حسب الحالات التي ترد علينا في مركز الوئام للإرشاد الأسري وانطلاقا من اهتمامي الخاص بهذا الملف، فإن أول شيء يجب التذكير به هو أن قنونا بهذا الحجم وأعني قانون الأسرة، فقد انتظره المغاربة طويلا وحصل على إجماع داخل البرلمان، وهو يحتاج إلى إمكانات مالية وبشرية من أجل تنزيله، والواقع أن محاكم الأسرة لم تعمم بعد، إذ نجد بعض محاكم الأسرة في حين نجد في أماكن أخرى أقسام قضاء الأسرة تابعة للمحاكم الابتدائية. وهذه الأقسام لا تتوفر على الشروط الضرورية لإنجاح تنزيل المدونة الجديدة أحسن تنزيل، وأقصد بذلك الفضاءات المخصصة لتطبيق القانون، كما أن الموارد البشرية نفسها غير مستوفية لمتطلبات ملفات الأسرة وخاصة جهاز القضاء وجهاز كتابة الضبط، فعدد السادة القضاة المتخصصين في قضاء الأسرة قليل مقارنة مع عدد الملفات المطروحة، وهذا النقص يؤثر على سير الملفات، وعلى مسطرة الصلح بالخصوص لأن فلسفة المدونة هي حماية مكونات الأسرة وتحقيق التماسك الأسري من أجل مصلحة المجتمع لأن الاستقرار الأسري هو الدعامة الأساسية للتنمية المجتمعية. وهناك مشكل آخر لا يقل أهمية ويتعلق بالتبليغ فمجموعة من الأحكام تكون جاهزة إلا أن هناك نقص على مستوى الجهاز المكلف بالتنفيذ، وهناك من يقول إن الأعوان القضائيين يمكنهم القيام بهذه المهمة إلا أن المتضح للعيان هو أن هناك مشكلا في تبليغ الأحكام القضائية، وبالتالي لا يستفيد الطرف المتضرر في الأسرة من هذه الأحكام. ومن جانب آخر هناك مشكل بخصوص المغاربة المقيمين في دول لم تبرم معها اتفاقيات ثنائية، أو هناك اتفاقيات إلا أنها غير مفعلة. والملاحظ أيضا أنه رغم مرور سنتين على إصدار مدونة الأسرة لم يتم تفعيل صندوق التكافل العائلي، مما يجعل المرأة المطلقة وأطفالها سواء إذا كان هذا الزوج معسرا ويكون جزاؤه الإكراه البدني، وهنا لا تستفيد الزوجة شيئا، أو إذا كان الزوج موسرا فإنه يماطل في أداء واجب النفقة، وهذا ما قد يجعل بعض النساء يمتهن مهنا غير شريفة لإنقاذ أنفسهن وأولادهن، وقد يلجأ بعضهن إلى تشغيل أطفالها وهم في سن التمدرس. بقي أن نشير إلى أن هناك مشكلا إعلاميا مع المدونة، فرغم مرور سنتين على إصدار هذا القانون لم يأخذ هذا القانون من التعريف به، مع الإشارة إلى أن هناك بعض القراءات المغلوطة للقانون نتيجة لعدم التحسيس بالشكل الكافي بهذا القانون.