مما أذكره من التصريحات المسؤولة ما قاله أميرحديقة الأمراء؛ اللاعب والمدرب السابق للفريق الوطني المغربي عبد الرحمان بالمحجوب؛ عندما سئل في أواخر السبعينات من القرن المنصرم، و لم يمر على انتهاء تحمله مهمة تدريب الفريق الوطني إلا سنوات قليلة؛ عن السبب في عدم مواصلته العمل في ميدان التدريب.فأجاب: التدريب في العالم يعرف تطورات متسارعة وعلى من أراد الاستمرار فيه أن يخضع باستمرار لعملية إعادة التكوين وإعادة التأهيل حتى يكون على علم بكل مستجدات الميدان. وأنا ليست لي الإمكانيات للذهاب كل سنة أو أقل من ذلك لإعادة التدريب، ولا أريد أن أخدع أحدا بمعوماتي المتقادمة. إنها منتهى النزاهة الفكرية. وهذه النزاهة تجدها عند المدربين الدوليين الكبار كذلك؛ ولكن فقط عندما يتعلق الأمر بالممارسة في بلدانهم؛ بينما يستمرون في قضاء التقاعد المريح في دول العالم الثالث؛ وخصوصا في إفريقيا التي يستفيدون فيها من وجود لاعبين مميزين. مناسبة هذا الكلام ما تردد من كون ما يسمى بلجنة المنتخبات في جامعتنا تفكر بعد الاستغناء عن هنري ميشيل في التعاقد مع روجي لومير أو كلود لوروا على أساس أن هذين المدربين حققا نتائج جيدة مع منتخبَيهما في الدورة الأخيرة بغانا. والحقيقة أن سبب تألق منتخبي غانا وتونس لا يعود لقدرات مدربين انتهت مدة صلاحيتهما منذ مدة ولم يعد في مقدورهما الحصول على منصب شغل في أي فريق في القسم الثالث بوطنهما. والذين يظنون أن مجرد التعاقد مع مدرب حقق فريقه نتيجة جيدة كافٍ لتحسين مستوى الفريق الوطني واهمون ويفكرون بسذاجة وأفق ضيق. المدربون الناجحون الآن في أوروبا هم الشباب الذين تلقوا تكوينهم مؤخرا على أسس آخر ما جد في هذا الميدان؛ من أمثال ريكاردو كوريا ولوران بلان ومورينو وبينيتيس ورافائيل بينيتيس وغيرهم. أو من مجايلي لومير ولوروا ونوزاري الذين كانت لهم الشجاعة لإعادة التكوين والتعرف على المستجدات. ومدربونا المغاربة يتوفرون على تكوين حديث مثل مجايليهم من المدربين الأجانب، ويعرفون الكرة المغربية جيدا ولهم من الحس الوطني ما يكفي لوضع الثقة فيهم. ويكفي معرفة أن البطولة المغربية يفوز بها منذ أكثر من خمس سنوات مدربون مغاربة بإمكانيات ضعيفة؛ وليس مدربون أجانب توضع بين أيديهم أضخم الإمكانيات في فرق لها من الأموال ما تجلب به هؤلاء المدربين. ويجب أن يعلم المسؤولون عن الكرة عندنا أن المشكلة ليست في المدرب؛ بل هي في سوء التسيير. ولو كان لنا مسيرون يدبرون الأمور وفق مخطط بعيد النظر؛ لكان أن تعاقدوا بعد استقالة الزاكي مع مساعِده لضمان الاستقرار والاستمرارية؛ اللذان هما الضامن الأول لكل نتيجة.خصوصا وأنه ساهم في تخطيط المشروع الكروي مع الزاكي. واليوم يبدو فتحي جمال مؤهلا كذلك لضمان الاستمرارية بحكم أنه درب الفريق الأولمبي منذ أن كان لاعبوه في منتخب الشبان؛ ويعرف كيف يضخ دماءهم في المنتخب الأول بتريث وبقدر. نحن لسنا ضد المدرب الأجنبي؛ إذا كان المسؤولون قادرين على جلب؛ بينيتيس أوفاغنر أو كابيلو. لأن مثل هؤلاء سوف تستفيد منهم الكرة المغربية ويستفيد منهم الأطر المغاربة. أما الفشلون؛ فلا. لأن لنا من الأطر المغاربة من هم خير منهم.