ماذا يمكن للمرء أن يقول حينما يجد أن آخر ما تبقى لبعض المناضلين السابقين من المناضلين الشيوعيين هو إتقان الوشاية بأبناء الوطن والسعي للإيقاع بالأقرباء والإخوان... هذا إذا افترضنا أنهم كانوا مناضلين واستبعدنا أن يكونوا مجرد مخبرين متسربين إلى التنظيمات اليسارية أيام الصدق النضالي، ووقفنا عند الظاهر والله يتولى السرائر واعتبرنا أنهم مجرد بقايا متحللة من بقايا ومستحتات مزبلة التاريخ التي ترقد فيها الأُفكار البائدة مثل مقولة ديكتاتورية البروليتاريا والاشتراكية العلمية والماركسية اللينينية، إلى جانب الذين ارتكبوا أفظع الجرائم ضد الإنسانية مثل ستالين وبقية الرفاق من كل الآفاق؟ هل يملك الإنسان أن يحتفظ في نفسه بذرة من الاحترام لبعض المتساقطين ممن تبقى من المناضلين الذين لم تبق لهم ذرة من الحياء والأخلاق، وذلك في مقابل ثلة من المناضلين اليساريين الذين رغم أنه قد أسقط في أيديهم بسقوط جدار برلين وبوار المنظومة الفكرية والإيديولوجية التي كانوا يؤمنون بها، قد احتفظوا بنوع من النبل والغيرة على القضايا الوطنية والقومية والإسلامية، ورفضوا أن يتحولوا إلى طوابير خامسة ينتظرون دورهم كي تأذن لهم ماما أمريكا في الخدمة الذليلة؟.. فقد أطلق بعض محترفي الوشاية من هؤلاء المتأمركين على أنفسهم اسما براقا جديدا، فسموا أنفسهم تارة حداثيين وتارة أخرى ليبيراليين جددا، وصاروا يستنجدون بأمريكا لتخليصهم من الأنظمة الاستبدادية والحركات الظلامية ومن الأصوات الحرة المخلصة التي رفضت الدخول إلى سوق النخاسة والتطبيل ل الحداثة المزعومة المحمولة على الأسنة الأمريكية، والأخطر من ذلك أن نفرا من هؤلاء قد أصبح يتطوع ولا نشهد إلا بالظاهر والله يتولى السرائر بالوشاية المجانية، وبإثارة انتباه الملحقات الإعلامية والمخابراتية والدوائر الرسمية الأمريكية ب العنصرية الظلامية التي أصبحت تغطي صفحات جرائد ما سماه كبرت كلمة خرجت من فمه (...) الحركات الإسلاموية المغربية. ولقد ادعى كاتب لم يرق ولن يرقى في يوم من الأيام أن يكتب كلمة واحدة كاملة متكاملة في المعنى والدلالة والصدق وقصد الحق والإصلاح تحت ركن معلوم يحمل عنوان: ربع كلمة وقد انطبق الإسم على المسمى، أن صحيفة التجديد تحرشت سياسيا بوزيرة أمريكية لأنها سوداء اللون. ولأن مول الفز كيقفز، ولأنه قد أدرك تمام الإدراك أنه بقفزه على العنوان وتطويعه له وصرفه إلى المعنى الذي أراده، وهو معنى غير موجود في المقال ولا هو مقصود لواضع العنوان، يكون قد كشف بوضوح عن امتهانه لذلك النوع من الوشاية الساقطة فقد فتح حملة اعتراضية سعى من خلالها أن يدفع عن نفسه تهمة الدفاع عن رايس المتشددة وأقسم أغلظ الأيمان أنه ضد السياسية الأمريكية.. وأن الذي أملى عليه ذلك هو إيمانه بالقيم الإنسانية والأخلاق التي علمه إياها الدين الحنيف. ونحن نفهم أن يسقط صاحب ربع الكلمة فهمه المريض ذاك على العنوان، وأن يتصيد أي كلمة أو تعبير مجازي معروف في اللغة العربية كي يملأ به ربع كلمته... لكننا لم نعتد فلول الشيوعيين الذين صكوا آذاننا بأن الدين أفيون الشعوب فقهاء وعلماء أو وعاظا يذكرون بآيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وما تضمنته من أحكام، ومنها التأكيد أن لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، ولذلك نكتفي بأن نهمس في أذنه: على رسلك فإن جريدة >التجديد< سواء في هرمها المسؤول أو في العاملين فيها يوجد عاملون مكافحون سمر البشرة، وكذلك الشأن في قيادات الحركة التي تصدر الجريدة.. ومنها كاتب هذا المقال الذي يرفع يديه السمراوتين إلى الله أن يهديك وإيانا إلى الصراط المستقيم ويجنبنا شر الوشاة من أصحاب القلوب الحاقدة السوداء. محمد يتيم