أثارت ندوة الدين والتحولات الاجتماعية الثلاثاء 11 مارس 2008 بكلية الآداب بنمسيك بالبيضاء، نقاشا حيويا حول موقع الدين في التحولات التي يشهدها المجتمع المغربي، وفي سياق عالمي، مؤكدة على أهمية التمييز بين الدين من جهة، والتدين من جهة ثانية، وأبرزت الندوة أن الكثير من هذه التحولات الاجتماعية، تعبر عنها مؤشرات العودة إلى التدين لدى مختلف فئات المجتمع. مؤكدة أن الإشكال هو كيف نجيب على أسئلة الناس وقضاياهم انطلاقا من المرجية الإسلامية. وأشار المختار بنعبدلاوي مدير مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية في تقديمه للندوة، إلى أن أهميتها تكمن في السياق العالمي الذي يتسم ليس فقط بالعولمة الاقتصادية والسياسية ولكن بالعولمة الدينية كذلك. في مداخلته بالندوة، توقف مصطفى الخلفي، باحث في العلوم السياسية، النظريات الكبرى التي قاربت الدين من منظور اجتماعي، وأكد أن المجتمع المغربي في تحولاته يشهد بروز عدة ظواهر تجد تفسيرها في الدين، وتؤشر على عودة قوية للتدين في صفوف فئات واسعة من المجتمع، أبرزها الأسر والشباب، كما أكدت ذلك عدد من الدراسات الاجتماعية حول المعرفة الدينية والمجتمع. وخلص المحاضر إلى أن التحدي الحقيقي اليوم يتمثل في الإجابة عن أسئلة الناس اليومية وفي الوقت نفسه اعتماد الدين كمرجعية أساسية. من جهته، ميّز عبد الغني منديب، أستاذ علم الاجتماع، بين الحس المشترك الذي يشكل المعطيات التي تولد مع الإنسان، ويكتسبها من مجتمعه، وتتميز بكونها قد تكون مصادمة للعلم وحقائقه و بين الحس السوسيولوجي، فيرتكز على العلم الاجتماعي وقوض ويدحض تلك المكتسبات الخاطئة، عن طريق الرصد والتفسير والتأويل.ونبه منديب إلى أن السوسيولوجيا لا تتعامل مع الدين انطلاقا من مصادره، وإنما مع التدين كظاهرة اجتماعية تخضع بطبيعتها للتحول والتغير، مشيرا في هذا الإطار إلى الاختلافات الموجودة بين مجتمع إسلامي وآخر في تمثل مبادئ الدين وأحكامه. الأستاذ مصطفى بوهندي، أشار في مداخلته إلى الاتجاهات العلمية التي تدرس الدين كوحي منزل، وتلك التي تدرسه كظاهرة اجتماعية، منبها إلى العلاقة المتصارعة بين الاتجاهين، بل رفض إحداهما للأخرى، ودعا بوهندي في هذا السياق إلى ضرورة التمييز بين الدين كوحي من الله تعالى، وبين التدين كممارسة بشرية نسبية لا يمكن أن ترقى إلى الدين نفسه. أما الأستاذ الجامعي سعيد الجفري فركز على دور الدين في التنمية، مشيرا إلى أن ذلك يطرح إشكالات عدة، على مستويات ثلاث، مستوى الدين والمجتمع، حيث يجب التمييز بين الحقيقة المطلقة التي يقدمها الدين، والحقيقة المجتمعية التي هي نسبية. ثم مستوى علاقة الدين بالسياسة، وما يطرحه من دعوة إلى التمييز بين السلطة الدينية والسلطة الزمنية إن لم يكن الفصل بينهما. إضافة إلى جدلية الدين والثقافة، التي تطرح موقع الدين من عملية الإصلاح، بين من يدعو إلى إصلاح الدين نفسه، ومن يرى أن الإصلاح يجب أن يكون بالدين وليس غيره.