة الحزب، والإمام يؤدي ذلك كله طائعا أو كارها دون أن ينجو من سهام الافتراء والاتهام بالتقصير من طرف أولائك المراقبين الذين يفعلون ذلك خشية أن يتهموا بعدم جدوى مهامهم الموكولة إليهم. ومع هذه المهام والواجبات الثقيلة الموكولة للإمام، وهذه المراقبة الصارمة التي تجثم على صدره، فإنه يعاني حيفا كبيرا من حيث حقوقه التي لا ترقى بأي وجه من الوجوه إلى ما على عاتقه من واجبات، فلا أجر يكفيه لسد حاجياته اليومية في ظل الارتفاع المهول لأسعار المواد الاستهلاكية، ولا كرامة له عند الناس الذين ينتظر عطاياهم وولائمهم لضمان الحد الأدنى من العيش إضافة إلى حرمان الكثير من السكن الذي يكون أصلا تابعا للمسجد. ولائحة معاناة الأئمة تطول .. وأمام هذه الوضعية المزرية، يجد الأئمة أنفسهم بين أمرين أحلاهما مر. بين مطرقة الواجبات التي يؤديها الإمام نيابة عن أمير المؤمنين كما يأتي في تعليمات وزارة الأوقاف، وبين الحقوق التي كلما طالب بها جوبه بالجواب الجاهز الذي مفاده أنه مكفول الأمة وأن المهام الدينية ليست وظائف اسمية وإنما هي مهام تطوعية تعطى عليها تعويضات طبعا هزيلة ومخجلة كما يعلم الجميع؟؟ فإلى متى تستمر معاناة الأئمة وسائر القيمين الدينيين في ظل هذه الوضعية المتردية جدا، و أمام التهديد بالطرد واستقدام متعددي الوظائف من قطاعات أخرى في الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن هيكلة وإصلاح الحقل الديني بالمغرب.