لا أحدا يمكنه أن يجادل في أن الامتحان المهني لرجال ونساء التعليم أضحى مكسبا مهما للأسرة التعليمية ووسيلة لتحسين أوضاعها المادية والإدارية.إلا أن الكثير من المتتبعين للشأن التعليمي ومن رجال التربية ونسائها لا يخفون طعنهم في مصداقية هذا الامتحان نظرا لعدة اعتبارات ، على رأسها : أن نسبة مهمة من الممتحنين يغشون في هذا الامتحان بشهادة المراقبين الذين أعربوا عن امتعاضهم من هذه الظاهرة المؤسفة والتي بدأت تستشري في صفوف رجال التربية وممن يربون أولادنا على النزاهة و عدم الغش . وفي السياق ذاته أكد عدد من المراقبين أنهم يشعرون بحرج كبير أثناء قيامهم بعملية المراقبة ، وبالخصوص عند ما يحرسون زملاءهم وأصدقاءهم وأساتذة ممن تتلمذوا على أيديهم، وبالتالي فهذه العملية تبقى صعبة جدا في ظل المعطيات السابقة ،أحد المراقبين قال بالحرف إننا لا نحرس تلاميذ بل نحرس مربين وناضجينمضيفا أنه يشعر باشمئزاز كبير عندما يرى مشاهد لا تمت بصلة إلى مبادئ التريبة والتكوين و لا يكن أي احترام يردف لكل من تسول له نفسه ارتكاب ما أسماه بالجرم التربوي في حق نفسه وفي حق المنظومة التربوية برمتها. ويقول ممتحنون إن الكثير من رجال ونساء التعليم ابتعدوا عن مجال المطالعة خصوصا ميدان التربية، وأشاروا إلى وجود خصاص في التأطير التربوي لا على المستوى الرسمي ولاعلى مستوى التكوين الذاتي ،مضيفين أن من حسنات الامتحان المهني هو إعادة إحياء وإشعال جذوة القراءة والبحث في صفوف رجال ونساء التعليم .أما أحد الأساتذة فيبرر أسباب نزوع ممتحنين إلى الاستعانة بكتب ومراجع تربوية وبالخصوص في امتحانات علوم التربية ، إلى عدم وجود استراتيجية واضحة المعالم لدى وزارة التربية الوطنية في المجال التكويني وإلى النقص الملحوظ في التأطيرالتربوي المحلي الذي لم يعد يفي بالغرض ويحتاج إلى تحديث آلياته ووسائله للاضطلاع بالدور المنوط به من أجل تفعيل العملية التربوية وتحسين الجودة التي أصبحت مفتقدة في منتوجنا التربوي نظرا لعدة عوامل متداخلة ومعروفة لدى أصحاب زمام الشأن التعليمي . في الحقيقة لقد لعب الامتحان المهني دورا كبيرا في التكوين الذاتي لرجال التعليم على المستوى النظري، وشكل حافزا كبيرا لإنجاح هذا الرهان التربوي أي التكوين، وهذا باعتراف المعنيين أنفسهم ، لكن ظروف وواقع هذا الامتحان المهني تحتاج إلى فتح نقاش جاد ووقفة تصحيحية من أجل معالجة تلك الظاهرة التي تحدثنا عنها والتي تضرب في الصميم مصداقية الامتحان .ومن ضمن المقترحات المتداولة في الوسط التعليمي والتي قد ستساهم في الحد من تلك التجاوزات غير التربوية وإضَفاء الشرعية الأخلاقية على هذا الامتحان : السماح باستعمال كتب و مراجع تربوية في مواضيع الامتحانات الخاصة بعلوم التربية (examen avec documents permis). إيلاء أهمية قصوى للتكوين التربوي وتفعيل آليات التواصل بين جميع عناصر الفعل التعليمي ... غير أن كل هذا يبقى رهينا بالسياسة الأخلاقية العامة التي تسود الأوساط السياسية والحزبية أيضا، فلا يمكن أن يكون الإصلاح جزئيا في الوقت الذي يشيع فيه الغش السياسي والحزبي العام. محمد عمر