احتدم الصراع في تركيا بين حكومة حزب العدالة والتنمية ذات الخلفية الاسلامية والمؤسسات البيروقراطية العلمانية، واتخذ أوجهاً أبرزها رفض لجنة التعليم العالي قرار الحكومة السماح لطلاب المدارس الدينية بالالتحاق بالجامعات، فيما فرضت البلديات التابعة للحزب الحاكم قيوداً على بيع المشروبات الكحولية، وأصدرت إحدى المحافظات كتيباً عن >قواعد اختيار الزوجة الصالحة<. واستنكر وزير التعليم التركي حسين شيليك، لجوء هيئة التعليم العالي إلى محكمة النقض العليا، للمطالبة بإلغاء قانون أصدرته الحكومة في شهر ديسمبر، يسمح لخريجي ثانويات الأئمة والخطباء بدخول الكليات والجامعات، بعدما كان لا يحق لهم سوى الالتاق بكليات الشريعة. وقال شيليك إنه لا يليق بهيئة التعليم العالي أن تبحث عن أجندة خفية وراء كل قانون تصدره الحكومة، مشيراً إلى حق خريجي ثانويات الأئمة والخطباء كغيرهم من الطلاب، في الالتحاق بما يريدونه من كليات وأقسام علمية وأدبية، بحسب الدرجات التي يحصلون عليها في امتحان الدخول. جاء ذلك إثر طعن الهيئة بالقانون الجديد ومطالبتها بالعودة إلى ما كان مطبقاً، بحجة أن القانون يفسح في المجال أمام تخريج دفعات من الإسلاميين من كليات مختلفة، قد تشكل لاحقاً خطراً على النظام العلماني في حال انتشروا داخل مؤسسات الدولة. واعتبرت أن من الضروري حصر تعليم خريجي ثانويات الائمة والخطباء بقسم الشريعة وتأهيلهم ليعملوا فقط كأئمة وخطباء في المساجد. ووصفت الهيئة قرار وزارة التعليم بأنه تحايل على القانون، بعدما سمحت الوزارة لطلاب الثانوية العامة في كل فروعها بتقديم امتحان الثانوية مرتين، مرة كطلاب في مدرستهم المهنية، وأخرى كطلاب ثانوية للدراسة المسائية يختار من خلالها كل منهم القسم الذي يريد أن يمتحن من خلاله، وبذلك يستطيع تلامذة الثانويات الدينية أن يقدموا امتحان الجامعة بصفتهم طلاب ثانوية مسائية عادية. ولجأت حكومة العدالة والتنمية إلى هذا المخرج بعد فشلها في إقناع الهيئة بفتح المجال أمام طلاب الثانويات الدينية لدخول كل الكليات، مستجيبة بذلك لضغط قاعدتها الشعبية الإسلامية، خصوصاً أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية عبدالله غل وعدداً كبيراً من الوزراء، هم من خريجي تلك الثانويات. إذ كان مسموحاً لهم بدخول الكليات العلمية والأدبية قبل قرارات 28 فبراير 1997 التي شددت على تطبيق قانون منع الحجاب في الجامعات، وقطع الطريق على طلاب الثانويات الدينية الذين يرغبون في دراسة القانون أو السياسة أو غيرها من العلوم غير الشرعية. وجاء التجاذب الجديد مكملاً لصراع بين الحكومة ومؤسسات الدولة البيروقراطية العلمانية، ازداد حدة، بعد تسابق بلديات حزب العدالة والتنمية في التضييق على حظر المشروبات الكحولية في قسم كبير من المطاعم والحدائق، في مقابل بناء أكبر عدد ممكن من المساجد.