تعددت مظاهر التضامن مع أبناء الشعب الفلسطيني في غزة نتيجة لما تقوم به آلة التجويع والتقتيل الإسرائيلية في حق شعب أعزل رفض الخنوع ورفع الراية البيضاء، دفاعا عن الحق في الوجود. وخرجت المظاهرات والمسيرات الشعبية لتجوب العديد من المدن العربية، احتجاجا على منع الكهرباء والدواء والشمس والهواء، وامتد التضامن ليصل الدول الأوروبية، إذ قام حوالي نصف مليون شخص في أنحاء القارة العجوز بإطفاء أنوار بيوتهم وإشعال الشموع عشرين دقيقة تضامنا مع المعتقلين في سجن غزة الكبير. وفي ظل الحصار توجه إدارة المعرض الدولي للكتاب بـتورينو الإيطالية، دعوة مستفزة إلى الروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله للمشاركة في المعرض الذي يكرم إسرائيل ويحتفي بستين سنة على قيامها، وطبعا تناقلت وسائل الإعلام رد الكاتب الفلسطيني على تلك الدعوة معتبرا أن الفلسطيني الذي كان ينتظر في الذكرى الستين لطرده من وطنه صحوة إنسانية، يفاجأ اليم بالموقف المعادي إدارة المعرض التي لم تأخذ بعين الاعتبار ما ستتركه هذه الخطوة من آثار مريعة وأحزان عميقة في روح الإنسان العربي. التضامن امتد إلى غانا التي تحتضن نهائيات كأس إفريقيا للأمم، حيث قدم المهاجم المصري درسا لبقية اللاعبين العرب الذين يبدعون في طريقة احتفالهم بأهدافهم، وبطريقة صبيانية أحيانا، حين كشف عن عبارة تعاطفا مع غزة المكتوبة على قميصه الداخلي، في المباراة التي تفوق فيها منتخب مصر على منتخب السودان بثلاثة أهداف دون رد، مساء السبت الماضي. نعم وجهت الكاف تحذيرا للاعب المصري، وسبقها الحكم البنيني بإشهار ورقة صفراء في وجهه، لاعتبار ماقام به يتنافى ولوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا والتي تدين تمرير خطابات سياسية أو عنصرية، وهو الشيء الذي لم يثره أحد في كأس العالم بألمانيا حين قام المدافع الغاني جون فيتسيل برفع علم إسرائيل في أعقاب فوزها على تشيكيا. وكنت أتمنى أن يقوم أبو تريكة بالعملية نفسها عندما سجل هدفه الثاني والثالث للمنتخب المصري، ولو على سبيل الإيحاء، كما قال لي أحد الأصدقاء، إذا خشي الطرد نتيجة لبطاقة صفراء ثانية، وكنت أتمنى أكثر لو عبر اللاعبون العرب عن تضامنهم مع ما يحدث في غزة، وإذا لم يملكوا جرأة أبي تريكة، وخشوا من عقاب فيفا، فليقللوا من مظاهر فرحهم عند إحراز الأهداف، وذلك أقل التضامن.