أثار اللقاء الذي جرى بين شيخ الأزهر وسفير الدانمارك في القاهرة وتضمن اعتذار السفير عن "أي تصريح أو عمل أو تعبير يشوه صورة الأديان"، عقب انتقاد مجمع البحوث الإسلامية للإساءة الدنماركية للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، جدلا بين علماء ومثقفين مصريين بعدما علموا أن الشيخ طنطاوي قال للسفير في تبرير رفض الأزهر الإساءة للنبي الكريم أن "محمد" ميت لا يستطيع الدفاع عن نفسه. وقد انتقد عدد من العلماء ردّ شيخ الأزهر على سفير الدانمارك، جاء في النشرة الدورية التي تصدر عن مكتب شيخ الأزهر، والذي تضمنت رفض الشيخ طنطاوي "الإساءة إلى الأموات بصفة عامة سواء كانوا من الأنبياء أو المصلحين أو غيرهم الذين فارقوا الحياة الدنيا" وأن "الأمم العاقلة الرشيدة تحترم الذين انتهت أجالهم وماتوا"، معتبرين أن رد شيخ الأزهر "لم يكن موفقا". كما انعكس هذا أيضا في صورة خلاف واضح في الرأي بين كل من الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر والدكتور على جمعة مفتي الديار المصرية خلال لقاء كل منهما مع "بيارن سورنش" سفير الدانمارك في القاهرة، فيما يتعلق بالموقف من إساءة بعض صحف الدانمارك للرسول الكريم، حيث رفض جمعة مساواة الأنبياء بالسياسيين والزعماء وغيرهم. وعاب عدد من علماء الأزهر على الشيخ سيد طنطاوي رده علي الإساءة الدنماركية بأنه لا يجوز الإساءة إلي الأموات، معتبرين أن هذه الإساءة الدنماركية تشكل نوعا من ازدراء الأديان، وجميع شعوب العالم، بمن فيهم البوذيون والهندوس، يدافعون عن أديانهم، والإسلام حيّ في نفوس أكثر من مليار وعليهم الدفاع عن الإسلام ونبي الإسلام. وكان شيخ الأزهر قد قال للسفير الدنماركي الذي أبلغه اعتذار رئيس وزراء بلاده للإساءة إلى الرسول وللإسلام في صحف دنماركية: "إن الإساءة إلى الأموات بصفة عامة تتنافى مع المبادئ الإنسانية الكريمة، سواء كانت هذه الإساءة إلى الأموات من الأنبياء أو الصالحين أو السياسيين وغيرهم ممن فارقوا الحياة، وأضاف أنه يرفض الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه فارق الحياة، مؤكداً أن الأمم العاقلة الرشيدة تحترم الذين انتهت آجالهم وماتوا. وأضاف شيخ الأزهر أن ذلك هو ما تقتضيه العقول الإنسانية السليمة، وفي الوقت نفسه نحن نقدس الحرية، ولكن ينبغي أن تكون في حدود ما أباحته القوانين والشرائع". أما الدكتور علي جمعة مفتي مصر فقال خلال لقائه سفير الدانمارك بدار الإفتاء إنه لا يمكن القول "إننا نرفض الإساءة للرسول لأنه مات وفارق الحياة، لأن الرسول لا يزال حيا، في نفوس جميع المسلمين، ولم يمت"، وأوضح أنه لا يرفض إساءة بعض صحف الدانمارك للرسول صلى الله عليه وسلم لأنه "مات"، حيث أن الرسول ما زال حيا بيننا جميعا، ونقتدي به كمسلمين في حياتنا اليومية ويعيش بيننا وفي قلب كل مسلم. وأضاف جمعة "إن كل مسلم من بين المليار وثلاثمائة مليون مسلم على مستوى العالم، يعد امتدادا في الوقت الراهن للرسول صلى الله عليه وسلم ولا ينبغي مطلقا الإساءة للأنبياء والصالحين، أو ازدراء الأديان السماوية"، وأكد أنه لا يمكن مساواة الأنبياء والصالحين وغيرهم من البشر برجال السياسية لأن الأنبياء معصومون من الخطأ، ولا ينبغي الإساءة إليهم أو مساواتهم بغيرهم من البشر بحجة أنهم جميعا أموات. وكان الأزهر الشريف تعهد عقب إثارة هذه الأزمة بالتوجه إلى الأممالمتحدة ومنظمات حقوق الإنسان لتصعيد قضية نشر صحيفة دانمركية رسوما كاريكاتيرية تسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، فيما اعتبره ازدراء واضحا للمسلمين، ولذلك اعتبر علماء أزهريون تعليق شيخ الأزهر الأخير علي الأزمة ضعيفا وغير موفق. وقال مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر في بيان أصدره في كانون أول (ديسمبر) 2005 إن الأزهر "يعتزم التوجه برفضه لما حدث من إساءة للرسول إلى اللجان المختصة بالأممالمتحدة وإلى منظمات حقوق الإنسان في كل مكان؛ دفاعا عن حقوق الأفراد والشعوب، وحماية للتعددية الثقافية وما تتطلبه من احترام ثقافة الآخرين، والامتناع عن الترويج لثقافة الكراهية والازدراء بأولئك الآخرين". ووصف البيان الذي وقعه شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي نشر صحيفة "ييلاندز بوستن" 12 رسما كاريكاتوريا مسيئا للرسول يوم الثلاثين من أيلول (سبتمبر) 2005 بأنه "حملة تجاوزت تماما كل حدود النقد المباح وأدب الحوار الجائز عند الاختلاف لتنقلب سبابا خالصا وازدراء مقصودا لدين يتبعه ويتدين به أكثر من ألف مليون من البشر، ومنهم جالية من أبناء الدانمرك وحاملي جنسيتها".