المغرب يستضيف الملتقي العربي الثاني للتنمية السياحية    مباراة المغرب وليسوتو.. توقيت البث والقنوات الناقلة للمباراة    مركز موكادور للدراسات والأبحاث يستنكر التدمير الكامل لقنطرة واد تدزي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ذكرى ميلاد الأميرة للاحسناء: مناسبة لإبراز انخراط سموها الموصول في قضايا المحافظة على البيئة    أغلبهم نساء وأطفال.. مجازر إسرائيلية في غزة وبيروت تسقط عشرات الضحايا    المغرب يرسل أسطولا إضافيا يضم 12 شاحنة لدعم جهود تنظيف قنوات الصرف الصحي في فالنسيا    المغرب يواجه ليسوتو اليوم الاثنين وعينه على حسم إقصائيات "كان 2025" بالعلامة الكاملة        فوزير يخضع لعملية جراحية ناجحة    تزامن بدلالات وخلفيات ورسائل    مهاجرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء يتسببون في فوضى بالقليعة    احتفالات في جهة سوس بالذكرى 69 لعيد الإستقلال (صور)    الكرملين يتهم بايدن ب"تأجيج النزاع" في أوكرانيا بعد سماح واشنطن باستخدام كييف أسلحتها لضرب موسكو    بعد غياب طويل.. الجمهور المغربي على موعد مع المطرب العراقي محمد السالم من    فاتي جمالي تغوص أول تجربة في الدراما المصرية    الشعب المغربي يخلد اليوم الذكرى ال69 لعيد الاستقلال    ملعب آيت قمرة.. صرح رياضي بمواصفات عالمية يعزز البنية التحتية بإقليم الحسيمة    فرنسا تقسو على إيطاليا في قمة دوري الأمم الأوروبية    ثقافات العالم تلتقي في مهرجان آسا الدولي للألعاب الشعبية        "تعزيز الضمانات التشريعية الوطنية بشأن مناهضة ومنع التعذيب وسوء المعاملة" محور ورشة عمل بالبيضاء    الجيش الإسرائيلي يعلن أن نحو 30 مقذوفا أطلقت من لبنان نحو إسرائيل    "قمة العشرين" تناقش مكافحة الفقر    حجز أزيد من 188 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط وإيقاف المتورطين    اصطدام بين سيارة ودراجة نارية يودي بحياة شاب في خريبكة    بلجيكا وهولندا والمغرب في قلب صراع إجرامي بعد سرقة كوكايين    تاركيست: سيدة تضع حدًا لحياتها شنقًا    "غوغل" يحتفل بالذكرى ال69 لعيد الاستقلال المغربي    المغرب يفتح آفاقاً جديدة لاستغلال موارده المعدنية في الصحراء    بني بوعياش وبني عمارت على موعد مع أسواق حديثة بتمويل جهوي كبير    تنظيم النسخة 13 من مهرجان العرائش الدولي لتلاقح الثقافات    بعد صراع مع المرض...ملك جمال الأردن أيمن العلي يودّع العالم    مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان    وقفة احتجاجية بمكناس للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    مزاد يبيع ساعة من حطام سفينة "تيتانيك" بمليوني دولار    المغرب يخنق سبتة ومليلية المحتلتين ويحرمهما من 80% من نشاطهما الجمركي    ترامب يسمي رئيس "هيئة الاتصالات"    "الجمعية" تحذر من تدهور الوضع الصحي ل"حملة الشهادات المعطلين" المضربين عن الطعام منذ 41 يوما    أطباء القطاع العام يصعدون بثلاثة أسابيع من الاحتجاجات والإضراب    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    وفاة "ملك جمال الأردن" بعد صراع مع سرطان المعدة    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    مجلس الشيوخ في البراغواي يدعم سيادة المغرب على صحرائه    الدرهم يرتفع مقابل الأورو على خلفية ارتفاع ملحوظ للتداول البنكي وفقا لبنك المغرب    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    صراعات عائلة السيوفي في الدراما الجديدة المُثيرة "نقطة سودة" يومياً عبر شاشة "5MBC"    عمور و السعدي يقصان شريط النسخة السابعة لمهرجان الزربية الواوزكيتية    جمعية فنون تقدم أحدث إعمالها الفنية و التراثية أغنية " لالة منانة" من أداء المجموعة الموسيقية لأكاديمية ميزينوكس    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نقـل المروري "التبيـن" من فكـرة إلى تنظيم وحدوي؟
نشر في التجديد يوم 19 - 01 - 2008


لا يمكن أن نتحدث عن ذاكرة الحركة الإسلامية دون أن نتناول شخصية كان لها دور كبير في العديد من محطاتها خاصة محطة الوحدة. ولولا أن الموت لا تخبر أحدا قبل قدومها لما ضيعنا فرصة اللقاء بهذا العلم البارز ومحاورته وتسجيل شهادته والدور الذي قام به في صناعة أفكار وترسيخ رؤى والمضي بدون هوادة في ملف الوحدة. منذ أن فتحت هذا الملف وأنا أطرح السؤال كيف يمكن أن أسجل شهادة عبد الرزاق المروري رحمه الله؟ وما هي الصيغة التي يمكن من خلالها إبراز دوره في تاريخ الحركة الإسلامية؟ لم يكن لي إلا أن أتصل بأقرب الناس إليه. أخوه الذي عاش معه تحت سقف واحد، وأحمد المشتالي الذي عاش معه تحت السقف الحركي، والأستاذ رضا بن خلدون باعتباره من رفقاء دربه هل يمكن أن تحدثنا عن بداياته الأولى؟ ولد عبد الرزاق المروري في يناير 1956 بحي يعقوب المنصور بالرباط، وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة محمد بن يوسف بالأقواس، وقضى تعلميه الإعدادي والثانوي بمؤسسة ابن رشد. حضنته الجدة وهو ابن ثمانية أشهر بسبب مرض ألم بالوالدة في الرئة، فغادر البيت، وتكلفت الجدة والخالة بتربيته، وبقي رحمه الله ملازما للجدة في بيتها إلى أن توفيت رحمها الله سنة 3991, وكان زوج الجدة هو الذي تكلف به طيلة هذه السنوات. دخل المعهد الموسيقي في سن مبكر (في المرحلة الابتدائية) وأتقن العزف على الناي العصري وزاول رياضة فنون الحرب في هذه السن، وكان من هواة كرة القدم، وكان يشترك في فرق الأحياء. وكيف جاءت فكرة التدين عنده؟ كانت خالتي عايدة تعمل بالمملكة العربية السعودية، وكانت كلما زارت المغرب تحضر معها العديد من الكتب والإصدارات الإسلامية، وكان عبد الرزاق رحمه الله معروفا في البيت بكثرة القراءة، وكان يلتهم تلك الكتب كاملة. التزم عبد الرزاق رحمه الله بالتدين منذ صغره، وكانت له ميولات صوفية مبكرة، إلى درجة أنه زار العديد من الزوايا الصوفية، وتأثر بطرق التربية عندها. ألم تظهر عليه علامات النشاط الحركي في المؤسسات التعليمية التي درس بها؟ كان كثير النشاط الدعوي في ثانوية ابن رشد حيث كان يجمع التلاميذ في جلسات تربوية، ويتصل بالإدارة ويقترح عليها تنظيم أنشطة ثقافية في المؤسسة، وقد ألقى محاضرة في ثانوية عبد الكريم الخطابي حول موضوع تحرير المرأة. وما صلته بثانوية عبد الكريم الخطابي وهو الذي كان يدرس بابن رشد كما تفضلتم؟ كان عبد الرزاق رحمه الله ينتقل بين الثانويات، ويلقي دروسا ومحاضرات بها، وكانت له صداقات مع التلاميذ في هذه الثانويات، وهي التي كانت تسهل عليه عقد هذه الأنشطة فيها. هل كان في هذا الوقت منتميا للشبيبة الإسلامية؟ لم يكن وقتها منتميا لأي تنظيم إسلامي، وإنما كانت تحركه الفكرة الإسلامية التي اقتنع بها، وكان رحمه الله يجد راحته في الدعوة والحركة. وما حكاية علاقته الحميمة بالشعر والأدب؟ التحق عبد الرزاق رحمه الله بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط سنة 1979, واختار شعبة الفلسفة، وتأثر تأثرا كبيرا برشدي فكار، والشاعر السوري عمر بهاء الدين الأميري المعروف بشاعر الإنسانية المؤمنة، وكان يحضر لقاءاته التي كان يعقدها في بيته. وبدأت يظهر ولعه بالشعر والأدب، حتى صار ينظم العديد من القصائد الشعرية، وكانت تذاع على الأثير في برنامج ناشئة الأدب الذي كان يعده الشاعر اللبناني وجيه فهمي صلاح في أواسط السبعينات، وكان يشارك في نفس الوقت في برنامج قاموس الشاشة الذي كان يعده المفكر الفيلسوف رشدي فكار رحمه الله، كما بدأ يشارك في برنامج الشاعر محمد عمارة رحمه الله الذي كانت تبثه إذاعة وجدة، وعن طريق محمد عمارة رحمه الله، تعرف عبد الرزاق المروري على الشاعر الأديب محمد علي الرباوي والشاعر والناقد الإسلامي الدكتور حسن الأمراني، وكان رحمه الله وراء بلورة فكرة مجلة أدبية تعنى بقضية الأدب الإسلامي والتي ظهرت فيما بعد تحت اسم المشكاة، وبقي متعلقا بالأدب الإسلامي حتى تحقق حلمه عند تأسيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية برئاسة أبي الحسن الندوي، وصار عضوا بها. وكان رحمه الله شديد التأثر بأدب مصطفى صادق الرافعي وخاصة كتابه من وحي القلم، وبلغ تأثره بهذا الأديب درجة تسمية روض للأطفال باسم كتابه وحي القلم الذي أنشأة سنة 1987. وكيف انخرط في الفكرة الحركية؟ كان ذلك من خلال قراءاته الكثيرة، إذ تعرف على أدبيات الإخوان المسلمين، وتعرف على تجربة حسن البنا وقرأ رسائله، كما تعرف على أدبيات سيد قطب ومحمد قطب رحمه الله، وتأثر بمحنة الإخوان المسلمين بمصر، ولم يكن يقتصر على قراءة هذه الأدبيات الحركية، بل كان ينفتح على غيرها، ويستفيد مما تتيحه شعبة الفلسفة من إمكانات منهجية في تمثل التجربة الحركية ونقدها. أستاذ أحمد المشتالي، تعرفت على عبد الرزاق المروري، وما هو السياق الذي انخرط فيه المروري رحمه الله في جماعة التبين؟ بعد خروجنا من الشبيبة الإسلامية سنة 1978, التحق بنا عبد الرزاق المروري، وكان عبد اللطيف البوزيدي وقتها هو المسئول عن المجموعة، وقد تم الاتصال به بواسطة الأخ المحجوب والأخ الحسين مامان. وبمجرد التحاقه بالمجموعة، تأثر به الإخوان لقوة شخصيته وسمته الإيماني واقتناعه بأهمية الحوار في ترسيخ القناعات وإدارة النقاشات. هذا فضلا عن رصيده الثقافي الذي حصله من خلال دراسته في شعبة الفلسفة ومن خلال علاقته أيضا بالمفكر الإسلامي رشدي فكار. يعني أن المرحوم عبد الرزاق المروري لم يسبق له أن انتمى إلى الشبيبة الإسلامية؟ لم يسبق لعبد الرزاق رحمه الله أن كان عضوا في الشبيبة الإسلامية، وإنما كان إسلاميا مستقلا يتمتع بقراءات واسعة، ويستوعب الأمور بشكل سريع، ويؤمن بالحوار والوحدة بين مختلف الطيف الإسلامي، وقد أكبر فيه الإخوة هذه المواصفات، إذ بمجرد التحاق عبد اللطيف البوزيدي بالمدرسة المحمدية للمهندسين ارتأى الإخوة أن يجعلوه على رأس المجموعة، وكان ذلك سنة 1979. وما الإضافة النوعية التي جاء بها عبد الرزاق المروري رحمه الله حتى حاز كل هذه الثقة من الإخوان؟ كان لعبد الرزاق المروري رحمه الله أكثر من ميزة، لكن يمكن أن أتحدث عن ثلاث ميزات رئيسة: - الأولى: قدرته على نسج العلاقات الواسعة مع الأشخاص والجهات والهيئات المختلفة. - الثانية: تأصيله لموضوع المرأة وعملها في المجال الإسلامي. - الثالثة : وهي توجهه الوحدوي. كيف تفسر اهتمامه بنسج العلاقات؟ هل يعود ذلك إلى طبيعة شخصيته؟ أم أن الأمر يدخل في وعيه بأهمية التواصل والعلاقات في بناء العمل الإسلامي والامتداد به خارج الدائرة الحركية؟ كان عبد الرزاق المروري رحمه الله رجلا منفتحا، وربما اكتسب هذا الانفتاح من تكوينه في شعبة الفلسفة ودراسته لعلم الاجتماع، فكان الرجل يتبنى رؤى منفتحة على الآخر، وكان في كل نقاشاته وحواراته باحثا عن الحقيقة، لا يدعي يوما انه يمتلكها، ولذلك فقد كان أحرص ما يكون على توسيع دائرة الحوار مع مختلف الفرقاء سواء على الساحة الفكرية أو السياسية. لكن هذا لا يمنع من الحديث عن تكوينه النفسي والشخصي، فكل الذين عايشوه منذ طفولته يقرون بأن الرجل كان مرنا في تعامله مع الأشخاص، فلا ترى في سلوكه أدنى خشونة أو عنف، وقد ساعده ذلك على ربط صداقات واسعة منذ صغره. وربما عدم خضوع عبد الرزاق المروري رحمه الله لتربية الشبيبة الإسلامية ساعده على امتلاك رؤية متحررة في الفكر والنظر، فالرجل في تفكيره ومنهجه كان لا يخضع لنمط جاهز، بل كان يقرأ للجميع، ويستفيد من كل الأدبيات إخوانية وغيرها، لكن يبقى له رأيه المستقل يقيس به ما يقرأ، ولعل شعبة الفلسفة، واطلاعه على المناهج ساعده كثيرا على تبني منهج دقيق في الاختيار والتمحيص. كيف قبلت جماعة التبين عبد الرزاق المروري رحمه الله وهو الرجل الذي لم يترب قط في أحضان الشبيبة الإسلامية ولم يعرف له انتماء حركي؟ كانت الجماعة وقتها تبحث عن ذاتها، فكانت في البدء عبارة عن فكرة وموقف سميناه في إبانه بالتبين، وسرعان ما انتشرت الفكرة، وصار لها مؤيدون في كل من الرباط وسلا والبيضاء وآسفي وابن أحمد، ولما تبرأ منا عبد الكريم مطيع وسمانا الخوارج، وسحب البساط من تحت السداسيين فصاروا مجرد أفراد، بدأت فكرة التبين تتجه نحو عمل تنظيمي، وكانت المجموعة ضمن هذا السياق تبحث عن ذاتها كما كانت أيضا تبحث عن قيادة تعينها على تأسيس ذاتها وبناء تصوراتها واختياراتها، وبعد حصول الفراغ في القيادة بسبب التحاق عبد اللطيف البوزيدي بالمدرسة المحمدية للمهندسين، كان الشخص الأنسب الذي يتمتع بصفات القيادة كلها هو الأخ عبد الرزاق المروري رحمه الله. فقد كانت له كاريزما خاصة، وكان رجلا متحررا بالإضافة إلى رصيده الثقافي الواسع، وهو ما جعلنا جميعا لا نتردد في جعله مسئولا عن التنظيم سنة 1979. وهل كان عبد الرزاق المروري يؤمن فعلا بجماعة التبين كإطار للعمل الإسلامي؟ كان عبد الرزاق المروري في تلك المرحلة يرى أن مجموعة التبين هي محطة عابرة في مسار الحركة الإسلامية، ولذلك لم يكن ير إلى جانب إخوانه ضرورة في تسمية هذه المجموعة باسم خاص، فقد كان يعتبر أن مآل المجموعات الإسلامية التي خرجت من رحم الشبيبة الإسلامية أو التي كانت عاملة في جمعيات أخرى هو الوحدة. فكان رحمه الله يعتبر أن إنشاء مجموعة التبين فرضته ضرورة الاستمرار في العمل الإسلامي دون أن يكون الهدف هو إنشاء تنظيم خاص. فقد كان دائم التذكير بأن جماعة التبين هي محطة من المحطات في المسيرة من اجل توحيد العمل الإسلامي. تحدثتم عن انفتاح الأخ عبد الرزاق المروري رحمه الله وعن علاقاته الواسعة، هل يمكنكم أن تعطوا أمثلة ونماذج لهذه العلاقات؟ كان عبد الرزاق المروري رحمه الله صديقا حميما للدكتور المهدي المنجرة، والدكتور المهدي بن عبود، والدكتور رشدي فكار، وقد استطاع أن يربط علاقات مع قيادات الاتحاد الاشتراكي وعلى رأسهم محمد جسوس الذي أشرف على بحثه في الدكتوراه، وقد نسج علاقات واسعة مع اليسار في الوقت الذي كانت فيه القطيعة معهم من الإسلاميين أمرا محسوما. ومن الطرائف أنه كان يناقش أفكار محمد جسوس على صفحات جريدة الصحوة باسم مستعار. ماذا كان اسمه المستعار؟ كان يكتب باسم نور الدين العبدي، وقد كان رحمه الله صديقا حميما للدكتور عبد المجيد بوزوبع إلى درجة أنه حضر في بعض لقاءات الإخوة الموسعة، وكان يشارك مع الأستاذة لطيفة اجبابدي في العديد من المحاضرات في موضوع المرأة، وكانت له علاقة خاصة بالصحفي والبرلماني أحمد الزايدي والمفكر والسياسي عبد الصمد بلكبير. وكانت له علاقة متينة بالأخ صالح أبو رقيق وكان من قيادات الإخوان المسلمين بمصر، كما ربط العلاقة بالدكتور محسن عبد الحميد الذي عمل أستاذا بكلية الآداب بالرباط، وتعرف على قيادات الاتجاه الإسلامي كالشيخ راشد الغنوشي والدكتور عبد المجيد النجار، وتعرف على كثير من قيادات الحركة الإسلامية في السودان. وهل كان منفتحا أيضا على الوسط الرياضي؟ في سنة 1983, ربط عبد الرزاق المروري علاقات صداقة مع لاعبي الجيش الملكي، وبدا بعضهم يحضر في الجلسات التربوية مثل سعد دحان وحسينة وعبد الرزاق خيري وهيدامو ومحمد التيمومي، وقد حضر بعضهم إلى حفل زفافه سنة 1987. وماذا عن الوسط الفني؟ كانت لعبد الرزاق المروري رؤية رائدة في الفن، وربما ساعده على ذلك تكوينه في المعهد الموسيقي ، ففي الوقت الذي كان للإخوان رؤية سلبية عن الفن والموسيقى، كان رحمه الله يحمل رؤية معتدلة حول الفن، فكان يسارع إلى ربط العلاقات مع الفنانين الذين كان يرى في فنهم نموذجا للرسالة الفنية المطلوبة، فكان صديقا حميما للفنانين محمد حسن الجندي وعبد الهادي بلخياط وسعد الزياني قبل أن يلتحق بجماعة التبليغ، كما كانت له صلة وطيدة بالفنان أحمد السنوسي (بزيز) وسبق له أن أجرى معه حوارا في جريدة الصحوة، وكان بذلك أول إسلامي يحاور أحمد السنوسي. وكيف نقل المروري رحمه الله الفكرة الوحدوية من الحلم إلى الواقع؟ ربط عبد الرزاق المروري العلاقة مع الدكتور إدريس الكتاني في وقت مبكر، وكان يرأس نادي الفكر الإسلامي، وكان من أبرز شخصيات هذا النادي عبد المجيد السملالي وعبد الله الشرحي، وكان نادي الفكر الإسلامي ملتقى جميع الجماعات الإسلامية (التبين، الجماعة الإسلامية، الطلائع) وكان الإسلاميون بمختلف فصائلهم يعتبرون نادي الفكر الإسلامي واجهة لتصريف أنشطتهم الثقافية والإشعاعية، وكان أول مكتب فرع في الرباط (1984) لهذا النادي يضم ممثلين عن كل الجماعات الإسلامية، فكان فريد شكري والمقرئ أبو زيد يمثلان الجماعة الإسلامية في المكتب، وكان رضا بن خلدون وزيد أبو شعرا يمثلان التبين وكانت جماعة الدعوة وكذا الطلائع حاضرين ببعض ممثليهما فيما كان محمد الدكالي يمثل الجمعية الإسلامية بالقصر الكبير، كما كان المكتب يضم إسلاميين مستقلين كالدكتور إدريس الخرشاف الذي كان يشغل مهمة رئيس الفرع. وكان عبد الرزاق المروري هو الذي فتح لنا الباب نحن جماعة التبين للدخول في نادي الفكر الإسلامي بحكم علاقته القوية بالدكتور إدريس الكتاني. كانت لجماعة التبين علاقة متوترة بالأستاذ عبد السلام ياسين إلى درجة أنه وصف الجماعة مرة بأنها إخوان الشياطين، كيف كان موقف عبد الرزاق المروري رحمه الله من ذلك؟ كان عبد الرزاق المروري رحمه الله متحمسا لفكرة الوحدة بين الجماعات الإسلامية، وقد كان يمثل الجماعة في أول نواة للتنسيق بين الجماعات الإسلامية سنة 1981, وكان حضر في هذه اللقاءات كل من الأستاذ عبد السلام ياسين وجماعة الدعوة بفاس، والطلائع والجمعية الإسلامية بالقصر الكبير وجماعة التبين، فيما انشغلت الجماعة الإسلامية بترتيب بينتها الداخلي. ولم يحدث للأستاذ عبد الرزاق المروري أن احتك بالأستاذ عبد السلام ياسين، بل إنه ترك علاقته به طيبة في الوقت الذي توترت العلاقة بين الشيخ عبد السلام ياسين وعبد اللطيف السدراتي وكذا محمد القشيري، وظل عبد الرزاق المروري يزور الأستاذ عبد السلام ياسين ومجلس إرشاد الجماعة. ألم يكن لعبد الرزاق المروري موقف من الاتجاه الصوفي عند عبد السلام ياسين؟ لم تتأثر علاقته بسبب موقفه من الاتجاه الصوفي للشيخ عبد السلام ياسين، والذي وقع أن الأستاذ محمد الزروالي هو الذي حرك النقاش داخل الجماعة وتحدث عن انحرافات عبد السلام ياسين خاصة بعد صدور الإسلام غدا والإسلام بين الدعوة والدولة، فأخذ السدراتي ومحمد القشيري الموضوع بقوة، وبدِءا يعبئان الإخوان ضد الأستاذ عبد السلام ياسين على خلفية اتجاهه الصوفي، وكان أن توترت العلاقة مع الأستاذ ياسين فوصف جماعة التبين بإخوان الشياطين، لكن مع ذلك احتفظ عبد الرزاق المروري بعلاقة طيبة بالأستاذ عبد السلام ياسين. وماذا عن موضوع المرأة؟ تأثر عبد الرزاق المروري بأفكار كل الشيخ راشد الغنوشي والدكتور أحمد الأبيض، والدكتور حسن الترابي حول المرأة، وكان أول من أسس العمل النسوي داخل جماعة التبين وثور تصوراته وقناعاته إلى درجة أن اسمه صار مقترنا بموضوع تحرير المرأة، بل نستطيع القول بأن عبد الرزاق المروري كان أول من نظر للمسألة النسائية داخل الحركة الإسلامية كلها، إذ لم يعرف للشبيبة الإسلامية وقتها عمل نسائي، ولم يكن بعد نضج العمل النسائي داخل الجماعة الإسلامية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.