يؤكد محمد الرعوي المدير الإداري والمالي لشركة سلفين أن الحكومة تتحمل هذا النتائج السلبية الاقتصادية والمالية لرفع الضريبة على القيمة المضافة على الإيجار التمويلي الليزينغ، وقال الرعوي إن شركات التمويل تعمل فقط على تطبيق القانون كما قدمته الحكومة، مشيرا إلى أن الشركات وكذا الفرق النيابية نبّهت منذ البداية إلى ما يمكن أن يترتب هذا الإجراء من أضرار على المواطن المغربي، فيما يلي نص الحوار: ما هي المشكلات التي أحدثها رفع ضريبة الليزينغ إلى 20%؟ وما هي انعكاسات ذلك على المستوى الاقتصادي والاجتماعي؟ في بداية الأمر لا بد أن أشير إلى أن الضريبة على القيمة المضافة المتعلقة بعمليات الإيجار عرفت مجموعة من التغييرات منذ 3 سنوات، التغيير الأول جاء سنة 2006 في إطار القانون المالي الذي تم بموجبه رفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة (ض.ق.ف) من 7% إلى 10%. بموجب هذا القانون المالي رفعت شركات الإيجار والتمويل ض.ق.م من 7% إلى 10% على الإيجارات الشهرية للزبناء، وهذا لم يطرح أي مشكل لأحد. ثم كان التغيير الثاني جاء سنة 2007 في إطار قانون المالية وتم بموجبه حذف إمكانية استرجاع (ض.ق.م) على السيارات الممولة في إطار عمليات الإيجار مما شكل مشكلا حقيقيا لشركات الإيجار والتمويل (فهذه الشركات تشتري بنسبة 20% وتبيع بنسبة 10% والفارق -أي 10%- كانت تسترجعه من خزينة الدولة) بعد حذف إمكانية استرجاع (ض.ق.م) بقي الفرق بين 10% و20% في حسابات هذه المقاولات وأثر بشكل سلبي على عمليات الإيجار والتمويل المعروفة بـ (ءدج). واليوم هناك التغيير الثالث هو الذي جاء في إطار القانون المالي لسنة 2008 والذي رفع نسبة (ض.ق.م) من 10% إلى 20% والذي يمكن أن نعتبره بالضربة القاضية على (ءدج) في المغرب. في هذا الإطار أود أن أشير إلى أن شركات الإيجار والتمويل لم تكن راضية تماما عن هذا التغيير بل إنها عملت كل ما في وسعها لإيقافه، لكن للأسف لم نجد الآذان الصاغية لذلك.من جهة أخرى يجب أن أذكر أنه ومنذ أن بدأ الحديث عن مشروع القانون المالي لسنة 2008 (في شهر أكتوبر-نونبر 2007) كانت شركات الإيجار والتمويل سباقة إلى طرح مجموعة من الاقتراحات من بينها عدم رفع (ض.ق.م) إلى 20% فيما يخص العقود المبرمة قبل 01/01/.2008 هذا الاقتراح تم تداوله كذلك داخل قبة البرلمان، حيث تقدمت مجموعة من الفرق النيابية بتعديلات مماثلة على قانون المالية، لكن للأسف لم يقبل منها أي تعديل. بعد صدور قانون المالية بداية ,2008 امتثلت شركات التمويل والإيجار لهذا القانون ورفعت (ض.ق.م) إلى 20% تنفيذا لمقتضيات العقود التجارية المبرمة مع الزبناء تماما كما فعلت سنة 2006 (من 7% إلى 10%). هناك من يقول أن شركات التمويل والإيجار ارتكبت خطأ جسيما بالرفع من نسبة (ض.ق.م) من 10% إلى 20%. فهل تطبيق القانون يعتبر خطأ؟ وهل تطبيق مقتضيات العقود التجارية المبرمة مع الزبناء يعتبر خطأ؟ هذه أسئلة مشروعة يمكننا طرحها. في تصريحه الأخير للإذاعة والتلفزة المغربية يوم السبت 2 فبراير 2008 ليلا، قال وزير المالية صلاح الدين مزوار إن هذه الشركات أخطأت في الرفع الكلي من نسبة (ض.ق.م) من 10% إلى 20% وهذا في تقديري غير صحيح. فشركات الإيجار والتمويل لم تقم سوى بتطبيق فصول القانون المالي الجديد لأنها ملزمة بذلك. فيما يخص الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية لهذا الارتفاع أود أن أقول أن الوضعية الحالية تعرف ما يناهز 80 ألف زبون لهم عقود مبرمة قبل 1 يناير 2008 تم تطبيق الزيادة عليهم بموجب القانون (بأثر رجعي) وهنا يكمن أصل المشكل. الزبون الذي كان يدفع مبلغا شهريا يعادل 300,3 درهم أصبح الآن يدفع 600,3 درهم أي بزيادة 300 درهم للشهر. هؤلاء الزبناء أصبحوا يؤدون (ض.ق.م) بـ 20% بدلا من 10% إلى حدود 31/12/,2007 مما ينعكس سلبا على قدراتهم الشرائية بشكل ليس بالهين مع العلم أن مواردهم الشهرية لم تعرف نفس الارتفاع. على المستوى الاقتصادي لا بد أن أشير إلى أن منتوج الإيجار (ءدج) فقد كل مميزاته المالية وارتفع سعره بشكل ميكانيكي غير مبرر. فهذه هي الضربة القاضية لمنتوج كهذا، والآن سوف نعود إلى القروض الاستهلاكية الكلاسيكية لتمويل السيارات بكلفة أكبر سيتعذر على إثرها شراء المواطن ذو الدخل المحدود لسيارة جديدة مع كل ما لذلك من انعكاسات سلبية على الاقتصاد. أنتم في شركات الإيجار التمويلي من تحملونه مسؤولية هذا الارتباك؟ أنا لا أود أن أحمل المسؤولية لأي أحد، فعلى كل فاعل أن يستنتج العبر مما حدث. لكني أريد أن أقول أنه منذ شهر أكتوبر 2007 ومع بداية النقاش حول مشروع القانون المالي الجديد والذي تضمن بندا يخص رفع (ض.ق.م) من 10% إلى 20%، بادرت شركات الإيجار والتمويل إلى رفض هذا التعديل، وقدموا مبرراتهم إزاء ذلك. كما أن فرقا برلمانية من حزب الاتحاد الاشتراكي، وحزب العدالة والتنمية قدموا مقترحات وتعديلات جوهرية على هذه النقطة. إلا أن الجواب كان هو الرفض تحت غطاء الفصل 51 من الدستور وبدريعة أن هذه التعديلات سوف تمس بموارد الميزانية.عندما أثير الانتباه إلى أنه إذا لم يتم تعديل مشروع القانون المالي لسنة 2008 فإن ذلك سيؤثر سلبا على أكثر من 80 ألف عقد إيجار تم إمضاؤهم قبل سنة .2008 لم يؤخذ هذا التنبيه محمل الجد من قبل الجهات المسؤولة وأخذ قانون المالية مساره التقليدي إلى أن خرج إلى حيز التنفيذ. بعد الذي وقع، ما العمل لتجاوز هذه المشكلة؟ أتفهم أن الوضعية الحالية جد صعبة، وعلى كل فاعل في هذا المجال أن يتحمل مسؤوليته. القانون المالي لم ينحت على الحجر، وبالإمكان تدارك الموقف وتعديله، ما دام أن الجميع (حكومة وبرلمانا وشركات) مؤمن وموافق على ضرورة تعديل الوضعية الحالية. فأظن أنه بإرادة سياسية بناءة وبعيدة عن الحسابات الضيقة يمكن تجاوز هذه المرحلة، وطي هذه الصفحة نهائيا.في اعتقادي أن الضحية الأولى لما يقع الآن هو منتوج (ءدج) الذي فقد كل بريقه ومميزاته المالية لفائدة الزبناء مع التعديلات الأخيرة للضريبة على القيمة المضافة. فهذا المنتوج كانت له آثار إيجابية جد مهمة. فحتى سنة 2000 كنا نبيع 20 ألف سيارة سنويا، الآن حجم المبيعات وصل إلى ما يناهز 100 ألف سيارة سنويا. هذا الارتفاع يدر أرباحا مهمة على جميع الفاعلين الاقتصاديين بمن فيهم الدولة وشركات التمويل والإيجار وكذا الزبناء. فالكل كان يعود عليه هذا المنتوج (ءدج) بالربح.وقد كان بودي أن تقوم الجهات المسؤولة بتعاون مع شركات الإيجار والتمويل بدراسة شاملة حول هذا المنتوج (ءدج) لمعرفة آثاره الإيجابية (أو السلبية) على جميع المستويات قبل تغيير نظامه الجبائي المرتبط بـ (ض.ق.م). الضحية الثانية بطبيعة الحال هو الزبون الذي وجهت له كذلك ضربة قاضية حقيقية، حيث ارتفعت ض.ق.م من 7% إلى حدود 2006 إلى 20% ابتداء من .2008 وهذا الارتفاع لا يقبله عاقل لآثاره السلبية على القدرة الشرائية للمواطن (الزبون).