أبان اختلاف ردود الفعل التي صاحبت توطين مشروع أكبر محطة حرارية على الصعيد المغربي بإقليم أسفي والتي ستؤمن حسب بلاغ لوزارة الطاقة 27 % من الطاقة الكهربائية بكلفة مالية قدرت ب20مليار درهم وبقدرة طاقية تصل إلى 1320 ميغاواط، أبان عن عدة مفارقات. ففي الوقت الذي سكتت فيه الأحزاب السياسية عن إبداء موقف رسمي مؤيد أو معارض لهذا المشروع باستثناء الحزب العمالي الذي عبر عن تأييده، أدار النقاش حوله-بأسمائهم الشخصية- ممثلو الإقليم بمجلس النواب بغرفتيه ورؤساء الجماعات والغرف المهنية والمجلسين الإقليمي والجهوي مع العلم أنهم جميعهم يمثلون أحزابا داخل هيئاتهم التمثيلية. ففي طليعة المناهضين لمشروع المحطة الحرارية بمنطقة البير المالح القريب من أسفي ب20 كلم والتي ستعرف مشروعا سياحيا اسبانيا ضخما على مساحة 300 هكتار بغلاف مالي يقارب 370 مليار سنتيم ويوفر حوالي 2000 منصب شغل قار برلمانيا حزب الاستقلال واللذان يرأس أحدهما مجلس جهة دكالة عبدة والآخر جماعة اسحيم ، الأمر الذي اعتبره بعض المتتبعين ضربة قوية لحكومة عباس الفاسي. ومثل مناهضة مشروع المحطة من جانب حزب الاتحاد الاشتراكي برلماني الحزب بأسفي والذي يشغل أيضا رئيس الجماعة القروية العكارطة، إضافة إلى مكتب جريدة الحزب الذي يرأسه عضو المجلس الوطني والكتابة الإقليمية، حيث كتب ثلاثة مقالات تدفع نحو رفض المشروع. مع العلم أن وزير المالية والاقتصاد فتح الله ولعلو سبق أن بشر ساكنة أسفي أثناء لقاء جماهيري نظم من طرف المكتب الجهوي للحزب قبل انتخابات شتنبر2007 ، بشرها بأن الإقليم سيعرف مشاريع طاقية كبرى سترفع عنه التهميش مما لم يصدر تجاهه أي رد فعل سلبي من جميع الجهات.من جهة أخرى ظهر أول رد فعلي رافض لمشروع المحطة الحرارية على طول الساحل البحري للإقليم، من طرف المجلس الإقليمي الذي يقوده الاستقلالي عبد الله كريم بعد دورة يناير العادية. حيث نظم ندوة صحافية أطرها إلى جانبه أخوه برلماني الحزب ورئيس جهة دكالة عبدة، إضافة إلى رئيس بلدية أسفي باسم الحركة الشعبية. وزع خلال هذه الندوة بلاغا موقعا من طرف 13 برلماني بالغرفتين يقود بعضهم جماعات قروية، ورئيسي المجلسين الإقليمي، والجهوي، وغرفتي الصناعة التقليدية، والصناعة والتجارة والخدمات، إضافة إلى جماعة أولاد سلمان. لقد ذكر البلاغ أن الذين رفضوا إنشاء أي محطة حرارية لإنتاج الكهرباء على طول الشريط الساحلي لإقليم أسفي قد وقعوه بأسمائهم الخاصة. إلى ذلك ذكرت مصادر إعلامية أن الوزير الأول عباس الفاسي استغرب أن تصل موجة الرفض إلى مستوى اتخاذ قرارات من جهات تمثيلية كمجلسي الجهة والإقليم حين لقائه مرتين مع الجبهة الرافضة من أجل تكسير موقفهم الرافض لمشروع المحطة الحرارية لإنتاج الطاقة. كما التقت وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة بن خضرة مع برلمانيي الإقليم مرتين كان آخرها بأسفي في 22 مارس الفائت لإقناعهم بأهمية توطين هذا المشروع الطاقي الهام بساحل أسفي بعد أن أخبرتهم بأنه يستجيب للمعايير الدولية الأكثر صرامة في مجال الحفاظ على البيئة والمعتمدة في عدد من بلدان العالم كمشاريع مماثلة تعمل بنفس الخاصيات توجد بجانب مجمعات سياحية عالمية في عدة دول متقدمة . وحسب معطيات متطابقة فإن البرلمانيون قد اقتنعوا بتوطين مشروع المحطة الحرارية بأسفي وبتغيير مكانها من منطقة البير المالح بالصويرية القديمة، إلى جوار المركب الكيماوي. وإذا كان هذا الموقف صحيحا كما ينتظر المؤيدون للمشروع الذين يرون فيه فرصة كي تستعيد مدينة أسفي مكانتها كموقع اقتصادي متميز إضافة إلى المساهمة في خلق قطب صناعي وطني ومتكامل على حد تعبير آسفي بريس، فإنه ايضا امتحان حقيقي للبرلمانيين الذين طالب أحدهم -أحمد السرغيني- من ساكنة أسفي الرحيل عن المدينة إدا تم توطين المشروع بها. كما سيؤكد موقف بعض المتتبعين من كون رد فعل البرلمانيين والمنتخبين غير مخلص ومؤشر عليه من جهات عليا بالمدينة، وله علاقة بلوبي العقار. الأمر الذي أشار إليه بيان جمعية ما تقيش كرامتي بأسفي حيث جاء فيه أن المشروع أثار حفيظة اللوبي العقاري بمنطقة الصويرية والممثل في السلطات والمنعشين العقاريين.ومن تم ستضل وحدها جمعيات المجتمع المدني في ساحة النضال ضد مشروع المحطة الحرارية كجمعية أصدقاء الكارتينغ لحماية البيئة التي قالت كفانا من المشاريع الملوثة بأسفي. واستعطفت الوزير الأول للعدول عن هذا المشروع. إضافة إلى جمعيةما تقيش كرامتي التي ترى أن أسفي لم تستفد من كيماويات المغرب سوى الأمراض والتلوث البيئي، وستستفيد من المحطة الحرارية إقبار المشاريع السياحية الكبرى التي ستستثمر في المنطقة. لقد ذهبت هذه الجمعية الحقوقية في رد فعلها أن أسفي أصبحت مقبرة للنفايات. واعتبرت في بيانها أن المحطة الحرارية تهدد البيئة بحريا وجويا وعلى مستوى التربة. وقالت أن المشروع يعتمد على امتصاص كميات كبيرة من ماء البحر لتبريد أكثر من 400 ألف متر مكعب يوميا لآلات تشتغل تحت درجة عالية من الحرارة ومع إعادة هذه المياه إلى البحر محملة بإشعاعات يتم القضاء على الثروة السمكية والنباتية. إضافة إلى غازات ثاني أكسيد الكربون، وأحادي أكسيد الكربون التي ستتسرب إلى الجو وتضاف إلى ثاني أكسيد الكبريت المتسرب إلى الجو من كيماويات المغرب، لتزداد محنة ضيق التنفس مع هشاشة العظام التي يعاني منها السكان المجاورون للمنطقة. أما على صعيد تلوث التربة فترى الجمعية أن سقوط أمطار حمضية نتيجة تكاثف ثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد الكربون مما يؤدي إلى إتلاف النباتات وتشبع التربة بعناصر كيماوية كما حصل بدواري البورات وأيت بعمران القريبين من كيماويات المغرب حيث أصبحت أرضهم شبه قاحلة.