لحظات مؤثرة موحية بأكثر من دلالة إنسانية، تلك التي عاشها أزيد من 200 مشارك في دورة تكوينية حول الجودة في الجمعيات والمؤسسات، نظمتها جمعية الإمام مالك للثقافة بأيت ملول بتعاون مع المجلس البلدي للمدينة يومي السبت 13 دجنبر 2005 و الأحد 01 يناير 2006 بمعهد الحسن الثاني للزراعة و البيطرة بالمدينة ذاتها. كانت تجربة طفل من العاصمة الكولومبية بوكوتا، في تحقيق حلمه الطفولي بإنشاء دار للمسنين على طريقته الخاصة، من بين العروض الأكثر إثارة وتشويقا، حيث استطاع طفل في التاسعة من عمره في مدينة مشهورة بفقر سكانها، أن يطبق معايير الجودة في أعلى مستوياتها، في عمل يبدو من الوهلة الأولى أنه أكبر من سنه، حيث قام هذا الطفل وعلى مدى خمسة عشر سنة بإرجاع الأمل لفئة مهمشة في المجتمع الكولومبي ولا تلقاها الرعاية الكافية، متتبعا خطوات إنجاز عمل مبدع وجيد، بدأ بفكرة صغيرة ثم تحول إلى مشروع كبير نال ثقة كل محيطه. وتأثر الحضور أكثر بلقطة معبرة يحكي فيها أحد الأطفال حكاية جميلة لأحد العجائز، وهو يشد يدها بيد ويعانقها بيد أخرى بحرارة عاطفية كبيرة، وكأنه يرد الجميل لفئة طالما أبهرتنا بحكاياتها الجميلة، كما أن لقطات لتمارين رياضية منها مباراة في كرة القدم أبطالها ناس في الثمانين وأكثر، إضافة إلى أعمال تقطيع الورق قطع صغيرة من أجل المحافظة على مرونة الأصابع، جلبت أكثر من تعليق مؤثر. عرض آخر نال كثيرا من التصفيقات والتشجيعات، ذلك الذي أنجزه الطفل ياسر الركراكي (سبع سنوات) ابن الدكتور ركراكي الركراكي، أحد مؤطري الدورة تحت عنوان الحلزون العبرة، حيث استطاع ياسر في شريط مصور في دقيقتين أن يعطي للحلزون مكانة تليق به في عيون وقلوب المشاركين، وأظهر الشريط المصور حول هذا الحيوان الذي لا يوليه أكثرنا أهمية، غير مذاقه اللذيذ في أكلة شعبية بالأعشاب الطبية، كيف أن هذا الكائن وهبه الله قدرة في تحمل الصعاب، وحل المشاكل المقررة لتخطي إحدى الحواجز الصعبة، فتراه يحدد المشكل الحقيقي ويحلل الوضعية، ويبحث عن الحلول الممكنة ولا يطبق أول حل يخطر على باله، ثم يختار الحل المناسب، مثابرا في عمله ومستعدا لمفاجآت الإنجاز إلى أن يصل إلى مبتغاه ويقطع الحاجزالخطير. إلى جانب هذين العرضين، استمتع الحاضرون في عدد من المحاضرات ألقاها مؤطرون من المركز المغربي لتنمية الكفاءات نماء، سلطت الضوء على الجودة بين الدلالات والمعاني، بين عالم الأشياء وعالم الأفكار، بين المفهوم والتطبيق، وواقع الجودة في الجمعيات من خلال الأهداف. وقال محمد بوكروم رئيس الدورة في تصريح لالتجديد إن الجودة شقيقة الإبداع من أجل تحقيق التميز و الريادة في الأداء، ذلك الإبداع المتميز الذي تكون محصلته العمل الفاعل في إطار منظومة الجودة الشاملة. وأشار في كلمة ألقاها بالمناسبة أن هذه الدورة تهدف من بين ما تهدف إليه إلى إخراج مفهوم الجودة من نطاقه الاقتصادي الضيق المحصور في جودة الإنتاج، إلى أن يصبح مقياس الإتقان في إنجاز أي عمل، والمحصلة الكبرى التي نرتجيها هي مساءلة الجمعيات و المؤسسات المشاركة، في إدخال نظام الجودة بمفهومه الشامل إلى مؤسساتهم و جمعياتهم، ورسم سياسة الجودة و التدريب على الخطوات الإجرائية لتطبيقها، بعد أن يتمكن الدارسون من تطوير مهاراتهم و أدائهم بمهنية و تنمية البيئة الإدارية التي يشتغلون بها.