شهدت العاصمة الاقتصادية للمغرب مساء الجمعة الماضي انعقاد الجمع العام التأسيسي للشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال، قال بلاغ للجنتها التحضيرية إن هذا الرافد الجمعوي سيساهم في حماية الأسرة المغربية وصيانة المكتسبات الهامة التي جاءت بها مدونة الأسرة، ويعمل على تحقيق المساواة، إضافة إلى الدفاع عن الرجال ضحايا العنف والتعسف الأسري. إن هذه أول مرة يشهد فيها المشهد الجمعوي المغربي ميلاد شبكة من هذا النوع، وعلى الصعيد العربي شهدت مصر العربية في مارس 2007 ميلاد جمعية سي السيد للدفاع عن حقوق الرجال. وتضم الجمعية 620 عضوا كلهم مصريون بينهم 23 امرأة وتهدف إلى تعزيز ما ترى أنها المفاهيم الصحيحة لدور الرجال في الأسرة وفي المجتمع. وسي السيد هو الاسم الذي أطلقه الأديب الراحل نجيب محفوظ على إحدى شخصياته ويرمز للرجل الشرقي الصارم الذي يتحكم في زوجته وأسرته بقبضة من حديد. وبميلاد شبكة مغربية للدفاع عن حقوق الرجال يمكن طرح عدة تساؤلات أولها: هل الدفاع عن حقوق المرأة تجاوز الخطوط الحمراء لتصبح المرأة في موقف هجومي وليس دفاعي؟ أم أن هذه الحركة النسوية خلقت نوعا من الصراع حسب الجنس استدعى ميلاد جمعيات للرجال مقابل جمعيات للنساء؟ وغيرها من الأسئلة المشروعة التي تضع مؤسسة الأسرة موضع تساؤل ومن الأحق بأخذ زمام أمورها. وإذا كانت صيرورة الدفاع عن حقوق المرأة أوصلت من بين ما أوصلت إليه وضع خط أخضر للدفاع عن النساء ضحايا العنف، هل سنسمع غدا عن وضع خط أخضر للرجال ضحايا العنف ينضاف إلى الخط الأخضر للمرصد الوطني لحقوق الطفل؟ جميلة المصلي رئيسة مركز الوئام للإرشاد الأسري علقت على ميلاد شبكة للدفاع عن حقوق الرجال بأن أول ما يتبادر إلى الذهن تجاه هذا الحدث هو تهديد الفكر الشمولي للأسرة مشيرة إلى أن مشاكل الأسرة تتجاوز الجنس والفردانية وعقلية الصراع، والحدث مرتبط بتراجع مؤشرات التنمية البشرية. ولنتصور أن كل الرجال المغاربة سينخرطون في شبكة الدفاع عن حقوق الرجال، وكل النساء سينخرطن في جبهة للدفاع عن حقوق المرأة، والأطفال سينخرطون في جبهة أخرى للدفاع عن حقوق الأطفال، ولتقريب الصورة أكثر لنتصر أسرة ينتمي رجالها إلى شبكة الدفاع عن حقوق الرجال ونساؤها في الدفاع عن حقوق النساء وأطفالها في الدفاع عن حقوق الأطفال، حتما سنجد أنفسنا أمام ولايات متحدة أسرية أو بالأحرى ولايات مشتتة أسرية. إن تكريس مفهوم الفردانية في معالجة قضايا الأسرة النواة الرئيسية لكل مجتمع سيفضي حتما إلى تكريس عقلية الصراع بدل التوادد والتكامل في الأدوار. وإن تجزيء قضايا وحدة الأسرة حسب الجنس ربم سيفضي إلى خلق أحزاب نسائية وأخرى رجالية ووزارات نسائية وأخرى رجالية وبالتالي حكومات نسائية وأخرى رجالية لتكون النتيجة مجتمع نسائي مقال مجتمع رجالي، وربما سيفضي الأمر إلى أن يقول الرجال في نشيد الوطني: منبت الأحرار وتقول النساء: منبت الحرات. إن الأسرة وحدة يتكامل فيها الرجل والمرأة ولكل دوره المنوط به، وما السعي وراء تجزيء قضايا الأسرة حسب الجنس إلا محاولة لإخفاء انسحاب طرف أو أطراف من أداء أدوارهم الحقيقية تجاه هذه الوحدة التي لا تقبل التجزيء إلا إذا قبلنا أن نتناول الهيدروجين والأوكسيجين كلا على حدة ظانين أننا سنروي عطشنا بالماء المتفرقة ذراته.