إن ما نشرناه لحد الآن في هذه السلسلة لتعطي الدليل الواضح على أن العلامة محمد المختار السوسي رحمه الله، كان رمزا من رموز الثقافة المغربية، ورائدا من الرواد القلائل، الذين تركوا بصماتهم على صفحات التاريخ، ومن الذين أخذوا على عاتقهم وأدركوا على أن النضال والمقاومة لن يتأتيا إلا بواسطة خدمة العلم والثقافة ونشرهما بواسطة الكتابة والتأليف، وأن هذه الواجهة كانت هي السلاح القوي، الذي دافع به العلامة محمد المختار السوسي عن كيان هذه الأمة وعن حضارتها وهويتها وثقافتها العربية والإسلامية ضد الاستعمار الغاشم صاحب الأهداف والمخططات المدروسة إلى طمس معالم ديننا ومقوماتنا الحضارية وأمجادنا التاريخية. بعد صبيحة يوم 28 ذي الحجة 1355 هـ(11 مارس 1937م)، يوم نفي والدنا أو يوم اختطافه من بين أحضان مراكش إلى منفاه بإلغ، حيث لبث في قريته تحت الإقامة الإجبارية، مع منعه بالاتصال بالعالم الخارجي مما حدا به إلى الاشتغال بالعلم وبإحياء ماضي سوس العلمي والتاريخي وبذل جهودا كبيرة في البحث والتنقيب وانكب على التدوين والتسجيل والتأليف واستطاع الوصول إلى ما يهم تاريخ سوس خاصة وتاريخ وطنه وقضاياه الكبرى عامة. والمتصفح للكتيب الذي نشرناه في المدة الأخيرة دليل مؤلفات ومخطوطات العلامة رضى الله محمد المختار السوسي الذي خصصناه وبينا فيه كل ما تركه لنا من الآثار التي خطها بيراعه، لخير دليل على مابذله في سبيل إحياء التراث وإحياء المجد الثقافي المغربي، وبناء على ما نقوم بنشره في هذه السلسلة التي كان هدفها الأول هو التعريف وتبيان ما لم يكن مبينا للقارئ خصوصا الجوانب، التي نرى أنها تستحق منا أن نعرف بها، وفي سبيل ذلك ارتأينا هذه المرة أن نخوض في الجانب الديني والفقهي وخصوصا جانب الإفتاء، وسنلقي الضوء من خلال الإطلالة على فتوى كتبها في منفاه سنة 1361هـ ، المسماة وشي المطارف في ثبوت الهلال بالخبر الرسمي من الهاتف، وهي فتوى مهمة في بابها، وسنقوم هنا بذكر المقدمة وعناوين فصولها وعلى ان نبين أحدها ثم نذكر الخاتمة وكذا ذيلين لهذه الفتوى، وهذا كله في الشطر الأول من هذه الصفحة، وأما الشطر الثاني فسنخصصه لتبيين بعض مؤيدي هذه الفتوى من العلماء والفقهاء، وكنا نود أن ننشرها كلها إلا أننا ارتأينا أن نتبع خطتنا والتي نقوم على التعريف بجوانب كتابات والدنا، ونطلب الله أن ييسر لنا طبع كل مؤلفاته لتعم الفائدة، فاللهم يسر ذلك وخفف عنا تحمل هذه الأمانة التي تركها غيرنا وقمنا بحملها رغم جسامة مسؤوليتها، فالله المستعان وعليه التكلان. رضى الله عبد الوافي المختار السوسي المكلف بنشر تراث والده للاتصال: 070469751 العلامــة محمــد المختـار السوســـيالمفتـــي إطلالة على فتوى وشي المطارف في ثبوت الهلال بالخبر الرسمي من الهاتف في هذه الحلقة سنبرز جانبا من جوانب نبوغ العلامة محمد المختار السوسي وهو المتعلق بمجال الفقه والإفتاء، والنموذج فتوى وشي المطارف في ثبوت الهلال بالخبر الرسمي من الهاتف كتبها العلامة المختار السوسي في منفاه بإلغ سنة1631 هـ. حيث تطرق العلامة إلى عناوين محتوى الفتوى وهي: 1 ـ أسباب الاختلاف. 2 ـ بماذا يثبت الهلال. 3 ـ كيف عدالة من يُبَلِّغون بالهاتف . 4 ـ هل يصوم السوسيون برؤية الهلال في الرباط . 5 ـ رؤية الهلال وإثباته في جانب واحد من القطر مع الصحو العام. 6ـ نص عليش في الموضوع. وفي هذه الحلقة سنورد مقدمة الفتوى ونص عليش عليها، وبعض أقوال المؤيدين لنظر العلامة محمد المختار السوسي الفقهي، مع ذيلين له لهذه الفتوى: المقدمة الحمد لله أوضح الشرائع الدينية والدنيوية إيضاحا، وجعل في أيدي العلماء بها متى انغلقت أبوابها مفتاحا، والصلاة والسلام على من تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، الذي أتانا بشريعة روية، فمن لم يفز بأن يسبح في بحارها، كرع في أنهارها، وعلى آله وصحبه الذين هم كالنجوم بأيهم اقتدينا اهتدينا، وهم الذين أدركوا أهداف الشريعة فبحسبنا اتباع خطاهم إن مشيْنا. أما بعد، فقد وقعت عندنا في أول رمضان وفي آخره من هذه السنة 1361 هـ مباحثة حول ثبوت الهلال بالهاتف، الذي يسمى بالفرنسية التليفون، وذلك لأن الهلال لم ير عندنا ولا عند من يقرب إلى قريتنا إلغ، وإنما أتتنا الأخبار الرسمية بالهاتف حين ثبوت الهلال عند الحكومة في العاصمة، وأما هلال أول رمضان فلم نره للغيم الذي عم آفاق هذه الجهة، وأما هلال منتهاه أي هلال شوال، فإن الجو صاح لا قزعة فيه ولا ضبابة، ومع ذلك ورد ثبوت الهلال من العاصمة، وقد كان الاختلاف كثيرا عندنا، فقام شيخنا سيدي عبد الله بن محمد والفقيه الأغر عميد المدرسة الإلغية الأستاذ سيدي المدني ومن إليهما من علماء القرية، فحرروا هذا الذي سأسطره باختصار، لأن هذا الاختلاف كما وقع عندنا وقع عند غيرنا بلا ريب، حتى سمعنا عن بعض العلماء أنه تعمد الأكل في أول رمضان بعد ورود الخبر الرسمي بثبوت الهلال، والأحرُص على جمع ما أريد أن أجمعه هنا في فصول، مستشهدا بالواقع وبالنصوص الفقهية المالكية من المختصر ومن بعض شروحه كالحطاب، والدردير، والزرقاني، أو حواشيه ولم أتخط هذه المؤلفات المشهورة إلى المنازع العليا وأراء المذاهب، لأن المقام في بيئتنا لا يستدعي الإسهاب، ولا يستدعي سَوْق النصوص من كتب في المذاهب، والحديث لا يروج كثيرا في جبال جزولة الآن إلا بمقدار. كان العلامة المتشبث زينة(إلغ) سيدي المدني كتب إلي عند ورود خبر ثبوت الهلال من الحكومة أول رمضان، فأجبته في الموضوع برسالة، منها أن عهدي ب عليش ذكر ثبوت الهلال بالتلغراف كنت رأيت النقل عن فتاويه بذلك، ثم اليوم راجعنا الفتاوى فإذا فيها مايلي: (ما قولكم في حادثة في سنة إحدى وثمانين، هو أنه بعد صلاة الجمعة حضر خبر من (الشام)في التلغراف لبعض الثغور أنه ثبت في (الشام) رؤية هلال رمضان ليلة اليوم الحاضر يوم الجمعة، فأفتى مفتيه بالعمل بهذا الخبر، والحكم بثبوت الشهر في ذلك الثغر، وحكم قاضيه بذلك تمسكا بقبول بعض حواشي التنوير، الظاهر أنه يلزم أهل القرى بسماع المدافع أو رؤية القناديل من المصر، لأنها عادة ظاهرة تفيد غلبة الظن بثبوته عند قاضي المصر، وغلبة الظن حجة موجبة للعمل كما صرحوا به، واحتمال كون ذلك لغير رمضان بعيد، إذ لا يفعل مثل ذلك عادة ليلة الشك إلا لثبوت رمضان) انتهى. ولما سمع بذلك بعض علماء القطر الشامي عارضوا ذلك غاية المعارضة، وردوا الفتوى المذكورة قائلين: بعدم جواز الحكم بثبوت رمضان بناء على ذلك، مستدلين بعبارة من الكتب المحررة، فهل يعول على الفتوى المذكورة، أو على قول المعارضين، أفيدوا الجواب. فأجبته بما نصه:الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، يعول على الفتوى المذكورة، لأن سلاطين المسلمين وضعوا التلغراف لتبليغ الأخبار من البلاد القريبة والبعيدة، في مدة يسيرة جدا، وأقاموا لأعماله أشخاصا مسلمين، وأنفقوا على ذلك أموالا جسيمة، واستغنوا به عن السعاة وإرسال المكاتب غالبا، فصار قانونا معتبرا في ذلك، يخاطب به السلاطين بعضهم بعضا في مهمات الأمور، وتبعهم الناس على ذلك، ويؤيد ذلك ما تقدم عن الشيخ أبي محمد والحطاب وغيرهما، والله سبحانه وتعالى أعلم. ثم اورد أيضا بعدما تقدم، فتوى اخرى عن جواب، نصها:ما قولكم فيمن انتظروا هلال رمضان فلم يروه، وأصبحوا مفطرين، وقد بلغهم بالسلك ثبوت رمضان في مصر معتقدين أنه لا يلزمهم الصوم به، وأن الحكم به مبني على قول المنجمين، فهل تجب عليهم الكفارة ام لا، أفيدوا الجواب. فأجبته بما نصه:تجب عليهم الكفارة لبعد تأويلهم لاستنادهم فيه لجهلهم وسوء ظنهم، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. انتهى ما هناك. وهو كلام حسن، إلا أن فيه ما ربما لايزال يتشبت به متشبت، وذلك أنه أخبر عن تلغراف عماله كلهم مسلمون، ونحن في هذه البلاد اليوم ربما كان بعض العمال غير ذلك، وقد تقدم لنا أن كل من كان مستخدما مع الحكومة يحرص كل الحرص على أداء ما أمر به كما أمر به، كما أنه يحرص على أن لا ينصدر عنه ما يحرمه وظيفته ويجره إلى عقوبة الحكومة، ومن عرف الموظفين من أي جنس كانوا، يدرك أنهم يعبدون الحكومة ولا كعبادتهم لخالقهم، خوفا وهيبة، وهذا ما يقوم على أن إثبات الهلال أو نفيه لا يتداخل فيه عندنا أمثال هؤلاء، إلا بفتح آلة الهاتف ووصل الأسلاك، فالسلطان أخبَر صنوه المولى الحسن الخليفة في تزنيت كفاحا، وهذا هو الذي بث ذلك في (سوس) كما أمر به، والوظيف الديني هو الذي يقوم به، ومن عرف كل هذا يزول عنه ريب بما خامر لبه مما تقدم. ذلك، إلا أن الكفارة التي حكم بها الشيخ عليش فيما تقدم لمن أفطر عمدا بعد ورود ذلك الخبر من التلغراف أو السلك ـ كما سماه ـ لجهله وسوء ظنه، فإن الذي يظهر في قضيتنا أن من أفطر عندنا نحن في أول رمضان الماضي، والحالة هذه أنه جاهل كل ما ذكرناه من أحوال(المغرب) فظن أن لغير المسلمين يدا في مثل هذا، فلا يظهر إلا انه تاول تاويلا قريبا يعذربه، خصوصا إن كان عالما ممن لا يتلاعب بالدين، وإن كان ينبغي له عدم الإقدام على ذلك، ولا تنس أنه كان يستحب صبيحة الشك عدم الإفطار حتى يتمشى الناس في الطرقات، نعم من سمع كل هذا مع هذا البيان والنصوص ثم لايزال كما هو، فإن ما قاله الشيخعليش يلزم في حقه، والله أعلم. .... خاتمــــــة الآن وقد سقنا بكل اختصار ما يتعلق بالموضوع حسب علمنا وحسبما حرر بعضه شيخنا العلامة ذو الانتقاد المصيب سيدي عبد الله بن محمد حفظه الله، وحسب ما بدا لعقلي الكليل، أحب أن أشيد بعلماء إلغ في تثبتهم في الدين، وفي حرصهم على إدراك الحقائق، فلولا ذلك ما تحرر لنا هذا كله، فإن كان هناك من يقول إن هذا لا ينبغي فإنني أنا أقول لا ينبغي من عالم إلا هذا، فلا يقدم على أمر إلا بعد إدراك حكم الله فيه، فلا يجوز أن ينقلب ما هو مفخرة لهم خالدة، ومأثره تفوق كل المآثر وأحدوثة تكون غرة التاريخ، إلى عكسها على خط مستقيم. إذا محاسني التي أُدل بها كانت مساوى فقل لي كيف اعتذر فلتحيا إلغ بعلومها وبرجالها: أولئك آبائي فجئني بمثلهـــــــــم إذا جمعتنا يا جرير المجامع أقول قولي هذا رادا العلم إلى الله، وإلى أولي العلم القائمين بالقسط فما كان منه صوابا فمن أستاذي سيدي عبد الله بن محمد الذي حرره، وما كان من خطإ فمن تلميذه الذي لايزال تلميذا يصيب ويخطئ، وكل كلام فيه مقبول ومردود، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. كتب في ساعة وربع، وختمته في العاشرة ونصف في 2 شوال 1361هـ محمد المختار لطف الله به ذيل: ليعلم الواقف أن هذه الفتوى الذي كنت كتبتها منذ سنتين قد وقفت بعد على ما يؤيدها في الفتاوى الصغرى للوزاني، وهي مطبوعة في فاس في أجزاء قليلة، وهي غير معياره الجديد، وقد أشبع الكلام في الموضوع هناك وهو يرد على بعض علماء الصحراء، الذين تصدوا لنقض ما أفتى به عليش، كما أنني علمت أن هذه المسألة بعينها كانت رائجة في الشرق في الحجاز حوالي 1323هـ فانفض الكلام على ما حررناه هنا والحمد لله. وسيرى القارئ في ذيل هذه الرسالة تأييدا من الفقيه سيدي الحاج الحبيب المدرس (اليوم) بآيت صواب كما فيه تأييدا لفقيه المدرس سيدي أحمد الكشطي التناني، وعندنا أيضا تأييد من الفقيه سيدي الحاج مسعود الوفقاوي(1). ثم إن ما كان تلك السنة تكرر أيضا في هذه السنة في أول رمضان وفي آخره، لأن الهلال رئي أول الشهر في تطوان، وفي آخره في تارودانت وفي أكادير وفي هشتوكة وفي ماسة وكذلك في ألكوم في القبلة فلا أدري على أي شيء يعول بعد أن كنا لا نعول على ما أثبته قاض من قضاة الجهات إثباتا شرعيا، ثم أوصله إلى السلطان ثم أمر السلطان بالإعلام العام به، فإن كنا نقول إن النصارى هم الذين يفعلون هذا فلا يقول ذلك إلا من لا اطلاع له، وإن قلنا إن القضاة قد يتساهلون في الشهادة، فقد تسببنا في أن نعرض كل ما يروج فيه القضاة من رسوم الأموال والنكاح والطلاق إلى التساهل، فنبطل ما أحكمه الشرع الحنيف، وإن قلنا إننا نريد التحقيق فقد أعلنا جهلنا الكشف العميق، لأن هذا من الظنيات وإن قلنا إن الصحو وحده يكفي في تكذيب من يدعي الرؤية في الوقت الذي لا نرى فيه نحن الهلال فقد جهلنا ما في نص المختصر من تصديق العدلين إن رأياه يوم صحو في مصر. الحق هذا من رد العلم إلى الله الفقير الضعيف محمد المختار في آخر شوال 1363هـ (1)يراجع تأييد سيدي الحاج مسعود الوفقاوي في رسالة جوابية لمؤلف الفتوى في الجزء الثالث من المعسول(75 ـ 78)، وكنا نود نشرها كلها، ولكن لطولها نكتفي بهذه الإشارة، فلتراجع هناك. الناشر تأييـــــدات بعـــــض العلمـــــــاء والفقهــــــاء لهـــــذه الفتــــــــوى الحمد لله وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وما أبداه العلامة الأنور الفهامة الأبر سيدي محمد المختار السوسي، في لزوم الصيام وغيره من الأحكام الثابتة بطريق تلغراف وغيره من الأسلاك، لا يفيده فيه، إلا من شك في أخبار من يقول بطيران الآدمي في الهواء بآلته وغير ذلك، والحاصل أن لزوم الشهر بأخبار العلماء الموكلين بتلك الأحكام تلزم كل من بلغه ولو بواحد لقول ابن عاصم بما نصه: وواحد يجزي في باب الخبر واثنان أولى عند كل نظر. وكتبه الضعيف أحمد بن الحاج علي التناني الكشطي الله وليه (وهناك في الجزء 15 من المعسول صفحتي 92 ـ 93 اثناء رسالة أرسلها للعلامة محمد المختار السوسي قصيدة بها 12 بيتا تحدث فيها أيضا عن هذه الفتوى فلتراجع هناك ـ الناشرـ) الحمد لله وحده بين كل آونة وآخرى، يتحفنا بجديد مؤلفاته القيمة، التي كان في أكثرها ابن بجدتها، وكانت قلادة فخر في جيد سوسنا المحبوب، ذلك الأستاذ الكبير العلامة الشهير الذي له عاطفة فياضة، ومادة في العلم غزيرة سيدي محمد المختار السوسي حفظ الله علومه. ومن ذلك أنه أتحفنا اليوم بتويلف أسماه وشي المطارف في ثبوت الهلال بالهاتف ألف فأجاد، ونقل فأفاد، مع ربط عجيب وفصاحة في التركيب، قرطس بسهم قلمه، وأفاض سجالا من عباب علمه، مقتصرا فيه على ما يناسب الوسط العلمي السوسي من الفروع الفقهية. كما أن هذه القضية طالما شغلت الأوساط العلمية في كثير من الأقطار الإسلامية، والموجب لذلك أن كثيرا من فقهاء الإسلام لازالوا بمعزل من إدراك ما وصل إليه هذا العالم الراقي الملآن بكل جديد عجيب وفريد قريب، وزاد هذا الطين بلة، الجمود والتقليد السائدان. نزع بهم إلى ذلك الجانب البعيد عن الصواب في هذه القضية أيضا، المجمل بمقاصد الشريعة السمحاء، وبالأقيسية ومسالك العلل، مع الجمود على بعض الفروع والاسترسال مع الخيالات والأوهام، أما لو أنعموا النظر فيما ورد في ثبوت الهلال، أصولا وفروعا مع اعتبار القوم المحلى، هل لهم بمراقبة الأهلة الاعتناء أم لا، ثم أجالوا أبصارهم في كل ما يجري حولهم من انقلابات مائلة في الأنظمة الإسلامية، أحوالا وأمزجة عقلية وانهيار ممالك وقيام أخرى محلها، منذ انبلاج فجر الإسلام الآن، لأصبحت لهم فائدة تناسب العقل والدين. أو لم يجر كثيرا على ألسنتهم قولهم: الفقه(أي فروعه)يتغير بتغير الزمان، وأي مانع يمنعنا من تغيير بعض الفروع عند الاقتضاء من واضح إلى أوضح، لموافقته لروح العصرالحاضر والدين (ما ننسخ من آية أو ننسها (الآية)، هذا كلام من أحاط بكل شيء علما، فكيف بالإنسان محل الخطإ والنسيان. أو ما رأوا كثيرا من الأقوال المشهورة تركت، وجرى العمل بخلافها، فيقدم عليها في الأخذ، أو ليس هذا من تغيير الفروع؟ ولكن عمدا وصموه بإعلان الحقائق لم تسمع، وما تلفون إلا شأن أبداه الله نعمة على عباده، زيادة في لطف حدوث الموضوعات اللغوية، يخاطب فيه كل غيره من بعيد بما يحتاج إليه في معاشه ومعاده، وهو أفيد في التبليغ من النار والبارود، القائل بهما بعض الأئمة، ومن العجب أن يحكموه على عدم صحة الخبر بالتيلفون وهم بحاله جاهلون. فمن المعلوم أن مبنى الشرائع على الأمور الظاهرة، وأن تحقق الأمانة والضبط مما يفيد العلم،كما يفيده أيضا كثرة الظواهر، والتيلفون أصدق أمانة وضبطا إذا تكلم فيه رسميا. وأختم قولي مستعزرا من ذوي الأفكار الثاقبة، وطالبا من علمائنا من الأمة الإسلامية أن لا يكونوا حجرة عثرة في طريق رقي المسلمين، علما وأدبا (كنتم خير امة أخرجت للناس)فإن التعمق مناف ل(ما جعل عليكم في الدين من حرج)وإن نبذ الآلات الجديدة وراء الظهر مناف ل( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا). والسلام عليكم ورحمة الله. تحريرا: إسماعيل بن عبد الله السكتاني الحمد لله من علم أن الأخبار الرسمية الصادرة من الهاتف(التيلفون) محفوظة، وأنها بخلاف ما يظن من أنها غير مضبوطة ولا ملحوظة، يحكم بثبوت الهلال به كغيره من الرسميات، بلا توقف ولا اقتصار على ما ورد في ذلك من المحررات، وقد كفى وشفى، وأزال الخفا، وأصاب غرضا وهدفا، ما طالع كاتبه حباه الله، هذه الأيام من تأليف للفقيه البركة الأستاذ الكبير العلامة الشهير أبي عبد الله سيدي محمد المختار الإلغي السوسي سماهوشي المطارف في ثبوت الهلال بالخبر الرسمي من الهاتف لله دره، فلا فض فوه، لا عاش من يجفوه، أدام الله به النفع للعباد، ومتع بعلومه على الآباد، آمين. عبيد ربه الضعيف عبد السلام بن إبراهيم السكتاني لطف الله بهA#