على عتبات السنة الميلادية الجديدة، يروق لي أن أقف قليلا لأستحضر ذكرى أولئك الذين تأبطوا حقائبهم، وطوتهم السنة المنقضية وأخذتهم في رحلاتهم الأبدية. فقط حتى لايصيروا أسماء نعفو عنها من درج النسيان كلما هبت أنسام مناسبة ما. في بداية السنة الماضية ستنطفئ شمعة الصحافي المحجوب الصفريوي، وسيعقبه الفنان محمد أحمد البصري بعدما أرهقه المرض ودفعه مجبرا للتواري عن الساحة المسرحية التي أغناها بالكثير من النصوص، ليأتي الدور في أول أيام أبريل على ابن الجديدة ادريس الشرايبي، ويكون موته حقيقة لاترتبط بشهر الكذب الأبيض أو الملون إذ سيقضى في فرنسا حيث أمضى جل سنين حياته. بعد رحيل صاحب الماضي البسيط بخمسة أيام سيختار الموت رمزاً آخر من رموز الشعر بالمغرب، دون أن يستطيع أن يخرس صوته الشعري، الشاعر محمد بنعمارة بعد كفاح طويل مع المرض، وتشاء الصدف أن يغيب في اليوم نفسه بمستشفى الشيخ زايد بالرباط الملحن عبد الرحمان الحسني الكردودي. وعن عمر ناهز 78 سنة، رحل في 20 ماي الشاعر والإعلامي محمد الخضر الريسوني، مخلفا وراءه إنتاجا في مختلف الأجناس الإبداعية، ونتيجة للمرض سيتوقف قطار حياة الكاتب والصحافي ميمون الأزماني عند محطة 13 يونيو الأخير. وفجعت أسرة الفن المغربية والعربية في الثاني من شتنبر حين علمت نبأ وفاة القديرة رجاء بلمليح وهي بعد في 45 من عمرها أزجت جلها في التأسيس لفن رقى بذائقة كل من خاطبته من خلال روائعها الشاهدة على مسيرتها المشرقة، وفي أثرها، يرحل الدكتور محمد السيجلماسي أحد الوجوه الثقافية المغربية البارزة. وعن عمر ناهز 79 عاما، غادر إلى الدار الأخرى الفنان المنشد الحاج محمد الطود في نونبر الذي عرف في الثامن والعشرين منه رحيل شيخ كتاب الكلمات بالمغرب، وصاحب قطار الحياة، الشاعر الغنائي علي الحداني. وسيكون الصحافي والفنان عبدالرحيم بركاش آخر المغادرين في الخامس من دجنبر بعد معاناة طويلة مع مرض عضال. أحببت فقط أن أقف قليلا عند هذه الأسماء، مع علمي أن المغادرين كثر من هنا ومن هناك، والمواليد أيضا، لكن اخترت هؤلاء لأن أعمالهم كانت السبب في أن تحفظهم الذاكرة في خزائنها التي يصيبها البلى وغبار النسيان. فقط حتى لاننساهم.