اختلفت تحليلات المراقبين حول حجم نجاح أو اخفاق الحملة العسكرية الإسرائيلية الدموية الشتاء الحار التي نفذت على مدى خمسة أيام ضد قطاع غزة وإنتهى الفصل البري الأساسي منها مساء يوم الإثنين 3 مارس 2007 بينما استمر القصف الجوي والمدفعي دون أن يحول ذلك من إستمرار المقاومة الفلسطينية في قصف المستوطنات والمدن الصهيونية. للحروب عدة واجهات، هناك العسكري المحض وهناك الشطر الإعلامي الدعائي المتضمن للأكاذيب والحقائق في آن واحد والتي تتباين درجات إتقان المزج بينها. الجانب الإعلامي والدعائي يلعب دورا كبيرا في ترسيخ روح الهزيمة والإنكسار أو النصر في صفوف طرف على حساب آخر سواء تعلق الأمر بسكانه المدنيين او جنود جيشه أو مقاوميه. لهذا فإن تقدير نتيجة مواجهة ما يجب أن يتم بحذر شديد خاصة إذا تعلق الأمر بإسرائيل التي تملك أو تتحكم في آلة دعائية ضخمة تتجاوز حدودها وتغطي جزء كبيرا من العالم. الرقابة العسكرية في البداية هناك أمر يجب تسجيله، يوم الثلاثاء 4 مارس ذكرت العديد من الصحف الإسرائيلية وإذاعات ان الرقابة العسكرية الاسرائيلية سمحت في ذلك اليوم لوسائل الاعلام بنشر نبأ عن أن صاروخا من طراز غراد تم اطلاقه من غزة، سقط بالقرب من بيت وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي افي ديختر، الذي يسكن في مدينة عسقلان في جنوب الدولة العبرية. وقالت صحيفة معاريف ان الوزير لم يكن في البيت، كما ان زوجته لم تكن هي الأخري في البيت، ولكن الصاروخ ادي الى اصابة طفلة كانت تسير في الشارع، وتسبب بأضرار مادية في بيت الوزير على حد قول المصادر الأمنية الاسرائيلية. وزادت صحيفة يديعوت أحرونوت بعد ذلك ان صاروخا آخر من نفس النوعية أصاب في نفس الوقت تقريبا أحد المباني السكنية الخاصة بالقرب من منزل الوزير فيما اصاب صاروخ آخر بشكل مباشر مبنى من سبعة طوابق وأدى لإصابة خمسة عشر مستوطنا بحالات هلع وصدمة. يذكر ان مصادر اسرائيلية وبعد رفع الرقابة كذلك ذكرت وذلك على ذمة الصحف الإسرائيلية ان الفصائل الفلسطينية استهدفت مدينة عسقلان ومستوطنات جنوب إسرائيل بأكثر من عشرين صاروخ غراد خلال الأيام الاربعة التي كان فيها الهجوم الإسرائيلي تحت اسم الشتاء الحار في قمته. قبل ذلك بأيام سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشر خبر مفاده ان احد الحراس المرافقين لديختر أصيب خلال الأسبوع الأخير من شهر فبراير في سديروت بجراح متوسطة الخطورة، خلال جولة الوزير، وذلك جراء انفجار صاروخ قسام بالقرب من المكان الذي كان موجودا فيه، مما اضطره الى وقف المقابلات الصحافية التي كان يجريها والجري بحثا عن ملجأ من الصواريخ. وبعد ذلك سمحت الرقابة العسكرية لوسائل الاعلام بنشر صورة للوزير وهو يجري. الرقابة العسكرية سمحت كذلك بإضافة أن حارس الوزير اصيب بينما كان ينتظر الوزير في كلية سابير في النقب الغربي. هذه التقارير تسمح للمراقب ان يفترض وهو مرتكز على أرضية صلبة ان إسرائيل تخفي الكثير عن وقائع خسائرها في المواجهات مع الفلسطينيين. الصواريخ التي تطلق من غزة ليست قليلة ولا غير مؤثرة أو عشوائية في تحديد الأهداف، بالدرجة التي تشيع وسائل الإعلام الإسرائيلية وتوابعها وحتى على الصعيد العربي. فهذه القذائف استهدفت وزيرا وحراسه في سديروت ثم تابعته الى منزله في عسقلان البعيدة نسبيا عن القطاع وأصابت عمارة من سبعة طوابق فأثارت الهلع ولكن لم يتحدث أحد عن خسائر، ولا عن الصواريخ الأخرى العشرين من طراز غراد والتي كانت فعالة جدا في حرب ال34 يوما صيف سنة 2006 من طرف حزب الله اللبناني والتي يزيد مداها على 25 كيلومتر. جدل في إسرائيل بعض المعلقين الإسرائيليين رأى الحملة العسكرية بوصفها جزءا من معركة طويلة وليست مجرد عملية ستحقق أهدافا واضحة، مضيفين انه من الجائز أن نتائج هذه العملية: دماء فلسطينية كثيرة ولا شيء أكثر من ذلك لا تشجع الكثيرين في إسرائيل على الاعتقاد بجدواها. الكاتب الاسرائيلي امير تسوريا علق على الإنسحاب الاسرائيلي متسائلاً لماذا لا نتمتع بالشجاعة ونسأل أنفسنا مباشرة هل هذه عملية عسكرية؟ ما هذه العملية؟ مؤكدا أن العملية الحقيقية يجب أن تنفذ رويدا رويدا. وتابع تسوريا في مقال له بصحيفة معاريف ، وهو يعبر عن خيبة أمله أين أيام العز حين كان لنا قادة شجعان وجنود رائعون كانوا يدخلون أينما أرادوا ويثيرون جلبة الموت ويعودون سرا من القطاع إلى قواعدهم تاركين العدو خلفهم حائرا مصدوما مرتعبا؟ . ولاحظ تسوريا أن جنود جيشه خرجوا مثلما دخلوا لافتاً إلى أن وقت الشجاعة حان ويجب أن ننظر للأمور بواقعية والقول أن هذه العملية قد فشلت ولم تحقق أي هدف حقيقي مثل وقف الصواريخ واغتيال قادة كبار وكشف شبكات أو تفجير مخازن للصواريخ والذخيرة . المعلق السياسي في معاريف بن كسبيت، أخذ الانطباع بأن هذه العملية استنفدت أغراضها. فلا يمكن للمرء ان يتوقع اكثر من ذلك من عملية على مستوى محلي . ونقل عن قائد المنطقة الجنوبية الجنرال يوآف جلانت قوله، يمكن المواصلة بهذه الوتيرة لاسابيع طويلة اخرى. من جهة اخرى، يمكن ايضا الخروج في كل لحظة معينة. الانسحاب وأنت في الذروة. ومع ذلك يعترف كسبيت بأن حماس من جهة اخرى، تعرفت على نجاعة صاروخ غراد . وذاقت طعم امكانية شل مدينة كبيرة في اسرائيل هي عسقلان. هذا الطعم خطير. يمكن للمرء ان يدمن عليه . واعتبر أن زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليسا رايس لعبت دورا في انتهاء الجولة الحالية من العنف . غير أن قادة الجيش الإسرائيلي وفق يديعوت أحرنوت يرون أن عملية الشتاء الحار استنفدت أغراضها مما فرض إخراج القوات من غزة. لكن إخراج القوات لا يعني إيقاف الضغط على غزة وعلى قيادة حماس. فالقيادة السياسية الإسرائيلية تؤمن بأن الحملة نقلت لحماس رسالة تفيد بأن اسرائيل لن توافق على معادلة إدخال عسقلان في دائرة النيران. الحرب الخاطفة الجيش الإسرائيلي تعود طوال تاريخه على أسلوب الحرب الخاطفة الذي استعاره من الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية. وفي كل مرة خرج الجيش الإسرائيلي ودائما كان ذلك يحدث رغم أنفه عن هذه القاعدة وإضطر الى خوض حرب مواقع ولم تنجح قواته المدرعة في اختراق خطوط دفاع الخصم بسرعة وبعمق عشرات الكيلومترات في اليوم الواحد، تبين انه لم يكن منتصرا وبالتالي منكسرا. حدث هذا في حرب الإستنزاف على الجبهة المصرية بعد هزيمة سنة 1967 ولم ينقذه من وضعه المتدهور إلا مبادرة روجز التي كانت بالنسبة لمصر في ذلك الوقت فترة إستراحة طالت بعد ان غيب الموت الرئيس جمال عبد الناصر وتلتها بعد ثلاث سنوات حرب أكتوبر. واجهت آلة الحرب الإسرائيلية نفس المعضلة خلال حرب جنوب لبنان الأولى مع حزب الله والتي انتهت بإنسحاب الجيش الإسرائيلي وجزء من عملاء جيش لحد في 20 مايو 2000 تحت جنح الظلام الى داخل حدود إسرائيل. وتكررت المعضلة بعد ذلك وبحدة كبيرة خلال حرب ال 34 يوما صيف سنة 2006 حيث لم تنجح القوات الإسرائيلية ومنها أهم وحدات النخبة في التوغل داخل الأراضي اللبنانية وفشلت في معركة بنت جبيل رغم تركيز قدرات ضخمة لذلك. قطاع غزة أرض منبسطة لا توجد فيها حواجز طبيعية تبلغ مساحتها 363 كيلومترا مربعا ولا يتجاوز طولها 25 كيلومترا ويتراوح عرضها بين 12 و14 كليومترا. قبل الإنسحاب الإسرائيلي من القطاع وحسب تقرير صادر عن الهيئة العامة للاستعلامات بمدينة غزة كانت المستوطنات تحتل ما نسبته 12.6 في المائة من المساحة الكلية أي ما يوازي 46 ألف دونم من أصل 365 ألف دونم هي مساحة القطاع. هذه المستوطنات وكذلك طبيعة الأرض فرضت تكون عدة مراكز سكانية في القطاع تفصلها عن بعضها مساحات تعتبر مفتوحة على أساس المفهوم العسكري وهو ما يسمح لقوة مدرعة متوسطة القوة ان تمزق القطاع الى كانتونات وقواطع بدون الإضطرار الى دخول المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والتي تسمح بناياتها وأزقتها وشوارعها لقوة دفاع محلية بخوض حرب شوارع مكلفة بالنسبة للمهاجم. المحلل العسكري الإسرائيلي اليكس فيشمان كشف خلال عملية الصيف الحار ويوم 2 مارس أهمية حجم القوات الإسرائيلية التي تقاتل ولكن لم تتمكن سوى من التوغل لمسافة تتراوح بين 3000 و 4000 متر. يقول فيشمان لواء جفعاتي يقوم بمساعدة دبابات وهندسة ومساعدة قريبة من سلاح الجو بعشرات الغارات من طائرات غير مأهولة، مروحيات هجومية وطائرات قتالية سيطرت يوم 1 مارس على خليتين ميدانيتين في شمالي قطاع غزة: في منطقة بيت حانون، وفي المجال الذي بين جباليا والشجاعية. هاتان الخليتان الميدانيتان تعرفان كمجالين لاطلاق الصواريخ نحو سديروت. مجالات النار نحو عسقلان لم تعالج بعد. هذه الخطوة الاولي، التي استمرت اكثر من 12 ساعة، تضمنت قتالا حيال وحدات للوائين من حماس لحماس خمسة ألوية، اثنتان منها في القطاع الشمالي. قوات الجيش الاسرائيلي كان يتعين عليها أن تقتحم شبكات الدفاع لهذه الألوية، والتي تضمنت عبوات ناسفة، كمائن، قناصة وسلاحا مضادا للدروع . الكلام الذي قيل ويقال يذكر بالجو السائد في الأيام الأولى لحرب الصيف في لبنان حين تصور غالبية الإسرائيليين أنه يجب تلقين حزب الله درسا لأنه تجاوز الخطوط الحمراء وان الجيش الإسرائيلي حانت له الفرصة لينتقم لإنسحاب 20 مايو 2000 الذي اعتبره البعض مذلا. على طريق الخيبة كتب عوزي بنزيمان يوم 3 مارس في صحيفة هآرتس : الجميع متفقون على ان وجود دائرة آخذة في الاتساع من التجمعات الجنوبية تحت تهديد الصواريخ الفتاكة هو مسألة لا تطاق ومن الواجب والضروري وضع حد لها. التسليم (بصك الاسنان) بتدمير نسيج الحياة الطبيعي في سديروت يصبح فظيعا من شدة الرهبة بوصول الارهاب الى عمق اسرائيل ليس لأن دم سكان عسقلان اكثر لزوجة وانما بسبب المغزي الاستراتيجي المترتب على توازن الرعب مع التنظيمات الارهابية الفلسطينية وقدرتها على تشويش الحياة في دوائر واسعة من الدولة . هذا الاجماع الواسع يذكر بمزاج الجمهور الذي كان سائداً في الثاني عشر من يوليو 2006 في الساعات الاولي بعد عملية حزب الله في زرعيت على الحدود اللبنانية. حينها ايضا ساد اجماع بأن حزب الله قد تجاوز كل الخطوط الحمراء. حينما ايضا دعا محللون في الاذاعة والتلفاز الحكومة الى أن لا تصمت وحينها ايضا في اليوم التالي صرخت العناوين الصحافية اعلان حرب، الجيش الاسرائيلي يضرب حزب الله ، بيروت ستشتعل لنعد الملاجئ في شمال البلاد . الخشية هي ان يكون ذات المزاج الذي كان سائدا في اوساط الحكومة في الايام الاولي لحرب لبنان الثانية قائما اليوم. هي تبنت توصيات فينوغراد وفيها قيادات عسكرية اكثر نجاحا من عمير بيرتس ودان حلوتس ولكن الانطباع السائد خلال الثمانية واربعين ساعة الاخيرة هو ان تصريحات هذه الحكومة فارغة وانها تخطئ في البحث عن الرافعة لتغيير الواقع . خلافات داخل الحكومة وزير الأمن الداخلي الصهيوني افي ديختر اعترف أن جيش الإسرائيلي فشل خلال اربعة أيام من المعارك المتواصلة في وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة. ونقلت مصادر إسرائيلية عن افي ديختر قوله خلال جلسة الحكومة الأسبوعية: إن الجيش لم يتمكن من تحقيق غايته المتمثلة في وقف إطلاق الصواريخ بإتجاه إسرائيل. وأضاف ديختر بغضب: لم يتوقف إطلاق الصواريخ ولم تتوقف النيران ضدنا ولم نحقق الردع المطلوب فما الذي تغير علينا في قطاع غزة . وأشار إلى أن مدى الصواريخ أصبح أبعد من ذي قبل ووصل إلى عسقلان والى نتيفوت وأصبح الآن 250 ألف إسرائيلي تحت مدى الصواريخ الفلسطينية بدلا من 125 ألفًا. ورد رئيس الوزراء إيهود أولمرت على ديختر بقوله: أين كنتم جميعكم طوال سبعة سنوات حين كانت الصواريخ تطلق على سديروت . وفي يديعوت كتب المعلق العسكري اليكس فيشمان أنه لا ينبغي أن تقاس نتائج حملة الشتاء الحار حسب كمية القسام التي تطلق نحو اسرائيل. غاية هذه العملية لم تكن وقفا تاما لنار القسام . وأشار إلى أن الردع لا يتحقق في عملية محدودة واحدة مهما كانت ناجحة. بشكل عام بعد عملية عسكرية مع كثير من الاصابات تأخذ حماس فترة زمنية معينة كي تعيد ترميم نفسها. في هذا الزمن ستنشغل بقدر أكبر مع نفسها وبقدر أقل معنا . وشدد فيشمان على أن اسرائيل تحاول خلق معادلة ردع مغايرة حيال حماس. لهذا الغرض تلقى الجيش إذنا بنزع القفازات . ونقل عن محافل عسكرية رفيعة المستوى قولها أن استعراض القوة في شتاء حار كان فقط نموذجا، وأن في ترسانة الجيش الاسرائيلي توجد درجات اكثر ايلاما بكثير. فهل هذا سيدفع حماس الى التفكير مرتين قبل أن تبدأ في جولة عنف اخرى؟ . هواجس حرب 2006 ملاحظون غربيون أشاروا أن العملية الإسرائيلية كانت مثقلة بهواجس نكسة الجيش الإسرائيلي في حرب ال 34 يوم صيف سنة 2006 ضد حزب الله في لبنان. وقد عكست صحيفة هآرتس في افتتاحيتها ذلك حيث قالت أنه بسبب دروس حرب لبنان الثانية لم يؤكد القادة العسكريون أن هدف العملية هو وقف إطلاق الصواريخ. وأشارت إلى أن أحدا لا يعرف إذا كانت العملية تستهدف حقا منع إطلاق الصواريخ أم فقط معاقبة مطلقيها. ولاحظت الصحيفة عواقب أمثال هذه العملية على إسرائيل لجهة إبعاد فرص التسوية السياسية من دون تقريب إمكانيات الحسم أو الردع. وحذر العديد من الملاحظين من أن العملية الإسرائيلية بغض النظر عن تقييمها أساءت لتل أبيب على الصعيد الدولي رغم نجاح الحليف الأمريكي في منع أي إدانة في مجلس الأمن للهجمات الإسرائيلية التي حصدت أرواح 124 فلسطينيا وتسببت في إصابة أكثر من 400 آخرين غالبيتهم من النساء والأطفال والمدنيين. وقد قال وزير خارجية فرنسا برنار كوشنر إن العناد الإسرائيلي في مواصلة الهجمات على قطاع غزة لن يجلب أي نتيجة. وذكر كوشنر لإذاعة فرانس أنتير يوم الإثنين 3 مارس ليس هناك حل عسكري لوضع وصفه بحلقة مفرغة لا يمكن الخروج منها، بدليل ما أسماه الهجمات الصاروخية المتبادلة . وأضاف أن الحل استئناف المفاوضات، وقال إن على حركة المقاومة الإسلامية حماس احترام المبادئ التي تقود عمليات السلام.. وعلى إسرائيل فتح نقاط العبور . كما أدانت الرئاسة السلوفينية للاتحاد الأوروبي استخدام القوة بشكل غير متكافئ من الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين وكررت إدانتها لاستمرار إطلاق الصواريخ الفلسطينية . وبمعزل عن التعريفات وما إذا كانت الحملة الإسرائيلية على غزة حربا أم مجرد عملية فاشلة أو ناجحة، فهناك قناعة في إسرائيل وخارجها بأن ما يجري هو في الواقع حرب استنزاف. ورأى عاموس غلبوع في معاريف أن حماس هي التي تبادر وتملي قواعد لعب حرب الاستنزاف الحالية، التي تشكل عنصرا طبيعيا في مفهوم المقاومة لديها لدولة اسرائيل . ويشدد غلبوع على أن إدخال عسقلان في دائرة الاستهداف هو التطور الجديد في قواعد اللعبة التي ترسخ فيها حماس نفسها كلاعب أساس في التصعيد أو التهدئة. ويشير إلى أن حماس تدير اللعبة وتضع على إسرائيل شروطا ترمي للاعتراف بها وبينها فتح معابر القطاع. وهذا يقود في نظر غلبوع إلى الميزة الثانية لحماس في هذا الصراع وهي ان تثبت حماس حكمها في القطاع كإمارة دينية، مع سكان، رغم كل معاناتهم، يؤيدونها ويؤيدون ما سماه الارهاب، وهي تتمسك بمقاومتها للمسيرة السياسية، وتتبنى الارهاب كنمط حياة . أما الميزة الثالثة في نظره فهي أن ما يجري في غزة ليس موضوعا محليا، بل هو ذو آثار اقليمية. حماس مدعومة من سوريا ودول غيرها، العالم العربي الاسلامي يتابع النظر ليرى اذا كانت حماس ستنجح او ستفشل، ونجاحها سيدفع الكثيرين الى تقليدها . ويركز كوبي نيف في معاريف أيضا على أن ما أعلن من أهداف لـ العملية الكبرى : وقف الصواريخ، منع التهريب من مصر، إضعاف حكم حماس وإتمام الانفصال عن غزة، ليست قابلة للتحقيق، عسكريا. وبين أن احتلال القطاع وإبادة أحياء في غزة أو اغتيال قادة حماس مع نسائهم لن يوقف إطلاق الصواريخ. وأشار إلى أن التهريب من مصر كان قائما قبل انسحاب إسرائيل من ممر فيلادلفيا على الحدود. كما أن إسقاط حماس لا يمكن أن يتم على يد إسرائيل التي لا تستطيع الانفصال أبدا عن قطاع غزة. مستشفى الأمراض النفسية وخلص إلى أنه اذا كانت هذه الاهداف هي تلك التي وضعها لنفسه جهاز الامن، فينبغي ان نرسل قادة هذا الجهاز ليس الى الحرب في غزة بل الى مشفى الصحة النفسية . وشدد عوزي بنزيمان في هآرتس على أن تصريحات القادة الإسرائيليين تثير البلبلة حول أهداف الحرب. وتساءل إلى أين تقود الحكومة الحالية إسرائيل وهل هناك أية بدائل. ورأى أن تساؤله ينبع من رؤيته للحكومة وكأنها تواصل السير على مسارين متعارضين تعطي ضوءا اخضر للتصعيد الملموس إلا انها ليست راضية عن ذلك . ولاحظ أن تغيير الواقع السائد من اساسه يحتاج واحدا من طريقين: عسكري او سياسي. وقال ان اخترنا المسار العنيف يتوجب الاستعداد له بالقدر الكافي والادوات القادرة على احراز الهدف. بكلمات اخرى التصرف بطريقة عسكرية جوا او برا وقوة قادرة على القضاء على قدرة حماس الصاروخية. ان كان هذا الهدف غير قابل للتحقيق بسبب الثمن الفادح في حياة الناس او لاسباب اخرى يتوجب اختيار المسار السياسي والشروع في مفاوضات مع قيادة حماس. ان كان هذا الاتجاه غير عملي بسبب اعتبارات تتعلق بالعلاقات مع السلطة الفلسطينية او مع الولاياتالمتحدة او لاسباب اخرى يتوجب تفضيل البديل العسكري الواسع . وخلص إلى أن العملية العسكرية المحدودة كما تظهر في الايام الاخيرة هي نصف شاي ونصف قهوة: هي لا تراهن حتى على احراز وقف اطلاق الصواريخ ولا تتطلع الى تغيير الوضع من اساسه وهي لا تضع اهدافا واضحة يمكن احرازها. الطريقة الحالية تضع الحكومة في خطر وتخيب آمال مواطنيها في المجال الحساس بالنسبة لهم: امنهم وسلامتهم . الشعور بأن إسرائيل لم تنجح في تحقيق أهدافها، ولد شعورا بالنجاح لدى الفلسطينيين حيث وصف القيادي البارز في حركة حماس د. محمود الزهار، انسحاب جيش الاحتلال من مخيم جباليا شمال قطاع غزة بأنه فوز عظيم للمقاومة في معركة الأيام الخمسة السوداء على رئيس وزراء الاحتلال أيهود اولمرت ووزير الحرب أيهود باراك وعملائهما في المنطقة . وقال الزهار نحذر “إسرائيل من أن ساحة المواجهة ستستمر بالأضعاف في حال كرروا اجتياحهم لغزة حيث ستكون الهزيمة نصيبهم . طائرة مصرية فيما يستمر الجدل في إسرائيل حول عملية الشتاء الحار سجل حدث قد يكون له مغزى خطير فقد افاد الجيش الاسرائيلي ان مروحية مصرية دخلت يوم الاثنين المجال الجوي الاسرائيلي من دون تنسيق، وانطلقت طائرات عسكرية تابعة لسلاح الجوي الاسرائيلي وراءها لحملها على العودة ادراجها. وقالت متحدثة عسكرية لوكالة فرانس برس دخلت المروحية المجال الجوي الاسرائيلي من طريق قطاع غزة. ويفيد ذلك ان المروحية المصرية حلقت فوق القطاع ثم تخطته الى المجال في جنوب الأراضي المحتلة سنة 1948. وقالت مصادر الفلسطينية: إن الطائرة المصرية حلقت على ارتفاعات منخفضة جدا، مما أثار الرعب والفوضى في صفوف المواطنين الذين هربوا من الشوارع، ظنا منهم أنها طائرة إسرائيلية . وفور إكتشاف هوية الطائرة التي تشبه طائرة الأباتشي ، ولكن كانت بلون مختلف عن الطائرات الإسرائيلية بحسب ما وصفها شهود العيان، توقفت الدفاعات الفلسطينية عن إطلاق النار في اتجاهها. وجاء تحليق الطائرة وهو الأول في سماء القطاع منذ سنة 1967 في وقت فتحت مصر حدودها لإستقبال جرحى غزة وبعد إتهامات إسرائيلية أمريكية للقاهرة بتسهيل تسلح حماس والإنحياز لها في الصراع. اذا نجح الفلسطينيون في إطالة الصمود ووقف التقدم الإسرائيلي كلما تكرر فسينشأ واقع جديد في المنطقة قد يسهل الوصول الى توازن رعب بين الطرفين ينعكس على كل جوانب الصراع