في اتجاه تكريس المشروع الأمريكي، الذي يستهدف تعديل مناهج الدعوة والتعليم في العالم العربي والإسلامي، وبعد تركيا وباكستان، تعرف مصر ونيجيريا في الآونة الأخيرة دعوات وضغوطا ملحة لإصلاح المناهج بالمدارس والمعاهد القرآنية. فقد كشفت مصادر مصرية عن قرار أصدره مجلس الوزراء المصري ومجلس المحافظين يوم الثاني والعشرين من ماي الماضي، ينص على وقف بناء معاهد أزهرية جديدة، وتحويل بعضها لمدارس أو منشآت تابعة لوزارة التعليم، ويضع قيودا على بناء المساجد الجديدة. وأفادت صحيفة الأسبوع أن هناك وثيقة هامة تؤكد هذا الاتجاه >نحو إلغاء المعاهد الأزهرية، في إطار خطة أمركة الخطاب الديني في مصر والعالم العربي، لما تحويه مناهج التعليم الديني، حسب قول واشنطن، من تكريس للكراهية ضد كل ما هو أمريكي، وحتى يمكن للولايات المتحدة تحقيق النصر الكامل على ما تسميه الإرهاب الإسلامي، في إطار خطتها للحرب العالمية الأمريكية الرابعة، وضمانا لاستمرارها، وتحقيقا لبيان القرن الأمريكي الجديد، يجب القضاء على هذا التعليم، وإلغاء الأزهر"، كما قالت الصحيفة ذاتها. وقال مصطفى بكري، رئيس تحرير صحيفة الأسبوع: "إنني أعتز بأنني ناصري الفكر، ولي ملاحظات عديدة على التيار الديني ومواقفه، ولكني أشعر الآن بأن عقيدتي أضحت مهانة، وأن الحرب المعلنة على الإرهاب هدفها الإسلام، وليس مقاومة فئة ضالة، صنعت في المختبرات الأمريكية، وتولت الاستخبارات البريطانية تسويقها وحمايتها، ومنحها حق اللجوء السياسي<. وتساءل "لمصلحة من هذا الذي يجري؟". وكشف بكري عن أنه تناهى لعلمه أن هناك اتجاها يمضي، وبقوة، يهدف أيضا إلى تغيير أسماء المدارس، التي تحمل أسماء إسلامية، أو أسماء الخلفاء الراشدين، مثل عمر بن الخطاب، وأبي بكر الصديق رضي الله عنهما وغيرهما، واستبدالها بأسماء أخرى، ليس لها علاقة بأي مسميات إسلامية أو قريبة منها!. وتنص الوثيقة، التي نشرت الأسبوع بنودها ومرجعها الإداري، على: عدم الترخيص ببناء أي معاهد أزهرية جديدة، ورفض تحويل المعاهد الأزهرية الخاصة إلى حكومية، أو قيام الأزهر بالإشراف عليها، ودراسة إمكانية تحويل بعض المعاهد الأزهرية إلى مدارس أو منشآت تابعة لوزارة التربية والتعليم. ثم إعادة النظر في المناهج والمقررات التعليمية التي تدرس بالمعاهد الأزهرية، بما يعمل على إعداد خريجين لديهم مهارات أساسية وأولوية مطلوبة لسوق العمل. من جهة أخرى اشتدت مخاوف أصحاب المدارس القرآنية والعربية بنيجيريا بعد دعوة الهيئة القومية للتعليم الابتدائي في نيجيريا، للمدارس القرآنية والإسلامية بتصحيح أوضاعها ومناهجها لمواكبة العصر، مما خلق جدلاً واسعًا في أوساط المسلمين في نيجيريا، حيث اعتبرها البعض محاولة لاختراق تلك المدارس، فيما رآها آخرون خطوة نحو التطوير. وتكمن تخوفات أصحاب المدارس القرآنية، وفقا لموقع إسلام أون لاين، في أن تكون الدعوة لتصحيح أوضاع ومناهج المدارس القرآنية مجرد محاولة لتهميش تدريس القرآن وعلوم الدين في نيجيريا. وفسر الدكتور أبو بكر عبد الرشيد، عميد كلية الآداب والدراسات الإسلامية في جامعة بايرو النيجيرية، عدم إجراء تعديلات على المناهج التعليمية للمدارس القرآنية، بأنه يعرض >مستقبل ملايين من أبناء المسلمين من جيل المستقبل لخطر جسيم لعدم كفاءتهم العلمية، والذي ظل يتسبب في عزلهم من المنظومة الوظيفية في المجتمع أو يضطرهم للانخراط في التعليم العام من البداية مجددًا لكي يتمكنوا من الحصول على وظائف<. وأضاف، تبعا للمصدر ذاته، أنه: >لا بد من تحرك أصحاب المدارس القرآنية التي تنتشر في أنحاء البلاد، بإعادة النظر في المناهج، التي تدرس فيها، لتضع في الاعتبار الإصلاحات والتطورات المتلاحقة في النظام التعليمي النيجيري، إضافة إلى ما تستلزمه ظروف التحديات المعاصرة للمسلمين<. وفي الوقت نفسه، اعتبر الشيخ صلاح الدين أولايولا، رئيس رابطة مؤسسي المدارس العربية الإسلامية في نيجيريا مسألة مراجعة وتصحيح أوضاع مناهج المدارس القرآنية >ضرورة، لأن البنية الأساسية للمنظومة التعليمية الأولية لأبناء المسلمين اليوم ضعيفة، وتحول دون وجود عناصر مسلمة في مراكز القيادة والإدارة واتخاذ القرار في نيجيريا<. يذكر أن الحكومة الباكستانية حرمت المدارس الدينية من منح مالية للتضييق عليها، كما أن الجدل في تركيا بشأن إصلاح التعليم قد تم تأجيله إلى أكتوبر المقبل. أما في المغرب فقد أقدمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في إطار هيكلتها الجديدة على تخصيص مديرية للتعليم العتيق لمراقبة مناهجه ومواده. وتركز أمريكا على مناهج التعليم الدينية والمدارس المدرسة لها بزعم أنها مصدر تهديد حضاري لها. ع.لخلافة