بالمقارنة مع مراحل سابقة فإن التصريحات الأخيرة للوزير الأول عباس الفاسي حول قضية سبتة ومليلية كانت ستؤدي لأزمة بين البلدين، وخاصة في ظرفية انتخابية يحتاج فيها الحزب الشعبي لكل ورقة ممكنة للمزايدة على خصومه في الحزب الاشتراكي، لكن العكس هو ما حصل، فقد نقلت وكالة إيفي الإسبانية أن مصادر في الحزب الشعبي نفسه صرحت بأنه لا يجب أخد مطالب المغرب مأخد الجد ومن الأحسن عدم التعليق عليها، بالرغم من أن الوزير الأول عبر عن فكرة إجراء مفاوضات بين المغرب وإسبانيا لمعالجة الوضع القانوني للمدينتين. كيف نفسر ذلك؟ ثلاث قراءات تقدم، إما أنهم يعتبرون أن موقف الوزير الأول موقف شخصي وخاص به وأن الأمر لا يرتبط بسياسة رسمية ستكون لها عواقبها على مجموع العلاقات بين البلدين، أو يعتبرون أن الوزير الأول لا وزن له في السياسة الخارجية للمغرب حتى ولو كان الموقف قرارا حكوميا، أو أنهم يرفضون فتح الباب للحدث في الموضوع أصلا، نتمنى أن يكون التفسير الثالث هو الصحيح، لكن هذا لا يعني أن الأول والثاني غير قائمان، ولحسمها فالوزير الأول مطالب بأن يتقدم في تطبيق الفكرة التي دعا لها ويعرض الخطوات العملية لطرح قضيتي سبتة ومليلة للتفاوض بين البلدين، ما عدا ذلك فالخوف هو أن يبقى ذلك مجرد تصريحات لا تهز أحدا ولا تثيرا نقعا كما يقول أهل البلاغة.